إرث باراك أوباما الوحيد.. بقلم: فيكتور ديفز هانسون

إرث باراك أوباما الوحيد.. بقلم: فيكتور ديفز هانسون

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٧ سبتمبر ٢٠١٦

وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما، في آخر رحلاته الآسيوية، الأميركيين ( الذين يعدون أكثر العمال إنتاجية في العالم)، بأنهم «كسالى». وفي الحقيقة، ذهب أوباما للسخرية من الأميركيين تبعاً لقائمة من التجاوزات المفترضة، والتي تندرج بدءاً من الحرب في فيتنام، والتدنيس البيئي، وصولاً إلى المعاهدة المتعلقة بالسكان الأصليين خلال القرن التاسع عشر.
وقال الرئيس الأميركي: «لو كنت في أميركا، فإنك قد تشعر أحياناً بالكسل، وتعتقد أننا كبار للغاية، وأنه ليس من الضروري أن نعرف أي شيء عن الآخرين».
لقد كان الهجوم على الأميركيين، الذين من المفترض أنهم متعصبون، غريباً نوعاً ما، بالنظر إلى أن أوباما نفسه لا يتقن أية لغات أجنبية، وغالباً ما يبدو مشوشاً بشأن جيولوجيا العالم الأساسية. (فمكان ولادته في هاواي، وليس آسيا، وسكان النمسا لا يتحدثون اللغة النمساوية، كما أن جزر فوكلاند ليست جزر المالديف).
وقبل الانتخابات التمهيدية في ولاية بنسلفانيا عام 2008، للفوز بالمنصب للمرة الثانية، تلفظ أوباما بزلات اللسان، ورجع لفكرته الرئيسية التي تفيد بأن الأميركيين الجهلاء، إلى حد نموذجي، أصبحوا عنصريين ويعانون من رهاب الأجانب. قائلاً: «عادة، عندما يشعر الناس بالضغط فإنهم يحاولون تغيير الآخرين الذين لا يشبهونهم».
(لكن كلمة -عادة- ليست كلمة جيدة لاستخدامها في سياق العلاقات العرقية، بالنظر إلى أنه أطلق على جدته، في إحدى المرات، مصطلح – شخص أبيض نموذجي).
وغالبا ما أثار أوباما، ودون مبرر، العداءات العرقية من خلال خطاباته الملتهبة، مثل «لنعاقب أعداءنا»، أو زج نفسه وسط خلافات ساخنة مثل قضية تريفون مارتن، واعتذاره للبروفيسور في جامعة «هارفارد» هنري لويس غيتس، وموقفه بالنسبة إلى شعار «أرفعوا أيديكم ولا تطلقوا النار» في مدينة فيرغسون، ميسوري، وهي عبارة كانت موجهة ضد عنف قوات الشرطة.
وفي الآونة الأخيرة، بدى أن أوباما قد أشاد بصاحب المليارات كولن كايبرنيك لرفضه الوقوف أثناء عزف النشيد الوطني، والتأكيد على ادعاءات كايبرينك على العنصرية الأميركية المستوطنة.
ويبدو أن أوباما يميل بشكل أكبر إلى اليسار، على أمل إيجاد إرث تقدمي خطابي، وذلك بدلا من أي إنجاز تشريعي أو في السياسة الخارجية. وعلى ما يبدو، فإن ما تبقى من وعد أوباما بتغيير البلاد «بشكل جذري» يتمثل بتحويل الرئاسة إلى منبر حاد.
حتى أن المرشحة الرئاسية الحالية، ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون لا تؤيد بشكل حقيقي، الآن، سياسة «الخط الأحمر» السابقة في سوريا، التابعة لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، ولا «مراجعة العلاقات» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو مأساة بنغازي، ولا حتى الاسم الجديد للتطرف باعتباره مجرد تطرف عنيف، أو الانسحاب المفاجئ من العراق ( والانهيار الذي تلاه)، أو الاتفاق النووي الإيراني.
يبدو أن الاقتصاد الأميركي الذي سجل نمواً بطيئاً خلال 8 سنوات، فضلا عن تسجيل ديون عامة، ناهيك عن معدلات فائدة تصل إلى الصفر لسنوات متتالية، لا تعتبر جزءاً كبيراً من إرث أوباما.
تبدو الصلات العرقية سيئة في هذه البلاد، على غرار ما كانت عليه خلال نصف قرن مضى. وبالنظر إلى فضيحة هيلاري كلينتون من حيث استخدام خادم بريدي غير آمن لإرسال رسائل إلكترونية من أجل إجراء الاتصالات الرسمية لوزارة الخارجية، وتسييس مصلحة الضرائب، والعبث في وزارة شؤون المحاربين القدامى، والتشويش الأخلاقي الأخير في مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل بشأن تعديات كلينتون، فإن أوباما لم يتمكن من الايفاء بوعوده بإيجاد حكومة شفافة وفعالة وصادقة.
وباتباع نموذج كلينتون، فإن أوباما ما بعد الرئاسة سيكسب بلا شك مالا كثيرا بصفته «مواطن العالم»، بحيث يؤمن الدائرة التي يصبح من خلالها غنياً جداً بينما يوجه انتقادات حادة للمشهد الثقافي للغرب الرأسمالي، وذلك حول كل شيء بدءاً بالجدل الرياضي ووصولا إلى المحاكمات الجنائية العالقة.
حينها، ما هي ماهية إرث أوباما الرئاسي. لن يتم العثور عليه سواء في منجزات السياسة الخارجية أو الوطنية. وعلى نحو مرجح إلى حد ما، سينظر إليه بأنه شخص تقدمي صريح، ترك المنصب الرئاسي بالطريقة ذاتها التي تسلمه بها، أي كناقد للثقافة والبلد التي ساهم في ازدهارهما.
ولكن قد يكون هنالك إرث آخر غير محكي لأوباما، وهو إيجاده ترشيح دونالد ترامب. إذ يترشح الأخير باعتباره شعبوياً غاضباً، يدفعه وعد بأنه مهما كانت الأمور، المفترضة، التي أنجزها النخب في البلاد، كباراك أوباما، فإنه لن يفعل ذلك على الأغلب.
يبدو أن إرث أوباما الوحيد هو «الأمل والتغيير»، و«جعل أميركا بلداً عظيماً مجدداً».