هل العرب عالة على الكوكب الأرضي؟؟..بقلم: إيفلين المصطفى

هل العرب عالة على الكوكب الأرضي؟؟..بقلم: إيفلين المصطفى

تحليل وآراء

السبت، ٢٣ مايو ٢٠١٥

Evlism86@gmail.com
منذ فترة ليست بالبعيدة كنت أصغي لبعض المناقشات والحوارات التي تحاكي واقع الإنسان في العالم، في إحدى تلك المناقشات طرح سؤال: ما الذي يقدمه العرب لمجتمعاتهم أولاً وللعالم ثانياً؟ فكان رد أحد المشاركين أنهم يقدمون القتل بعدة أنواع وبطرق مختلفة.. هذه الصورة التي يكونها العالم عن المجتمعات العربية دفعتني لأكتب مقالة أسأل من خلالها هل أصبحنا كعرب عالة على الكوكب الأرضي بعد أن كان العرب يفاخرون بعلمائهم ومفكريهم ومخترعيهم في العالم..
بالطبع سوء السمعة الذي أصاب المجتمعات العربية أخذاً معه الصالح بالطالح لذلك أصبح من الضروري التفكير والعمل جدياً لتحسين هذه السمعة بالطبع ليس عبر البروباغندا المزيفة وإنما يتوجب أن يتم العمل عليها بشكل عملي وواقعي ملموس من خلال إيلاء اهتمام أكبر للمبدعين والبنائين الجدد من العرب وهنا حتما لا أقصد من يقومون بتشييد القصور والأبراج والمولات والمجمعات التجارية إنما أقصد البنائين الجدد أصحاب الأفكار الخلاقة والطاقات الايجابية الذين يعملون بصمت ويغوصون في أعماق النفس البشرية ويقدمون لنا فلسفة في التكوين الفكري تلامس تفاصيل حياتنا وإنسانيتنا وتأملنا بالأسباب التي أودت بنا إلى ما نحن عليه كمجتمعات عربية لا تلقى سوى الرفض والتعامل بفوقية من قبل المجتمعات الغربية التي لا أقول إنها حضارية أكثر من حضارة العرب لكنها وللأسف استطاعت بذكائها وقوتها أن تفرض ثقافة بين مواطنيها قائمة على الانشغال بالعمل واحترام إنسانية الإنسان كصورة إجمالية وللإنصاف بالطبع فإن المجتمعات الغربية لا تخلو من مظاهر غير إنسانية لكن ما يميزها عن مجتمعاتنا أنها لا تخفيها وتحاكم المسيء في مجتمعاتها مهما كان شأنه.
وكي لا أبتعد عن محور الفكرة التي أردت الحديث عنها أود أن أتحاور مع القارئ هل برأيه أن المجتمعات العربية مجتمعات منتجة وإن كانت مجتمعات منتجة فما  الإنتاج أو الاختراع الذي قدمه العرب للعالم وكان لهم الفضل في خدمة البشرية؟ ربما يجيبني أحد ما أن العرب قدموا في السابق اختراعات للبشرية وعلاجات مهمة في مجال الطب والصحة، أما اليوم نتيجة التآمر عليهم فلم يعودوا كما كانوا في السابق.. ربما هذا الجواب فيه جزء من الصواب لكنه بالطبع يحمل جزءاً من المغالطات لأن المجتمعات العربية اعتادت أن تكون مجتمعات استهلاكية، تستهلك وتستورد كل شيء يصدر إليها فلم تعد قادرة على التمسك بهويتها وأصالتها وأصبحت كمن أضاع البوصلة وتاه عن الطريق وتحولت بأنماطها المعيشية تعتمد بشكل كبير على النمط الاستهلاكي، ومن النادر جداً أن تسمع عن وادٍ للسيلكون في دولة عربية أو تسمع باسم مخترع حاز على تقدير واهتمام في مجتمعه حتى إنه يرفض العروض التي تقدم إليه من الخارج لأن بلده منحه مالا يمكن لبلد آخر أن يمنحه إياه.
للأسف فإن أردنا التمعن بالمجتمعات العربية على الصعيد الإعلامي والثقافي نجد أن العرب حققوا شهرة في برامج المواهب الغنائية وأنفقوا ما يمكن أن يعلموا به أجيالاً من الأطفال محرومة من التعليم بسبب الاضطرابات التي تشهدها المنطقة العربية، أما على الصعيد الاقتصادي فنجد أن العرب أيضاً تحولوا في أغلبيتهم إلى موظفين يعتمدون نتيجة السياسات الاقتصادية على ما يعرف بالاقتصاد الريعي القائم على مبدأ التوظيف ومنح دخل للعامل ليتحولوا بذلك إلى مجرد آلات تعمل من دون تفكير ومن دون إبداع إضافة لاعتماده على الاستثمار في قطاعات غير إنتاجية فنجد أغلبية المستثمرين العرب يستثمرون في قطاع المنشآت السياحية خاصة منها منشآت الإطعام والفنادق والمجمعات التجارية للتسوق والترفيه ونادراً ما نجد استثمارات في العلوم والأبحاث والطب والتعليم. وهذا ما يجعل الاقتصاد العالمي متفوقاً على الاقتصاد العربي بمستويات عالية وخاصة أن المجتمعات الغربية تحاكي في سياساتها الاقتصادية الجوانب الإبداعية والبشرية وتسير وفق ثورات صناعية وتكنولوجية قادرة على فرض سيطرتها على العالم، وإذا ما قارنا رقمياً إجمالي ما ينتجه العالم العربي مقابل ما ينتجه العالم الغربي لوجدنا أن العالم العربي بمجمله ينتج 2% مقارنة بـ8% مما ينتجه العالم الغربي، لنجد أن ما ينتجه العالم الغربي يتم استهلاكه من قبل المجتمعات العربية.
وهنا أعيد التساؤل: هل العرب عالة على الكوكب الأرضي؟؟ ماذا لو أن العالم لا يوجد فيه عرب؟ هل كانت البشرية ستعاني من انعدام وجود ما أطلق عليهم يوماً ظاهرة صوتية؟
أضع هذه التساؤلات ليس من باب الحكم على التاريخ العربي وليس من باب إنكار حضارة العرب وإنما هي دعوة للتفكر بضرورة تحسين سمعتنا كشعوب عربية وكأجيال شبابية يتوجب علينا التمتع بثقافة الحياة والسعي لمجتمع عربي بناء قادر على خدمة البشرية والإنسانية والتوقف عن سياسة الأخذ من دون مقابل، فقوانين الكون تؤكد أن المجتمعات التي تستهلك ولا تنتج فانية وقابلة للزوال بشكل أكبر من المجتمعات التي تعمل وتنتج وتخدم نفسها وغيرها.