"أنا من تدمر وسأبقى فيها حتى لو قتلوني" .. بقلم: غسان يوسف

"أنا من تدمر وسأبقى فيها حتى لو قتلوني" .. بقلم: غسان يوسف

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢ سبتمبر ٢٠١٥

كم كانت كلمات الشهيد خالد الأسعد مؤثرة عندما نُقل عنه أنه رفض الخروج من تدمر عند احتلالها من عصابات داعش قائلاً: "أنا من تدمر وسأبقى فيها حتى لو قتلوني"!
 إقدام عصابات داعش الإرهابية على قطع رأس العالم الجليل خالد الأسعد (82 عاماً) المدير السابق للآثار والمتاحف منذ عام 1963 حتى عام 2003، في ساحة في تدمر أمام عشرات الأشخاص، هو قطع لرأس الحضارة السورية القديمة الممتدة لآلاف السنين!
الفعل الشنيع هذا يحمل أمرين لا ثالث لهما:
الأول: إن هذه العصابات مكلفة مهمة القضاء على الحضارة السورية القديمة كما حضارة العراق!
الثاني: إن الإسلام كدين أصبح بنظر العالم أجمع دين القتل والإجرام والدم، كما يشتهي الغرب، حيث وضع المجرمون لوحة تحت الجثة تتهم المغدور بأنه “المرتد خالد محمد الأسعد”.
يقول مأمون عبد الكريم مدير الآثار والمتاحف في سورية: "إن داعش أعدمت أحد أهم الخبراء في عالم الآثار.. خالد كان يتحدث ويقرأ اللغة التدمرية القديمة وكنا نستعين به لدى استعادة التماثيل المسروقة لمعرفة ما إذا كانت أصلية أم مزورة"
الشيء المريب: إن من يتباكون على مدينة تدمر لم يفعلوا شيئاً عندما سيطرت داعش على آثار المدينة التي تُعرف باسم “لؤلؤة الصحراء” وتشتهر بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها، والتي يرجع تاريخها إلى 2000 سنة وهي مدرجة ضمن قائمة منظمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، وقد ازدهرت كمحطة للقوافل التجارية على طريق الحرير.
الشيء الآخر: هو خطورة استمرار وجود "هؤلاء المجرمين" في هذه المدينة، ما يُشكل لعنة ونذير شؤم لتدمر وكل القطع الأثرية الموجودة فيها والتي بدأت داعش بتدمير كمعبد بعل شمين.. إلخ
استشهاد الأسعد قد يكون رغم المأساة نبه العالم إلى خطورة ما يحدث في سورية، فقد نكست متاحف إيطاليا جميعها الأعلام حداداً على استشهاد العالم الكبير الذي ربما لا يعرفه الكثير في العالم العربي! حتى إن وزير الثقافة والسياحة الإيطالي داريو فرانشيسكيني أشاد بتغريدة له على تويتر بخطوة بييرو فاسينو عمدة تورينو الذي اتخذ مبادرة تنكيس الأعلام في بلديته وأمر هذا الوزير بتنكيس الأعلام في كل المتاحف والمراكز الثقافية التابعة للدولة الإيطالية تكريماً لخالد الأسعد".
أما رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي فقد جعل من احتفالات حزبه الديمقراطي في ذلك اليوم تكريماً لخالد الأسعد"، داعياً إلى عدم "الاستسلام إلى الهمجية أبداً".
أما انتقادات منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو" وباريس وواشنطن، لإعدام "داعش" للأسعد، فلم تكن إلا إدانات بروتوكولية.
رحم الله الأسعد وأعطى أولاده الصحة والعافية الذين قرروا إكمال دربه، وعزاؤنا لسورية والعالم أن للأسعد تلامذة سيمشون على خطاه!