أينما وُجِدت أبدع!.. بقلم: سامر يحيى

أينما وُجِدت أبدع!.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الأحد، ٢٤ يوليو ٢٠١٦

لئن فخرت بآباءٍ لهم شرفٌ   
                       لقد صدقت، وأيضاً نعم ما ولدوا
هؤلاء هم أبناء سورية، أحفاد تاريخٍ حافلٍ من الحضارات المتعاقبة، والأوردة التي تغذّيها، بشتّى مراحله وتطوّراته، بنهضاته وانتكاساته، الذين ينطلقون من الحاضر الراهن، مستندين إلى الماضي العريق، لبناء المستقبل المزهر، مانحين الدروس والعبر للآخرين، لأنّه صنع أيدينا رغم محاربة الكثيرين لنا، ومن بينهم من حملوا شرف لقب "مواطن عربي سوري" ولم يكونوا أهلاً لهذا اللقب.
إن المستقبل الذي سيبنيه أبناء سوريتنا، يبدأ من الأمس، ويستمر اليوم، ليستكمل في المستقبل الذي هو الغد الآتي، وهذا لن يتم إلا بالتكاتف وتضافر الجهود، والتخلص من الانتهازية والنفاق والازدواجية، وتطبيق كل منا ما يؤمن به من أفكار، وما ينصح الآخرين به، بالإيمان بوطننا وقدسية ترابه، وواجبنا تجاهه، كل ضمن إمكانياته وظروفه ووضعه، ما دمنا كلنا نستنشق هواءه، ولو كنا بعيدين عنه يعيش في فؤاد المقيم والمغترب على حدٍّ سواء، لأنّ المغترب لم يشعر أحنّ ولا مستقر أفضل من وطنه الأم مهما تغرّب، وحتى بعض من حقد على الوطن بسبب خطأ بعض أبنائه، أو نتيجة تضليل أو التبعية للآخر، يعترف ضمناً إن لم يكن علناً بأن سوريتنا كانت وستبقى رغم كل شيء المثال الحي في العطاء والكرامة والحيوية والنشاط والإبداع. 
هذه سورية التاريخ والحضارة، تحتاج منا الاستفادة من خبراتها الطويلة لكي نقيّم خطواتنا من دون استثناء، لبناء المستقبل.
باتت الأبواب مفتوحة لتغييرات كثيرة في العالم بشكلٍ عام، ومنطقتنا بشكلٍ خاص، ولا سيّما أن سوريتنا كان لها الدور الأكبر في التغيير الإيجابي لمصلحة البشرية جمعاء، ولها الدور الكبير في توضيح معنى الإرهاب، وفضح الدول التي تدّعي مكافحته، بينما هي الممول والموجّه والكثير من أبنائها هم قادة الإرهاب في العالم، كما اتضحت الصورة للكثيرين عن الحقد الأعمى وتشويه الأديان والحقائق، إلا من "أغلق أذنيه عن سماع الحق ورؤية الحقائق" وعدم اكتراث البعض ممن يعملون في مؤسسات الدولة بالقيام بواجباتهم لسد الثغرات التي سمحت للمؤامرة والأعداء بأن يتسللوا لتدمير واستنزاف خيرات بلدنا، إضافةً إلى ذلك بات لدينا مجلس شعب جديد، عليه الاضطلاع بدوره الحقيقي في تمثيل الشعب من دون استثناء، ودور كل عضو فيه نقل معاناة أبناء منطقته ومحافظته، وبالتالي يتم النقاش والاستفادة من آراء الأعضاء من المناطق الأخرى بما يشمل الاستفادة منها لسائر تراب الجمهورية العربية السورية المقدّس، بغض النظر عن موقفنا الشخصي من هذا العضو أو ذاك، فهو تحت قبة البرلمان يمثل كل مواطنٍ عربي سوري، وينقل كل همومه ومشاكله، ويقترح الحلول والأفكار التي تساهم في استكمال البناء والإعمار ومنع الاستنزاف لخيرات بلدنا، لكنّه الأبرع والأكثر مصداقية في نقل هموم منطقته وأبناء حيّه ومحافظته... كما لدينا حكومة جديدة ستعرض برنامجها الوزاري قريباً على مجلس الشعب من أجل النقاش والحوار وإعطاء الثقة، مستفيدة من أخطاء وثغرات الحكومات السابقة جميعها، وتوطيد وتطوير الإيجابيات، بما يساهم بلمس المواطن آثار هذه الخطوات وما تقوم به على أرض الواقع، بعيداً عن التنظير والورقيات، والتسويف، وتشجيع المواطن ليكون عوناً للحكومة في بناء الوطن.
فلنغيّر نحن المواطنين كل من مكانه، من أسلوب نقدنا لهذه الحكومة ولعمل ما سبقها، نغيّر آليات تعاملنا مع بلدنا، مع حكومتنا، مع مؤسساتنا، مع بعضنا، نحب بعضنا ونؤمن بقدسية الإنسان السوري أياً كان، وبذلك نستطيع تضييق الفجوة على الفساد والإرهاب، وإظهار عمل الشرفاء والوطنيين وهم الأغلبية، لأن المستقبل نحن من نبنيه بسواعدنا عندما نبدأ اليوم بالاستفادة من أخطاء الأمس، ففي المستقبل قبل عدة سنوات قلنا سوف وسوف، جاء المستقبل وصار حاضراً ثم صار ماضياً، وبقينا ننشد المستقبل الذي لم يأتِ بعد، لكن هذا وقته وأوانه، نعالج المرض اليوم، ليشفى المريض، لا نحارب المريض بحجة علاج المرض، ولا نترك المرض، بحجة الوقت غير مناسب لشفاء المريض، وعلاج المرض لن يكون إلا بتشخيص المريض لمعرفة المرض وأسبابه وتداعياته، واختيار الدواء الأنسب للوصول للشفاء الأسرع، ضمن الإمكانيات المتاحة، والوضع الملائم..
وهنا لا بد من الاستعانة أولاً بنفسية المريض من أجل تسريع عملية الشفاء، فإيمان المريض يسرّع عملية الشفاء، ومن ثم نستعين بالفواكه والعصائر لتساعد على الشفاء، ومن ثم الدواء الذي يصفه الطبيب، والدواء هو الأفكار والعمل الجاد من كل منا، فالمغتربون في كل مكان هم جزء من الدواء عبر الاستفادة من أفكارهم وآرائهم، ودعمهم لاقتصاد بلدهم، بالكثير من المجالات ولاسيما توضيح الصورة الحقيقية للوطن وتشجيع الاستثمارات والسياحة واستخدام المنتجات السورية في المغتربات، وغيرها الكثير.
الدواء أيضاً هو عبر إعادة تفعيل دور المدرّس بدءاً من المرحلة الابتدائية وصولاً للدراسات العليا، بمن فيهم القائمون على العمل التربوي من الإداريين والفنيين.. وكذلك رجال الدين في دروسهم وعظاتهم وخطبهم.... 
الدواء هو بتغيير نظر المسؤول لمنصبه على أنّه تكليفٌ لخدمة المواطن، مهما كان هذا المواطن "كثير الطلبات ولن يرضيه شيء"  أو أياً كان توجهه، فدور ذلك المسؤول أو الموظف الحكومي خدمة المواطن وتحقيق متطلباته، أو تفسير وجهة نظره بطريقة منطقية مقنعة وحقيقية، ليكون المسؤول والمواطن متعاونين في اقتراح الحلول الأنسب للتنمية وتحقيق أهداف المؤسسة والمواطن بآنٍ معاً.
المستقبل هو أن نبدأ الآن، فكل لحظة تذهب منا هي خسارة، وكل وقت يمر من دون استثمار هو استنزاف لخيرات بلدنا ومواردنا المادية والبشرية، المستقبل هو اللحظة التي نبدأ بها الآن لكي ننطلق ببنائه، والوصول للأهداف التي نطمح إليها جميعاً، في تطهير سوريتنا من الفساد والإرهاب والتكاسل وتحميل المسؤولية للآخر من دون وعي وإدراك وتفكير، أو عن قصد وتعمّد وتهرّب من المسؤولية.