تصعيد حلف ترامب، إلى أين؟.. بقلم: قاسم عز الدين

تصعيد حلف ترامب، إلى أين؟.. بقلم: قاسم عز الدين

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٤ فبراير ٢٠١٧

التصعيد الذي ينحو إليه حلف دونالد ترامب مع تركيا والسعودية وإسرائيل، ربما يراهن على تغيير المعادلات الميدانية في سوريا وموازين المنطقة. وقد ينجح التصعيد بتعطيل مسار أستانة وجنيف من جديد، لكن الحلف أضعف من الذهاب أبعد من ذلك.

قد ترسو إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على محاولة إثبات وجود صاخب في الأزمة السورية، مخرجاً لأزماتها الأخرى التي تتخبط فيها داخل أميركا وخارجها. فما وعد به ترامب "لاستعادة عظمة أميركا" يصطدم بحقائق صلبة تتجاوز الرغبات الشعبوية، وقد لا يبقى متاحاً له أكثر من زيادة الرعاية الأميركية لإسرائيل. وهو الملف الوحيد الذي يحظى بشبه إجماع في أميركا بقطع النظر عن اعتراضات بعض أطراف الطبقة السياسية على صياغة هذه الجملة أو تلك العبارة.

حجر الزاوية في رعاية أميركا لإسرائيل، هو ما يسمى حماية أمنها القومي سواء في توسّع الاحتلال والمستوطنات كما يطالب نتنياهو أم في مواجهة إيران ومحاولة منعها من تشكيل تهديد "إرهابي" لإسرائيل بحسب ترامب. وفي هذا المحور الأساس تتقاطع إسرائيل مع السعودية التي تتهم إيران بتوسّع النفوذ ودعم الارهاب، كما توحّدت المساعي الضغط على إدارة باراك أوباما لشنّ الحرب على إيران أو لعدم توقيع الاتفاق النووي.

ولا يبدو بمقدور ترامب أن يقدّم لإسرائيل فعلياً أكثر مما قدّمته الإدارة الأميركية عملياً، على الرغم من الخطاب الإعلامي والسياسي الصاخب بشأن ما يسمى "حل الدولتين" ونقل السفارة إلى القدس. لكنه قد ينجح بتعزيز تقاطع المصالح ضد إيران وتسريع الخطى في إنشاء شكل من أشكال التحالف العربي ــ الإسرائيلي تحت عباءة أميركية، كما يسعى صهر ترامب "جاريد كوشنير" في ما يسميه ترامب "على نسق حلف شمالي الأطلسي".

لكن أنقرة هي حصان المراهنة الأميركية ــ الإسرائيلية ــ السعودية في هذا الشكل من الحلف لمواجهة إيران، من الميدان السوري. فالرئيس التركي الذي اضطرته أزمة عجزه عن توسّع النفوذ في إنشاء "منطقة آمنة"، ذهب مرغماً بالأمر الواقع إلى التفاهم مع موسكو. ولم يكن لديه خيار آخر وقت أدارت واشنطن له الظهر لخشيتها من التورّط على الأرض. ومن المستبعد أن يتورّط ترامب أكثر من تورّط أوباما سوى بحدود ما وصفه وزير الدفاع التركي "بتقدّم طفيف". وهو احتمال الاتفاق على خوض عملية مشتركة في الرقة، بحسب تقديرات مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في موسكو "سيمون باغداساروف" الذي اهتم بتحليل لقاءات مدير المخابرات الأميركية في أنقرة "مايك بومبيو" ولقاءات رئيس هيئة الأركان العامة "جوزيف دانفورد".

إعلان المخابرات الأميركية "سي آي إي" عن تعليق مساعدات "الجيش الحر" بالسلاح والعتاد والرواتب، يوحي بأن خطة عسكرية جديدة قد توضع موضع التنفيذ بناء على طلب ترامب إلى قيادة جيوشه "إعداد خطة" للقضاء على "داعش". وقد تكون الخطة الجديدة بمشاركة "درع الفرات"، كما ألمح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في ميونيخ بشأن "مناطق آمنة نديرها معاً". وفي هذا السياق يصرّح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن استعداد السعودية ودول خليجية أخرى للمشاركة بقوات خاصة "إلى جانب الولايات المتحدة لتحرير مناطق من "داعش" وعدم وقوعها في قبضة حزب الله وإيران". وهذا التصريح يتضمّن تمويل السعودية لتكاليف هذه المناطق، التي يقدّرها الرئيس السابق لهيئة الأركان "مارتن ديمبسي" بحوالى مليار دولار شهرياً. بينما تسعى الإمارات من جهتها إلى استقطاب وتمويل قوات أحمد الجربا، بحثاً عن نفوذ خاص إلى جانب تركيا والسعودية.

ما أن تلفّظ ترامب بعبارة "مناطق آمنة"، عادت أنقرة القهقرى إلى ما قبل التفاهم الروسي ــ التركي في التراجع عن مسار أستانة وفي العودة إلى حلم الحديقة الخلفية في سوريا. وإلى جانب أنقرة اعتقدت السعودية بمجيء الفرج الذي انتظرته برحيل باراك أوباما، للتدخّل المباشر "إلى جانب التحالف الدولي" في الشمال السوري وفي جنوب سوريا على الحدود مع الأردن حتى الحدود العراقية ــ الأردنية. لكن التصعيد التركي عن مساري أستانة وجنيف، يوقف العمل بالتفاهم الروسي ــ التركي في التزام تركيا بفصل النصرة عن "المجموعات المعتدلة" ويوقف العمل أيضاً بالموافقة الروسية على نصيب قوات "درع الفرات" في مدينة الباب حتى بعد دخولها. لكنه يعيد الكرة إلى الملعب الأميركي كما علقت عنها إدارة أوباما. وهي أن خيار واشنطن "للمناطق الآمنة" يجرّها إلى توفير مستلزمات تورّط القوات الأميركية في القتال على الأرض وفي الغطاء الجوي وحظر الطيران السوري والروسي. وما لم يكن في متناول يد أوباما ليس بوسع ترامب المتضعضع القوى أن يغيّره، لكنه إذا مضى في هذا السبيل قد يكون القشّة التي تقصم ظهر البعير نحو خروجه من الحكم إلى حال سبيله.

المصدر: الميادين نت