معارضة يائسة إلى مؤتمر الطاولة المخملية .. بقلم: علي مخلوف

معارضة يائسة إلى مؤتمر الطاولة المخملية .. بقلم: علي مخلوف

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٤ فبراير ٢٠١٧

 يستمر مسلسل الجنيفيات الطويل وكأنه مسلسل تركي بسيناريو هزيل، جنيف 4 لا يعُول عليه كثيراً، بسبب انقسام في المعارضات المتكاثرة كبيض حشرات في مستنقع راكد، كل منها يريد أكبر قطعة من الكعكة ويقصي الآخر باسم الحدث عن "ثورة" وتمثيلها بمنصات ما أنزل الله لها من سلطان.

وبالتزامن مع جنيف تشتعل أرض المعارك في الجنوب والشمال، "جند أقصى وداعش وجيش خالد بن الوليد وميليشيا الجيش الحر"... الخ كلها تنغمس في حرب حصاد بعضها البعض، فيما لم تُشرك المعارضة الداخلية.
المبعوث الأممي إلى سورية سيافان ديمستورا لم يتوقع الكثير من هذا المؤتمر، والتبرير هو انتظار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حتى تدعم ركائزها.
اللافت فيما يُحكى عن جنيف هذا بأنه يأتي مع تقلص سيطرة الجماعات المسلحة على الجغرافيا، وبحسب مراقبين غربيين فإن مساحة سيطرة هؤلاء تقلصت إلى 13% فقط، قد يفسر هذا الأمر هرولة الجماعات المسلحة نحو التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار.
أيضاً ما يميز هذا المؤتمر هو اندماج وفد ما تُسمى بـ"المعارضة" بين الهيئة العليا للمفاوضات والائتلاف وممثلين عن الميليشيات المسلحة، فيما تبقى منصتي موسكو والقاهرة كيتيمين لم تثبت هوية مشاركتهما، لا سيما وأن الهيئة العليا للمفاوضات تصر على أنها الممثل الوحيد للمعارضة وترفض وجود أي كيان آخر يحمل اسم معارضة أيضاً، بل تقترح أن أي منصات أو كيانات معارضة تريد المشاركة في جنيف عليها أن تشارك بصفة مستشارين وخبراء أو مراقبين، ما يعني إقصاءً كاملاً لأي معارضة داخلية تحمل طابعاً سياسياً لا عسكرياً ولا إسلاموياً، إضافةً لاستبعاد منصات معارضة أخرى كمنصتي استانة وبيروت، وهو بحد ذاته شرخ أو حجر عثرة يقف في التوصل إلى مخرجات إيجابية من المؤتمر.
وعلى الرغم من عدم التفاؤل بجنيف، كونه حلقة جديدة من مسلسل طويل، إلا أنه الأول من نوعه لأنه يتزامن مع تقدم نوعي للجيش العربي السوري في الميدان، مع تقهقر للجماعات المسلحة وتقلص مساحات سيطرتها، وسير قطار التسويات والمصالحات بسرعة كبيرة، هناك مصالحة سرغايا، وتقدم للجيش في تدمر، وحديث عن مفاوضات لمصالحات في برزة والقابون بما يمهد تشديد الإطباق على إرهابيي ميليشيا جيش الإسلام وفيلق الرحمن في الغوطة وزيادة تأمين العاصمة وضواحيها.
فضلاً عن مطالبة المتحدث باسم وفد الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط  بعقد مفاوضات مباشرة مع وفد الحكومة السورية، وهو أمر لم تكن المعارضة لتفعله فيما مضى، حيث كانت تقتصر المفاوضات على وسطاء بين الوفدين، وهذا بحد ذاته تطور يؤكد مدى تراجع زخم تلك المعارضة.
المعارضة تزعم بأن الحكومة السورية لا تذهب لجنيف من أجل التفاوض بل من أجل كسب الوقت فقط، وفي تلك المزاعم دليل على عدم جدواها، إذ أن الجماعات المسلحة هي من تتقلص مساحات سيطرتها، وهي من تعيش أيام التشرذم والاقتتال، وهي أيضاً من تلفظها بيئاتها الحاضنة التي تطالب بعقد تسويات ومصالحات مع الدولة بعد ست سنوات عجاف من  الأوهام، كسب الوقت الذي ادعاه المسلط قد يكون فقط في استكمال الجيش العربي السوري لتقدمه في مختلف المناطق، بحيث قد تصل مساحات سيطرة الإرهابيين إلى أقل من 13% لذلك فإن المعارضة تحاول القيام بخطوات استباقية منعاً لهذا السيناريو المميت، ولعل هذا ما يبرر رغبة الهيئة العليا للمفاوضات بلقاء مباشر مع وفد الحكومة السورية.
وحتى نهاية جنيف تبقى على الأرض وقع خطوات جلجلية، جند الإباء صاحوا ويل لمن دنسوا الأرض السورية، فارس يلوّح بيديه أنا المعير لله جمجمتي فداءً للهوية، الجيش العربي السوري يعزف الأوركسترا الملحمية.. يا وطن قمْ كما قام المسيح واخلع حصون الخيانة كما اقُتلعت حصون خيبر بالزنود الحيدرية.
عاجل الاخبارية