فستان «مونيكا لوينسكي» من جديد.. واحتمالات التصعيد في الساحة اليمنية أكثر من السورية

فستان «مونيكا لوينسكي» من جديد.. واحتمالات التصعيد في الساحة اليمنية أكثر من السورية

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٤ أبريل ٢٠١٧

 عبد المنعم علي عيسى

من شأن كل هذا التصعيد الحاصل فيما بين واشنطن وطهران أن يكون ذا تأثير سلبي ومباشر على مسار التسوية السياسية السورية التي تمر أصلاً في هذه المرحلة بمخاض صعب يهدد بنسفها من جذورها والعودة من جديد إلى مطارحات الأعوام 2012، 2013، 2014، فطرفا التصعيد كلاهما لاعب أساسي في الملعب السوري، والأزمة التي يهدد ذلك التصعيد بحدوثها لا تبدو كأنها سحابة صيف، ومن المؤكد أنها سحابة آتية من «أربعينية» الشتاء، وهي على وشك أن تحط بحمولاتها في أعقاب تكاثف قطراتها الذي يبدو سريعاً حتى في وصوله إلى «لب» السحابة، فها هو وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون يعيد النغمة التي غابت عن الآذان منذ اتفاق فيينا 14 تموز 2015، وقال في تصريحات أطلقها في 16 نيسان الجاري: «إن الطموحات النووية الإيرانية تشكل خطراً جاثماً على العالم برمته»، تلاه على الفور قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتشكيل لجنة من الخبراء لدراسة اتفاق فيينا، سابق الذكر، في مهلة أقصاها 90 يوماً بدءاً من 20 نيسان الجاري، وفيما بينهما جاءت زيارة وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إلى الرياض في 18 نيسان الجاري في نطاق جولة تضم كلاً من مصر وقطر وإسرائيل وأفغانستان، والإناء بما فيه ينضح، ومحطات الجولة تشي بأهدافها وما يجمع المحطات هو العداء لإيران، وقد لا يكون ذلك صحيحاً بالنسبة لمصر إلا أن أي عمل يستهدف حصار طهران لا يمكن أن يكون فاعلاً من دون مصر، جرى ذلك بالتزامن مع تقرير كان قد نشرة موقع «تي.تي» الفرنسي يوم 18 الجاري وفيه وردت تفاصيل دقيقة لخطة أميركية ترمي إلى احتلال ميناء الحديدة اليمني بذريعة أن هذا الميناء الأخير يشكل الحنفية التي تملأ الكأس الحوثية بما تريده، وجميع ما سبق يشير إلى أن ساحة الكباش السعودية الإيرانية المقبلة ستكون اليمن من دون أن يعني ذلك انتهاء الكباش على الساحة السورية، إلا أن هذا الأخير ستتراجع أهميته إلى الدرجة الثانية قياساً إلى درجات «الوجع» السعودية، ومن المؤكد أن هذا التصعيد الأميركي، مرتفقاً بالتصعيد السعودي، تجاه طهران، سوف يرخي بظلاله الثقيلة على مسارات أستانا ومسارات جنيف كلها على مدار «مرحلة الدراسة» الأميركية لاتفاق فيينا، وإذا ما جاءت توصيات اللجان المختصة، ولربما كان هو الأرجح، بأن الاتفاق ضار بالمصالح العليا الأميركية ولا بديل من إلغائه أو تعديله بما يتناسب مع تلك المصالح وصولاً إلى اعتماد أي من الخيارين هو المتاح ، وكلاهما يفضيان إلى ساقية واحدة، فإن التصعيد آنذاك سيأخذ أشكالاً أخرى ويسلك مسارات أكثر حدّة وإيلاماً، وما يعزز ترجيح هذه الفرضية الأخيرة هو أن واشنطن تسعى إلى فرض حادثة «خان شيخون» في 4 نيسان الجاري، كأرضية جديدة تصلح للبناء عليها لإنتاج السياسات المقبلة تجاه الأزمة السورية، وبمعنى آخر تسعى إلى جعل تأثير تلك الحادثة ملغياً لجميع ما سبقه وهو ما تؤكده السلوكيات الأميركية بشكل عام بدءاً من الرفض الأميركي الأخير للانضمام إلى اجتماع ثلاثي عقد في طهران في 20 نيسان الجاري ويخص الأزمة السورية وصولاً إلى تصريحات ماتيس في 21 الجاري والتي جاء فيها: «لا شك إن دمشق قد احتفظت بجزء من سلاحها الكيميائي».
قد يكون غريباً ما ذهب إليه ترامب أخيراً سواء أكان ذلك في علاقته مع أنقرة أو مع دول الخليج وتحديداً السعودية التي كانت تتحسب لتلابيب «جاستا» أما الأولى فقد كانت قد ملّت البطاقات الحمراء التي يرفعها الحكم الأميركي بوجه المطالب التركية وخصوصاً منها ما كان في الشأن السوري لنرى ترامب يهنئ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بفوزه في الاستفتاء الأخير ولتعود العلاقة الأميركية الخليجية إلى سابق عهدها ولا تشوبها إشكالات كانت قد تكاثرت وخصوصاً في ولاية باراك أوباما الثانية والسؤال الذي يبرز هنا هو: لماذا؟
للإجابة عن هذا السؤال لابد لنا من التذكير بأن دونالد ترامب قد دخل إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني الماضي على متن صراعه الذي وعد بأن يطوّره عندما سيمسك بعصا السلطة مع المؤسسة الحاكمة الأميركية بمؤسستيها الكبيرتين البنتاغون وCIA بما فيه المجمع الصناعي الحربي ولطالما ظهرت العديد من علائم ذلك الصراع خلال الـ100 يوم الأولى من حكم ترامب قبل أن يعلن الأخير استسلامه في مطار الشعيرات السوري في 7 نيسان الجاري وفي أتون ذلك كان لابد من استخدام جبهات في مواجهة جبهات أخرى انطلاقاً من النزعة الهجومية الصارخة التي يعتمدها الرئيس الأميركي الحالي وعليه فقد تقرر، كما يبدو، التهدئة على جبهات الخليج وتركيا ومصر، بل استخدام مقدرات هؤلاء لمواجهة إيران وسورية وحزب الله، ناهيك عن وجود سبب آخر كان من القوة ما أدى سريعاً إلى رفع الشارات البيض وهو ما يتمثل بقضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية الأخيرة التي جرت في 8 تشرن الثاني 2016 والتي أوصلت ترامب إلى السلطة حيث تشكل عملية تتالي فصولها التي كان آخرها استماع لجان الكونغرس لشهادات من CIA وFBI في 21 نيسان الجاري فيما يخص تلك المسألة سيفاً ذا حدين مسلطاً على عنق ترامب وإدارته، بينما التصعيد أو التهدئة في هذا الملف يرتبط بالأداء الذي يمارسه ترامب وهل هو مصر على «مناكفة» المؤسسة الحاكمة تمهيداً لإدخال تعديلات على عملها أم إن هذا الأمر قد أصبح وراء الظهر الترامبي؟
مرة أخرى يعود «فستان مونيكا لوينسكي» إلى الواجهة في مواجهة رئيس أميركي جديد غير بيل كلينتون (1994- 2001)، وهو بصورة «عباءة» روسيا، قيل إن ارتداءها كان يمس بالمصلحة الأميركية العليا، ولسوف تتطور فصول التحقيق لاحقاً بوتيرة أعلى للسبب نفسه الذي جعل من لوينسكي تحتفظ بفستانها مدة ثلاثة أشهر من دون غسيل.
بتنا اليوم على أعتاب مرحلة أخرى جديدة وهي مختلفة عن تلك التي سادت ما بعد الاتفاق الكيميائي السوري في 14 أيلول 2013، أما الاحتمالات فهي مفتوحة على الكثير على حين الراجح أن يزداد الثقلان الإسرائيلي والأردني في مقبل المراحل في محاولة لاستخدام أوراق أخرى لتلك التي تم استخدامها انطلاقاً من الشمال والشرق السوريين.