طويلة يا سكة النائمين!!.. بقلم: د. إسماعيل مروة

طويلة يا سكة النائمين!!.. بقلم: د. إسماعيل مروة

تحليل وآراء

الاثنين، ٣٠ نوفمبر ٢٠١٥

السؤال الأكثر تداولاً منذ خمس سنوات إلا ثلاثة أشهر متى تنتهي؟ فما من محلل سياسي إلا وسأله الإعلامي النحرير هذا السؤال، وهو يعلم أن المحلل لا يملك جواباً، وأنه طلبه وهو يلعب النرد في أحد مقاهي دمشق ليكون ضيفاً له! وكذلك لا يعلم أن هذا المحلل الذي هبط من المحل الأرفع لا حول له ولا قوة إلا أنه مستنصب بنفسه وبغيره، فهو ليس أكثر من نكرة، لكنه يرى أن الوقت وقته، ومحتضنوه يرون أن يقدموا له الفائدة التي لا يمكن أن يأخذها في حال اعتدلت المعايير، واستعادت الدولة قوتها وأرادت البناء!
وكل واحد يسأل عن النهاية يبتسم ابتسامة الخبث والدالة على المعرفة، ويبدأ يرعى ويزبد كما لو أنه عاد قبل ساعات من لقاء بريجنسكي وكيسنجر معاً! فهذا يحدد شهراً، وذلك ثلاثة أشهر أو يزيد، وآخر يضع حداً بعيداً لا يمكن أن يحاسب عليه، لأن المشاهد والمستمع ينسيانه في غمرة ما يجري.
عدد قليل من الناس الذين قرؤوا التاريخ جيداً سمعتهم يقولون: طويلة، لكننا سنستيقظ لنجد الأمور قد أخذت مجراها، وبدأت بالاعتدال رويداً رويداً.. لم تكن المنظمات المتطرفة قد ظهرت على الساحة، ولم يكن الشيشاني والجورجي والتونسي والليبي قد ظهر على الساحة مع السوري الذي ملك التطرف! لم يكن أي شيء من هذا قد ظهر، فما أعظم المحللين السياسيين الذين لا يصلحون لشيء عندما تشدقوا بقوة الإنسان والبلد، وعندما حددوا سيناريوهات ليس بينها أي واحد وصل إلى ربع ربعه تخميناً!
استفاد من الأزمة من استفاد، تربع في مواقع هنا أو هناك من تربع، مسحت الأرض بمن مسحت به، لأنه لم يكن أكثر من ممسحة لحظية أخذت نصيبها من فوائد دم الأزمة ورحلت.
والآن وبعد أن قاربت الأزمة على السنوات الخمس يعود السؤال ملحاً: متى تنتهي؟
أجرؤ أن أقول: قد تنتهي بأي لحظة، لكنها ممتدة وطويلة أكثر مما يتخيل الجميع، وأزعم أننا سنرحل عن هذه الدنيا، وقد يرحل أبناؤنا من دون أن يروا نتيجة تذكر، ومن دون أن يدركوا خط النهاية!!
العفن المتراكم أسوأ من الأزمة ذاتها، المستفيدون من الأزمة في الداخل والخارج أخطر على البلد من الأزمة ذاتها، التحالفات التي تعقد والصفقات التي نعرف والتي لا نعرف ستكون أعمق أثراً من كل رحلة القتل المستعرة منذ سنوات خمس! إحساس أحدنا بطبيعية الموت، وعدم اكتراثه لرحيل الأحبة أخطر من الأزمة! عجز أحدنا عن الحب، وعن منح الحب لمن يستحق لا يمكن أن يدرك أثره!
إن ما جرى يا سيدي أعمق بكثير من الظاهر، خاصة لمن قرأ التاريخ جيداً، ويجيد قراءة الحاضر والتأمل فيه حتى لينطبق عليه قول أبي الدرداء "ازدد علماً تزدد ألماً"!
عندما يتجرأ من في الداخل على البلد والمدائن، ويرى مسؤول أن الأزمة تعفيه من النقد، ولكنها لا تمنعه من حلب البقرة وهي تلفظ أنفاسها ماذا يمكن أن يجري؟! عندما لا يسمح مسؤول من الدرجة العاشرة بكلمة حق، ويحاول جهده لشراء صاحبها أو كتم صوته ماذا ننتظر؟!
قد يقول قائل هذا ديدن المسؤولين وأسلوب النقاد للوصول إلى غاياتهم، أسلّم معه بصحة قوله، ولكن أسأل: ماذا ينتظرنا إذا كان أحدهم يتحدث ويشتم ويرفض، ويعترف بأنه لم يقرأ ولم يطلع على الأمر الذي يتحدث فيه ماذا نقول؟ عندما يتم تصنيفك وأنت الشريك المقاوم المنتظر لموت مرتقب حتى لا أقول محتم ماذا يكون رد فعلك؟!
إن الأزمة أو الحرب أو المسألة العربية اليوم لها عمر طويل طويل، ربما ليستبدل قوماً غيرنا، وربما أكثر من ذلك بكثير، فلا تستمعوا المحللين والأخبار، وانتظروا أخبارهم وإنجازاتهم فقط!!