الحرب العالمية الرابعة اشتعلت.. المرحلة الأولى بدأت

الحرب العالمية الرابعة اشتعلت.. المرحلة الأولى بدأت

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٢ يوليو ٢٠١٤

عادة ما تدرس الحروب العالمية على قاعدة أسبابها وأحداثها ونتائجها، وتأتي تسميتها استناداً إلى شموليتها تاريخياً. في هذه التسمية، تجاوزنا الحرب العالمية الثالثة، كونها وقعت افتراضياً، لانعدام القدرة على تنفيذها عملياً، باعتبار أدواتها العملانية، أي السلاح النووي، قد وضع على الرف موقتاً، لاستحالة استخدامه كسلاح يؤمّن أهداف الحرب الحقيقية وليست المعلنة. فأهداف القوى الاستدمارية تتلخص في الهيمنة والنهب الاقتصادي، وبالتالي يتعذر استخدام أسلحة التدمير الشامل، لتقويضها الحجر والبشر في منطقة عملياتها، وهو يمنع الاستفادة من الثروات الطبيعية التي تطمح القوى الغازية إلى استثمارها في حلقة النهب المخطط لها.
قانونياً، انتهت الحرب العالمية الثالثة، فور التوقيع على معاهدتي «سالت 1» و»سالت2» بين جباري أو قطبي الحرب الباردة. أما فعلياً فقد وضعت أوزارها جدياً بسقوط الاتحاد السوفياتي، إذ انتهى ما يسمى بالردع النووي، وزالت الاستراتيجيات المتعلقة به لمصلحة ما يسمى بالشراكة العالمية.
أما الحرب العالمية الرابعة، فبدأت إرهاصاتها عام 1990 مع خطاب بوش الأب الذي أعلن قيام نظام عالمي جديد بقيادة الولايات المتحدة الأميركية يقوم على السلام العالمي والشراكة الدولية في مواجهة الإرهاب العالمي. غير أن هذا السلوك السياسي الأخلاقي الظاهر كان يبطن السيطرة العسكرية والهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة. هذه الدولة التي لم تعرف في سلوكها التاريخي أي معنى أو مضمون لمفهوم الأخلاق. فتاريخها مستند إلى عقيدة الحرب الطويلة منذ عام 1940 وصولاً إلى استخدامها وحيدة القنابل النووية على هيروشيما وناكازاكي في اليابان، والتي قامت باجتياح بنما 1989 وقبلها غرانادا. ولم يتبدل سلوكها حتى بعد خطاب بوش نفسه، بدءاً من اجتياح تشيكوسلوفاكيا ومنطقة البلقان وصولاً إلى حرب الخليج تحت عنوان الدفاع عن سيادة الكويت عام 1991. هذه النزعة العدوانية تبلورت، وطفت على ما عداها بعد أحداث 11 أيلول، فاجتاحت أفغانستان ومن ثم العراق وبعدها في جورجيا، وتدخلت تقريباً في جميع دول أواسط آسيا المنفصلة عن الاتحاد الروسي.
إن الحرب العالمية الرابعة التي أرسى أهدافها هنري كيسنجر وأوجزها بنقطتين فقط: السيطرة الكاملة على منابع النفط والغاز، وضخ الحقد للسيطرة على الشعوب التي تحيط بمصادر القوة.
هذه الحرب التي أسمتها أميركا بـ«الحرب العادلة»، قامت على قتال عدو خارجي، كانت الولايات المتحدة قد خلقته أثناء صراعها مع الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، وشنت الحرب بما دعته الضربات الاستباقية، وهي عمليات خططت لها سابقاً تحت عنوان الحفاظ على خطوط الأمن القومي.
بعد تبدل شكل عملياتها من الحرب المباشرة إلى الحرب غير المباشرة التي تستفيد من الأدوات المحلية للصراع، كان الإعلام أهم أسلحة هذه الحرب وخصوصاً ما يتعلق بعناوين الحرب. فالاعتداء على غزة مثلاً، صار في إحدى المحطات المحلية «الحرب على «إسرائيل»». والهجوم العسكري يعتبر تدخلاً إنسانياً كما حصل في ليبيا. والغزو يصبح حماية ودفاعاً ضد الإرهاب كما سميت حرب تموز 2006. والقتل الجماعي يصبح أضراراً جانبية، تماماً مثلما حدث في مجزرتي قانا ويتكرر يومياً في غزة.
إن الحرب العالمية الرابعة قد بدأت بالفعل، ولكنها حرب تجرى على مراحل، أهمها في المسرح الوسيط التي يسمى الشرق الأوسط. ومركز قيادة الجيش الأميركي في قطر هو من يخطط العمليات الفعلية على الأرض التي تشمل المنطقة الممتدة من البحر الأبيض المتوسط إلى أفغانستان على الحدود الصينية. فالعراق وسورية ولبنان والأردن وفلسطين هي الهدف الحالي لضرب عناصر قوة الممانعة التي تقف سداً منيعاً في وجه هذه القوة الغاشمة، تمهيداً لاستكمال نظرية كيسنجر في السيطرة والهيمنة.
إن أمتنا في حالة بين الحياة والموت، والمخرج الفعلي الحقيقي يكمن في تعزيز التعاون والتنسيق وعلى كل المستويات بين القوى المقاومة لاجتياز هذه المرحلة الفاصلة في تاريخنا. إنها فعلاً معركة وجود.