الكتابة على الماء.. بقلم: د. عبد الرزاق المؤنس

الكتابة على الماء.. بقلم: د. عبد الرزاق المؤنس

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢ سبتمبر ٢٠١٥

على مساحة الوطن العربي وخصوصاً في المنطقة المسماة إذلالاً (الشرق الأوسط)، وحتى ضمن الغمرات الحارة للأزمة الفتنة التي تعصف بسورية الشام طغت انفعالات واستغلالات لها وعليها، وغلبت المعالجات الكلامية السطحية الصاخبة أو المتملقة التي لا يشم منها ما ينبغي من تضحيات كل بحسب كفاءاته واستعداداته في واقع الخدمة المنشودة لإطفاء هذه الفتنة؛ فالجيش العربي السوري يجاهد بأمثلة مذهلة بما يبدعه من أفكار قتالية موفقة لدفع شرور الهمج المعتدين مع ما يُرخصه من غال ونفيس وأرواح مهما قست ظروف البيئة والحرارة وقسوة الأرض، وإلى مقابلة ظهرت فئات ممن يقاتلون بالندوات والتصريحات والتحليلات وتفتيقات الكلام حتى إذا ما انتهت الندوة أو الحوار أو الكتابة رجع كل إلى ليلاه وهواه، وكأنه في وطن عَذْبِ المحيا والمذاق لا شرر فيه ولا ضرار، وماذا يفيد في ردع العصابات الإجرامية والمفسدين ومَن وراءهم من دول الاستكبار المنافقة المجرمة الغادرة من هذه الإعدادات التي لم تحرقها لواعج الآلام وهموم الوطن والمواطن في مائه وكهربائه وطعامه وتنقلاته وسكناه وحِله وترحاله، وكذلك في تغير فرص عمله التي فقدها هذا وذاك أو انتقل من مناخها إن لم نكن نحن جميعاً في اهتمام وتأثر وقدرة على تقديم أية معونة مشهودة في الواقع والإنسان وفق المستطاع وخصوصاً تجاه الفئة الأكثر تألماً وضرراً من ويلات الفتنة وهم الأطفال والنساء!.. بل ظهرت – مع الأسف والحسرة- على مفارق معالجة هذه الأزمة بشريات نوعية في انتكاستها لا ضمير لها ولا قلب ولا إحساس، تاجرت بمصائر أبنائها وإخوتها السوريين المفجوعين باستغلال المعونات الصحية والغذائية والمالية، واستربحت على أمثلة الإضرار للاستئجارات وأسواق العمل والضيافة في مراكز الإيواء، بل وصل الاستغلال لمظان الحرج الذي وقعت فيه القيم الخلقية!!..، وكل هؤلاء يزعمون أنهم رعاة غيورون على مصلحة سورية والمصلحة العامة، وعلى الأعمال الخيرية بل ظهر من استغل ما يُسمى المصالحات والتوفيق بين الأطراف أو الطرفين، وأخطرهم من كان في الخفاء؛ إما أنه ينسق مع تجار الأزمة ومَن يدعون أنهم موالون وهم في الخفاء مع المعارضة الباغية الغادرة!، ويبقى الوطن وتبقى سورية الشام المرثاة المسكينة وهي تحت نفاقيات هؤلاء ومطامع أولئك بل حتى التشخيص الديني قد أرهق واستبدّ به وفيه، زعماً أننا ننصح لله ولرسوله، ومثاله الواضح في مفاتي العصابات الإرهابية المسلحة وما استباحوه من قتل ونهب وسلب؛ فمن الذي تصدى لهم فعلاً وحقاً وإنتاجاً ليلتقي مع عظائم الإنتاج والبطولات المشرفة للجيش السوري، ولنكون من خلفه المصداقية التي تستعصي على أي مجاملات أو نفاقيات أو مداهنات أو معاصي، تبطئ سبل الانفراج؟، ولعلنا في قلب الحقيقة المصيرية السورية لا نبالغ ونحن نعيش في وطن يحظى بكرامات وحقوق وقوانين ونظام قل مثيله في الدول المتقدمة، يرعى به، ويتحمل به، ويحقق به رعايات متعددة اللزوم لمواطنيه، ويتوافر على برامجه ومشاريعه من أسباب الطمأنينة والاستقرار ما لا يحتاج إلى المزيد؛ اللهم إلا في صدق أداء المسؤولية والتكليف لدى كل مؤتمن عليها، ومن صلح إيمانه صلحت أمانته، ومن عرف ربه أخلص لأرضه وخَلْقه ولوطنه.