تناقضاتٌ موحشة.. بقلم: فادي برهان

تناقضاتٌ موحشة.. بقلم: فادي برهان

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٢ أبريل ٢٠١٤

دولٌ ومنظماتٌ وجماعاتٌ بأجندات مختلفة متداخلة متضادة تلعب بمصيرنا بذكاء وحنكة وخبث، ودولٌ تقوم بدورها بدهاء وغلبة ودعم. وتناقضاتٌ تحيط بنا من كل حدب وصوب وتلفنا إلى حد التيه والضياع، ودعمٌ مطلقٌ للشيء ونقيضه، وللشيء وضده وتطبيع إلى حد التنكر للوطن، وإقياء للبواطن بوقاحة وفظاظة لم يعهد لها التاريخ مثيلاً.
 وسياسات يغرق فيها من لم يدرك خبثها، ويعتقد نفسه أنه عالم بتشابكاتها العميقة التي لا يبلغ كنهها إلا من كان عتيقاً مخضرماً.
ودول ترفع شعارات وتعمل بنقيضها وتدعم الكل الذي لا يستحق وتفشل في الكثير من الميادين وعلى مستويات عدة وتصرّ على متابعة سيرها. ودعم مطلق بشعارات إنسانية لسياسيين وقادة يعملون بخلاف أدنى درجاتها، فتُضَخ لهم الأموال لإنشاء بارات روحية داخل مطابخ قصورهم الشاهقة المغرقة في الترف. ومالٌ للعمل على رفع السوية الأخلاقية لبرامج إعلامية فكاهية ضاحكة تنشر قصصاً جنسية وتستضيف عاهرات خبيرات يعملن على ترطيب الأجواء.
انفتاحٌ في أماكن لا حاجة لهم بها وتقوقعٌ لدى من هم بأمس الحاجة له وسياسات الدعم حيال المبذرين والمسرفين وتقتيرٌ إلى حد العدم حيال المستحقين والفقراء المساكين. وقضايا متناقضة يعسر فهمها حتى على الخبير.
وبحجة الوحدة والتعاون غزل سياسي لمتطرفين مجرمين امتهنوا القتل والتخريب والتدمير فقُلبت المصطلحات وأضحت الوهابية صحوةً واعتدالاً والسلفية اتزاناً والتطرف تعقّلاً مطلوباً.
فتاوى مفصلة كالملابس على مقاس الدول والجغرافية السياسية. فالتظاهرات تجب في مكان وتُحرّم في آخر والقتل يُحرّم في دولة ويُدعم في أخرى والممانعة تجب في منظمة وتُحرّم في أخرى والمقاومة تُدعم في بقعة ويُروّج للعمالة في أخرى، وخريطة تتسع على امتداد الأرض لا يدرك لها النبيه نهاية ولا البليد الأبله بداية سوى أنهم يعومون على شعارات براقة لا تملك أية ترجمة على أرض الواقع.
وأمور مشوشة تُشعر العاقل بالاشمئزاز وعواطف كاذبة تغطي غرائز نامية ومصالح نفعية، وصفقات على قدم وساق على حساب المبادئ والكرامة والتمسك بالثوابت، وتمضي الأيام والشهور والسنون كاشفة حقائق الأمور باستمرار يوحي بأن ما خفي كان أعظم وما غاب كان أدهى.
وتلغى مؤتمرات لاستغلال أرباح وإنجازات، وتصل ببعض الدول المدّعية للكرامة أنها تقترب من العمالة إلى حد خطوط التماس وتتنازل شيئاً فشيئاً عن الألِفِ لتجد نفسها قد ابتعدت عن الياء من حيث لا تدري، وتبقى أدبياتها تصدع كصدى بعيد لن نجد له آذاناً صاغية حتى من قبل مطلقيها.
وينحّى الصادق ويُهمل الشريف ويُستبعد المؤمن وتُتخذ بحقه سياسات التهميش والإبعاد ويُقرّب المنافق ويُحتضن الجاهل اللعوب ويُدعم اللص السارق المحتال.
وفي ظل كل هذا الركام السياسي المنافق، نبقى نحن في سورية أصحاب الرؤية السياسية الساطعة التي لم ينل منها تشويش أو تخريب، ويبقى خط الممانعة والمقاومة الذي أسّسناه منذ الاستقلال عام 1946م، صريحاً كالشمس في بطن السماء وكالصراط المستقيم، حيث لم نتخلَّ يوماً عن القضية الفلسطينية ولم نتوقف عن دعم المقاومة بكل ما أوتينا من قوة فنحن أول من تجرأ على كسر الصنم الصهيوني المرعب في حرب تشرين التحريرية عام 1973م، ولم نغازل الشيطان الأكبر لحظةً من الزمن، فمن كان ثابتاً وأراد الرواح إلى الله فليتبعنا، وأما من كان حماسياً ورجل صفقاتٍ وباحثاً عن مكاسب كمشعل وأتباعه فنقُل له:
لكم دينكم ولنا دين.. فلتبحثوا بجهادكم عن الحور العين...