مئة يوم عمل...؟؟؟.. بقلم: سامر يحيى

مئة يوم عمل...؟؟؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

السبت، ٢٣ مايو ٢٠١٥

ليس مجرّد شعار وهمي، إنما هي الفترة الحقيقية التي يستطيع الشخص خلالها الإلمام الكافي بالمهام الملقاة على عاتقه مهما كانت جمّة وصعبة وجديدة عليه، حيث يتمكّن خلالها الاطلاع على أسس العمل وخط سير من قبله، واكتساب المعرفة لتطبيق أفكاره بالتعاون مع كافة العاملين بالمؤسسة، ليبدأ بالعمل الجاد البعيد عن التنظير، المستند للواقع على الأرض، ليلمس الجمهور نتائج عمله، بعيداً عن تنظير المنظّرين وإطراء المنافقين، وشتم الحاسدين والحاقدين.
نعم هذه المئة يوم ــ التي للأسف نتجاهلها في بلداننا العربية ـ ولاسيّما سوريتنا، تحتاج أن نعيد التفكير بها، ولاسيّما الأغلبية العظمى من مسؤولينا مرت عليهم عشرات المئة يوم وهم في سدة المسؤولية ما يفترض بأنهم قد توصّلوا للأفكار والاقتراحات التي تساهم بإيجاد الحلول لكافة المشاكل العالقة، وإيجاد الطرق المناسبة لسد الفجوة القائمة بين المؤسسات الحكومية والمواطن، ولاسيّما أن هذا المسؤول المفترض ألا يكون بعيداً عن الواقع، فعلى الأقل لديه جوار أو أقارب أو أصدقاء يمكن الاستئناس برأيهم ومعرفة ردود فعلهم بعيداً عن المدح والذم والحقد والنفاق...
ومهما كان المسؤول قادراً على العطاء، فهو فاشل إن لم يستطع تفعيل عمل مؤسسته، وكسر الفجوة بينها وبين جمهورها الداخلي والخارجي، فلا يمكن لمسؤول فعل شيء منفرداً مهما كان قادراً، وإلا لما سميت مؤسسة، لأن الأساس هو تفاعل وتعاون وتعاضد كافة العاملين فيها من دون استثناء، وكل منهم له دوره، ويشكل جزءاً أساسياً من دائرة النجاح في المؤسسة، وفي حال فشل أي منهم سيؤدي لفشل المؤسسة بالكامل، فأهم ما يجب أن يقوم به كل مسؤول مهما كانت درجة مسؤوليته الابتعاد عن المنافقين والانتهازيين، وتوسيع دائرة اتخاذ القرار والنقاش للنهوض معاً بالمؤسسة، والوصول لجمهورها، فلا يكفي أن أعرف أنا ما أقوم به أن لم يلمسه الجمهور على أرض الواقع، فمهما كان عملك لا يحتاج لاحتكاك المواطن إلا أنه يجب أن تكون له انعكاساته على أرض الواقع.. لأن سبب وجودك في سدّة المسؤولية هو تلبية متطلّبات المواطن، وهذه هي أولى الفوائد التي يتم جنيها من المئة يوم لكونها كافية لإعطاء الصورة الكافية للانطلاق بهمة عالية لتحقيق طموحات المؤسسة.
الآن الحديث الموجّه للجميع من دون استثناء، موظف أو مسؤول ما الفائدة التي حقّقتها خلال وجودك في عملك، هل باتت لديك القدرة على إيجاد الحلول للمشاكل القائمة، بعيداً عن التحدّيات والمعوقات التي يحمّلها كل منا سبب تقصيره وتقاعسه عن أداء واجبه، وبعيداً عن الحجج التي تقول "لا يمكن إرضاء الشعب" فهذا المسؤول أو الموظف وُجِد من أجل تلبية مصالح هذا الشعب، وواجبه العمل لتحقيق أهداف مؤسسته وتضييق الفجوة بينها وبين الشعب، الذي هو السبب الرئيسي والوحيد لوجوده، لأن دوره الأساس هو تضييق الفجوة بين الحكومة والمواطن، والوصول لكل مواطن لتحقيق الأهداف الطموحة للجميع، المؤسسة والوطن وبالتالي المواطن، فمن الخطأ بل العار لأي مسؤول أن يدّعي بأنّه يعمل ويتعب ولا يجد الوقت ليرى زوجته وأولاده أو يتصرّف لأموره الشخصية، وبنفس الوقت لم يتمكّن من إيجاد الوسيلة التي توضح ما قام به على أرض الواقع، لأنّه يوجد خطأ ما فلذلك لم يشعر به المواطن مما يتطلّب البحث عن هذا الخطأ وإيجاد الحلول له.. فإذا افترضنا أن خمس عشرة بالمئة من الجمهور غير مستعد لتقبل أي تطوّر مهما كان هذا التطوّر مفيداً، لأنّ لديه تكبّراً أو حقداً دفيناً على من يقوم بالتطوّر، ولا يمكن تغيير وجهة نظره بأي ثمن كان، فالحقد قد ملأ قلبه، ولدينا الخمس عشرة بالمئة التي تعيش بالشكل اللا مبالي ولا يهمّها شيء وغير مستعدة لتقبّل شيء نتيجة الجهل وعدم الاكتراث وعدم حتى الرغبة الداخلية بالتفاؤل بل التشاؤم مهما كان النور قوياً..... لكن لدينا السبعين بالمئة من الجمهور يجب على كل مسؤول الوصول إليهم، وتلبية طلباتهم، وإقناعهم بالتعاون معه للوصول للحلول الأفضل والإمكانيات الأجدى لتحقيق أفضل النتائج.. ومع الزمن يتم تقليص الفئتين السابقتين، نتيجة العمل الذي يساهم برفع الوعي وتنشئة أبناء المجتمع بالتعاون والعمل والبناء والتشاركية، وعدم التفكير البعيد عن المنطق المستند لأخذ معلومة من هنا ومعلومة من هناك والتأثر بها وإطلاق الأحكام بعيداً حتى عن التدقيق والبعض منهم ينظّر في مسألة يكاد لا يعرف عنها سوى ما قيل له من فلان..
نعم بعد مئات أيام كثيرة مررنا بها، بات علينا الجلوس مع النفس قليلاً، ومن ثم الجلوس مع المستشارين والاختصاصيين والمسؤولين والحاشية والعاملين في المؤسسة بكل مفاصلها واختصاصاتها، لنقاش ما تم إنجازه والصعوبات لإيجاد الحلول لها، والإيجابيات للاستفادة منها وتطويرها للأفضل، بعيداً عن وضع أيّة حجج أو تبريرات لا منطقية.. لإرضاء الذات..
لا أحد يستطيع أن ينكر أنه رغم التقصير والكثير من الجهود التي لم يقم بها المسؤولون، هناك الكثير من الجهود والأعمال الإيجابية التي قاموا بها، وإن كانت هذه الأعمال طبيعة روتينية فلا يمكن لمسؤول ألا يعمل شيئاً إيجابياً بالمطلق مهما كان سلبياً، لكن حتى هذا الجزء الإيجابي لم يتمكّن من إيصاله لجمهوره بل نسفه من جذوره بسبب التناقض بين حديث المسؤول وبعض ما يلمسه المواطن على أرض الواقع، وكذلك التناقض بين ما تبثه وسيلة الإعلام الوطنية من حديث على لسان المسؤول، ومن ثم النقد الذي نراه في نفس القناة ما ينسف كل الإيجابيات، ويؤدي للتشاؤم، بدلاً من التكامل بين الحكومة والإعلام الوطني، الذي يجب أن يكون صلة الوصل بين الحكومة والمواطن، تظهر إيجابيات الحكومة ليتمكن المواطن من لمسها على أرض الواقع، واقتراح الحلول الممكنة انطلاقاً من الواقع المعيش والإمكانات المتاحة، بما يضيق الفجوة بين المواطن والحكومة، وتحقيق الانتقال من مرحلة إلى أخرى، فدور وسيلة الإعلام الوطنية تنشئة الوعي العام وإيصال الأفكار والمعلومات، وليس التشويه والمديح والنقد غير البناء أو الحديث غير المجدي لأهداف أو حجج وتبريرات كالجرأة والحرية متناسين الفرق بين الجرأة والحرية وبين الوقاحة والاستكانة..
نعم سوريتنا تحتاج جهد كل منا، ولكن ليس بالتنظير والكلام، ولا عبر كل واحد منا يعتبر نفسه الأفضل وينظّر وغير مستعد لتقبل الآخر أياً كان هذا الآخر....... ولو سلّط من يتناول الفساد والانتقاد في كل أحاديثه جزءاً من حديثه للعاملين بشرف ووطنية، لكان أجدى ولأيقظ الضمير الحي لدى الجميع، ويساهم بفعالية بمكافحة الفساد والمفسدين وأكثر جدوى من الحديث عن فضح الفساد الذي لم نجد له نتائج حقيقية وفشل التجارب السابقة، بما يتطلب من كل منا إعادة النظر بدوره، ودراسة كل ما يقدّمه بشكل إيجابي.