أين علماء الآثار العرب؟.. بقلم: هنادة الحصري

أين علماء الآثار العرب؟.. بقلم: هنادة الحصري

تحليل وآراء

الأحد، ١ مايو ٢٠١٦

نعيش نحن العرب بغياب حضاري تام ورغبة مأساوية في الهرب باتجاه الماضي تفتيشاً عن العقلانية والتقدم والهوية ليس بهدف التحرك صوب الأمام والاستفادة من خبرات ماضية، لكن محاولة للتأقلم مع العصر بإيحاء كاذب ومشاعر عدوانية.
لم يكن العنف جديداً على منظومتنا الفكرية، فقد كان أول عنف وقع في الأرض هو عنف ذكوري بين ابني آدم عندما قتل الأخ أخاه، و بدأت مسيرة العنف حيث كان سببها عدم الرضى بالقسمة والتخطي إلى شهوة الذات.
 و تتالت أحداث القهر العربي لتبرز إسرائيل كإشكالية كبيرة في صميم الجسد العربي، فهي لا تتوقف عن ممارساتها العنفية تجاه فلسطين وأبنائها وأراضيها، فمن حرق للأراضي بهدف إقامة المستوطنات إلى تجويع يستوجب تسول الفلسطيني للهيئات الأممية لدرء غائلة العوز... و ... إلخ
كل هذا لهدف أساسي و هو القضاء على كل أثر تاريخي فلسطيني وتحويله إلى لا شيء، لتطويع تاريخها وفق قراءتها التوراتية والاستعمارية، هذا عن إسرائيل و منظومتها التي تهدف إلى محو كل تراث حضاري فلسطيني و لكنها ليست وحدها.. لقد برز تنظيم "داعش" الذي نتابع إجهازه بالمطارق والبلطات والمناشير الكهربائية بيد رجاله و كأنهم بهذا الفتك المقصود والمصور يهدفون لتصيد المزيد من الشهرة البربرية والتي باتت مدعاة للاستثمار الإعلامي.
أما أن يمتد العنف والفتك ليطول تاريخنا، فهذا لعمري شيء يدمي أن نرى التاريخ يندثر، وكأن بينهم وبين الأمم المندثرة ثأراً قديماً .. هل هو الخوف من الموتى و إنجازاتهم؟ صحيح أن الآثار ليست أغلى من النفس البشرية التي خلقها الله و كرمها، و لكن أليس من المؤلم هدم تماثيل عمرها آلاف السنين بوحشية قاتلة و كأننا نعيش حقبة ما قبل الحضارة؟!
أسواق حلب القديمة، متحف الموصل الذي سرق منه أكثر مما هدم و كان الهدف هو بيع ما بقي فيه بالملايين و كله يهرب الى أمريكا، نينوى و ثيرانها المجنحة، ثمانية آلاف كتاب ومخطوط ووثائق نادرة أحرقت في مكتبة الموصل، مقبرة النبي يونس كل هذا يعني كارثة ثقافية وخسارة علمية تتعرض لها المنطقة العربية و الحكام العرب في صمت مطبق، هذه الآثار التي يتمنى الغرب لو كانت عندهم لجعلوا منها مزارات للسياح تدر أموالاً  طائلة.. والعرب تدمر حضارتهم بدل أن تستغل لتنشيط سياحتهم و رفع المستوى الاقتصادي لأبنائهم!....
إن نظرة متعمقة في حدائق فرساي التي تذهل الأبصار بهندستها والكوليزيوم بضخامته وروعة بنائه توضح لنا كيف أن الغرب استوحى كل هذه الكنوز من أجدادنا و ... و... إلخ.
السؤال الذي يطرح نفسه هل هو حقد من الغرب على أناس شيّدوا حضارةً، فهل في هدمهم شفاء لغليلهم؟ أم إنهم بهذا يهدفون لإلغاء تجاربهم الإنسانية، وبهذا لن يستفيدوا منها؟!
أين علماء الآثار العرب؟ ألا يستطيعون أن يحركوا الرأي العام ضد هذه الوحشية القاتلة بهدف إبادة التاريخ العربي؟!.