أحرار الشام تبدل جلدها من جديد.. بقلم: ماهر الخطيب

أحرار الشام تبدل جلدها من جديد.. بقلم: ماهر الخطيب

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٦ يونيو ٢٠١٧

 في ظل التحولات القائمة على مستوى الأزمة السورية بين القوى الإقليمية والدولية الفاعلة، يبدو أن حركة "أحرار الشام" وجدت أن الوقت حان للقيام بمجموعة من التغييرات الجذرية، التي تقود إلى إبعادها عن دائرة المنظمات الإرهابية المتطرفة، لا سيما أنها كانت قد قررت البقاء بعيداً عن دائرة هيئة "تحرير الشام"، التي تعتبر جبهة "النصرة" العمود الفقري فيها، بالرغم من التحالف العسكري الذي يجمعهما في الكثير من الأماكن.

على هذا الصعيد، لم تتأخر الحركة، بعد الإعلان قبل أيام عن اعتمادها "القانون العربي الموحّد" في جميع المحاكم التابعة لها داخل الأراضي السورية، بالذهاب إلى تبني رفع علم "الثورة" بشكل رسمي، بعد نحو خمس سنوات على تأسيسها، وذلك بوضعه إلى جانب علم الحركة في الكلمات واللقاءات الرسمية، في حين كانت ترفض هذا الأمر في السابق بشكل قاطع، وهذا الأمر ظهر من خلال الكلمة الأخيرة لقائد الحركة علي العمر بمناسبة عيد الفطر، التي أكد فيها أن "الانسجام بين العمل العسكري والسياسي، بعد سنوات من الانفصام، بات ضرورة ملحّة لبناء رأس مال للثورة".

في هذا الإطار، توضح مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن الخطوات الأخيرة التي قامت بها "أحرار الشام" تأتي في سياق السعي إلى البقاء خارج دائرة التنظيمات المصنفة إرهابية، لا سيما بعد أن أدركت أن لا عودة إلى الوراء في هذا الأمر على المستوى العالمي، بل على العكس من ذلك هناك شبه إتفاق أميركي روسي، يحظى بغطاء من باقي الدول الإقليمية الفاعلة على الساحة السورية، على تركيز الجهود العسكرية على محاربة "داعش" و"النصرة"، بعد أن أصبحت الحرب على الإرهاب هي الأولوية، والدليل هو الكلام الأخير الصادر عن الرئيس الفرنسي الجديدإيمانويل ماكرون، الذي أعلن أنه لا يرى بديلاً شرعياً عن الرئيس السوري بشار الأسد.

وتشير هذه المصادر إلى أن الحركة إنطلاقاً من ذلك كانت ترفض في السابق كل الدعوات إلى الإندماج مع هيئة "تحرير الشام"، لأنها كانت تعلم بأن تغيير الإسم لن يغير النظرة إلى "النصرة" من جانب البلدان الغربية، في حين هي ليست مضطرة إلى دفع هذا الثمن، بل على العكس من ذلك تريد الإنخراط في المشروع السياسي والإنفتاح على العالم الخارجي وليس الإنغلاق على الذات في خطاب لا يقدم لها أي شيء، وهي تسعى إلى هذا الأمر عبر جناحها السياسي منذ أشهر طويلة.

بالنسبة إلى العلاقة مع "تحرير الشام"، توضح المصادر نفسها أن "أحرار الشام" لم تقطع علاقاتها معها بشكل نهائي حتى اليوم، لكنها في المقابل وقفت بوجهها في أكثر من مناسبة، لا سيما عندما حاولت في فترات سابقة الإعتداء على بعض الفصائل المعارضة الأخرى، حيث إختار معظمهم الإلتحاق بالحركة لحماية نفسه. وتلفت إلى أن "أحرار الشام" باتت تُصر اليوم على التسويق بأن ليس هناك من تقارب على المستوى الأيديولوجي ما يجمعها بـ"تحرير الشام" أو حتى على مستوى المشروع السياسي، وتعتبر أن ما يجمعهما هو تحالفات عسكرية في بعض الأماكن لا أكثر، وتشدد على أنها لا تريد الدخول في صدام مع أي جهة.

ما تقدم لا يعني، من وجهة نظر المصادر، أن الأمور ذاهبة إلى صدام مباشر بين الحركة والهيئة في وقت قريب، حيث تشدد على أن الجانبين لن يسعيا إلى ذلك بسبب توازن القوى بينهما، لكنها تؤكد أن المواجهة ستقع عندما تحدد واشنطن وموسكو موعدها، أي عندما يتم الإنتقال إلى مرحلة تنفيذ إتفاق على مناطق تخفيف التصعيد، الذي يفرض على فصائل المعارضة التي تريد الإنخراط في العمل السياسي محاربة كل من "داعش" و"النصرة".

في المحصلة، قررت "أحرار الشام" الذهاب بعيداً في تقديم أوراق إعتمادها للمشاركة في أي تسوية سياسية مقبلة على الساحة السورية، وعدم المغامرة بالإحتفاظ بخطاب متشدد يضعها في دائرة التنظيمات المتطرفة.

النشرة