مئة عام على مجازر العثمانيين بحق الأرمن المجرم أردوغان يولغ في الدم.. والعدالة الدولية تغمض أعينها

مئة عام على مجازر العثمانيين بحق الأرمن المجرم أردوغان يولغ في الدم.. والعدالة الدولية تغمض أعينها

تحليل وآراء

الخميس، ٢٤ أبريل ٢٠١٤

أبى نظام أردوغان “أحفاد العثمانيين الجدد” أن تمر الذكرى المئوية للمجزرة الأرمنية، التي راح ضحيتها ما يقارب المليون ونصف المليون شخص على أيدي سلاطين الامبراطورية العثمانية والتركية، دون أن يرتكب مجزرة جديدة بحق الشعب السوري، فاعتدى مرتزقة أردوغان على مدينة كسب وريف اللاذقية الشمالي، وارتكبوا مجزرة جديدة بحق الشعب السوري.
مئة عام مرّت ودماء الأرمن، لم تجف، لا تزال تنتظر من أحفاد القتلة الاعتراف بتاريخهم القذر في القتل وسفك الدماء ونهب ومصادرة مقدرات الشعوب وبناء الأمجاد على الجماجم، ولأن العثمانيين الجدد بزعامة أردوغان كأجدادهم القتلة فإنهم لا يوفرون فرصة للتفاخر بنسبهم وينكرون ارتكابهم مجازر إبادة جماعية توثقها الحقائق والوثائق وشهادات مئات الناجين من بطش انكشاريي “العصملية”، الذين ارتكبوا مجازر يندى لها جبين الإنسانية، والأمر ذاته يتكرر اليوم مع حكومة حزب العدالة والتنمية الإخوانية الشريكة في قتل آلاف السوريين والمصريين والليبيين من خلال دعمها المجموعات الإرهابية المتطرفة، لأن زعيم اللصوص “أردوغان” يحاول استعادة أمجاد إمبراطورية غابرة عبر دعم مشروع الإسلام السياسي، وفكره الإخواني الإجرامي، تماماً كما فعل السلطان عبد الحميد للحفاظ على ما تبقى من سلطنته البائدة.
لقد بقيت الجريمة النكراء على مدى قرن تام دون عقاب رغم فظاعة ما حدث، واقتصرت ردود الأفعال على الإدانات الخجولة، وحتى محاولة إصدار قوانين تدين هذه المجزرة، كما حدث في الجمعية الوطنية الفرنسية عام 2006، ظلت حبيسة الأدراج دون أن يكون لها أي مفاعيل على أرض الواقع بسبب الازدواجية التي يمارسها المجتمع الدولي تجاه القضايا العادلة حول العالم، فالمصالح السياسية تتقدّم وفق العقلية الأوروبية على العدالة الإنسانية.
إن ما تعرض له الشعب الأرمني على أيدي الانكشاريين القدامى من قتل وترحيل وتجويع وإبادة هو محرقة حقيقية بحقه وجريمة يندى لها جبين البشرية، إذ فاق في وحشيته وحشية جنكيز خان وتيمورلنك، ويكفي أن نذكر إحدى البرقيات الصادرة عن وزير الداخلية طلعت باشا “البرقية 603″: علمنا من مصادر موثوقة بأن أيتام الأرمن المهجرين من الذين تمّت إبادة أهلهم على طرقات سيواس معمورة العزيز خربوط ديار بكر ارزروم، تتبناهم بعض الأسر، نأمركم بجمع هؤلاء الأيتام من بيوت المسلمين وتهجيرهم إلى الصحراء. وزير الداخلية طلعت”.
آلاف الوثائق والشهادات تؤكد مقتل أكثر من مليون ونصف المليون أرمني عام 1914، وما زال الانكشاريون الجدد ينكرون ذلك ويصمون الآذان ويتشدقون بالحديث عن الحرية والديمقراطية ويتجاهلون ما وثقه المؤرخون، حيث تقول إحدى الناجيات من براثن أجداد أردوغان: “كانوا يمسكون بالنساء كالأكياس يشعلون النار بأطراف ثيابهن ويرمون بهن إلى الأسفل.. الكل يصرخ يستغيث.. عندما صرت في الداخل قفزت لأجد نفسي جريحة مرتجفة في إحدى زوايا جهنم وغبت عن الوعي.. لأصحو في اليوم التالي وأرى في الخارج كيف كانت تنتشر جثث النساء والأطفال المبقورة بطونهم”.
ويروي آرام جورجيان، الذي كان يبلغ من العمر 10 سنوات، كيف تمّ طرد العائلة نحو محطات الموت، ويقول: “كان يرافقنا أربعة إلى خمسة من الجندرمة من مدينة إلى أخرى يتم تبديلهم.. لكنهم اختفوا في هذا اليوم… حيث تمّت متابعة طردنا إلى حقل كان يجب أن ننام فيه.. وعندما بزغ الفجر استيقظنا على صرخات الخوف والاستغاثة.. قطعوا الرؤوس وبقروا البطون والذين بقوا أحياء تركوهم عراة كما ولدتهم أمهاتهم”، ويضيف، في تسجيلات وثقتها ميهران دباغ مديرة معهد بحوث التهجير وإبادة الجنس في جامعة بوخوم بألمانيا التي يحتفظ بها مع 138 شهادة أخرى أدلى بها الناجون من المذابح، “أخذوا أيضاً أخواتي الصغيرات معهم ابزوهي 14 عاماً ساروهي 15 عاماً وأمي وأنا كنا عراة تماماً.. الكل الكل عراة… وعندما عبرنا الفرات دفنا أختي الصغيرة سيرفات في الرمل.. كانت الوحيدة من عائلتنا التي استطعنا أثناء مسيرة الموت دفنها”.
وتروي صورة لصحفي ألماني محفوظة في أرشيف الفاتيكان ذكرى مذبحة الأرمن الكبرى يوم 24 التي قضى فيها حوالي مليون أرمني، حيث تصوّر أمهات أرمنيات معلقات على الصليب عاريات تمّ صلبهن أثناء الإبادة من قبل الجنود الأتراك.
والحقيقة أن النزعة الشوفينية والعنصرية بإقامة دولة تنحدر من أصول تركية كأذربيجان وتركمانستان وتركستان وقرغيزستان دفع الأرمن أو الأمة المخلصة ثمنها وذهبت أرضهم التاريخية وقتل منهم 1.5 مليون شهيد، تماماً كما حدث مع الشعب الفلسطيني الذي هجّر من أرضه وباتت أرضه التاريخية أرض الميعاد المزعومة.
وروت إحدى السيدات الأرمنيات الناجيات من المذابح، وتدعى يوفينوغ ساليبيان، إن والدها آبوش آبوشيام كان له أصدقاء أتراك تربطه معهم مصالح تجارية، الأمر الذي شفع لهم ولم يتم ترحيلهم في بادئ الأمر، إلا أنها تتذكر وهي في الثالثة من عمرها سماع صراخ وبكاء الأطفال الذين اقتيدوا حفاة الأقدام، وكان الجنود يضربونهم بالسياط لدفعهم للمغادرة، وروت ساليبيان رحلة انفصالها عن عائلتها ونقلها إلى حلب ثم دمشق فبيروت.
واليوم هناك الكثير من أحفاد أمثال ساليبان التي رفض أردوغان إلا أن يطاردهم ويقتلهم كما طارد أجداده ساليبان وعائلتها، فالضحايا هم ذاتهم والمجرمون هم ذاتهم أيضاً وما زالوا على رأس السلطة في تركيا، وهذا أمر لا يمكن الخلاص منه سوى باعتراف المجتمع الدولي والشرفاء حول العالم بالجرائم القديمة والجديدة والدعوة إلى إعادة الحقوق الأرمنية المسلوبة ومحاسبة القتلة المجرمين على ما فعلوه بحق الشعب الأرمني والسوري والفلسطيني.
وفي المحصلة إن دعم حكومة أردوغان المجموعات الإرهابية المسلحة التي ترتكب المجازر ضد السوريين هو استكمال للمجازر والجرائم بحق الأرمن، وسيسجل التاريخ وذاكرة الشعوب أردوغان إلى جانب اسم أجداده والصهاينة كأحد أكبر سفاحي العصر.