بلاد الكرة تبكي تاريخها: ألمانيا تدمر البرازيل بسباعية وتحول حلمها إلى أفظع كابوس

بلاد الكرة تبكي تاريخها: ألمانيا تدمر البرازيل بسباعية وتحول حلمها إلى أفظع كابوس

كأس العالم 2014

الأربعاء، ٩ يوليو ٢٠١٤

سيذكر تاريخ كرة القدم، بالتأكيد، يوم الثامن من شهر يوليو/ تموز لعام 2014 طويلاً، طويلاً جداً، فما حدث في ملعب "مينيراو" في مدينة بيلو هوريزونتي في قلب البرازيل في نصف نهائي مونديال 2014 لم يحدث، وربما لن يحدث، في تاريخ اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
وحدها دموع الجماهير البرازيلية التي بدأت منذ الدقيقة 23 بعد الهدف الألماني الثاني وحتى الدقيقة 90 ودموع لاعبي "السيليساو" وتحديداً ديفيد لويز في نهاية المباراة تختصر المشهد.
فما حدث في هذا اليوم يصعب تصديقه أو استيعابه وبالتأكيد سيحتاج أياماً لا بل شهوراً لتحليل ما حصل فيه. يكفي القول أن هذا اليوم شهد انهيار تاريخ الكرة البرازيلية العظيمة، كرة بيليه وزيكو ورونالدو وريفالدو وأين؟ في أرضهم وبين جماهيرهم وفي خضمّ الحلم الذي كانوا يعيشونه برفع الكأس السادسة وتعويض خيبة نهائي عام 1950 بالخسارة في نهائي المونديال أمام الأوروغواي في ملعب "ماراكانا" لتأتي هذه الهزيمة المزلزلة والتي لم يكن أحد في العالم برمته ليتوقعها لتجعل البرازيليين يتحسرون على يوم سقطوا فيه أمام جيرانهم الأوروغويانيين إزاء يوم حُطموا فيه تماماً أمام الألمان وتعلموا درساً لن ينسوه إلى أمد طويل جداً، حيث تلقوا أقسى خسارة في تاريخهم والأقسى على أرضهم والأقسى لمنتخب في نصف نهائي المونديال، حتى أن القول بأن نيمار وتياغو سيلفا كانا غائبين لم يعد يجدي نفعاً، بل يمكن القول أن مشاعر البرازيليين في كل لحظة كان منتخبهم يتلقى فيها هدفاً ألمانياً كانت تزداد لوعة وألماً وبالتأكيد حسرة على عدم الخروج أمام تشيلي أو كولومبيا لتفادي هذا الإحراج التاريخي في مونديالهم.
في المقابل، فإن ما فعله لاعبو ألمانيا في هذا اليوم لا يمكن تصديقه وبالتأكيد سيدرسه النقاد والمحللون طويلاً لمنتخب تحدى كل هذا الضغط الجماهيري في نصف نهائي المونديال مقدماً كرة لم تشهدها اللعبة في تاريخها. كل شيء قدمه الألمان من اللعب الساحر في بلاد السحرة، إلى الإنضباط التكتيكي العالي إلى القوة البدنية إلى الضغط العالي إلى الكرة الهجومية الرائعة إلى الإستحواذ إلى اللعب الجماعي والمهارة الفردية.
تكفي الأهداف السبعة التي سجلها الألمان لتأكيد ذلك، إذ إنها كانت متنوعة الطرق والأشكال من الركلات الثابتة عبر الهدف الأول الذي تابعه توماس مولر من ركنية في الشباك (11) إلى الجمل الفنية الرائعة عبر أهداف ميروسلاف كلوزه (23) الذي دخل التاريخ كأفضل هداف في المونديال وطوني كروس (26) وسامي خضيرة (29) وأندريه شورلي (69) إلى التسديدات الرائعة كما في هدفي كروس الأول (24) وشورلي الأخير (79). علماً أن الألمان لوا أرادوا زيادة الغلة لفعلوا في الشوط الثاني إلا أنهم لعبوا بهدوء وأخرجوا أهم عناصرهم للراحة واقتصدوا في المجهود لادخاره إلى المباراة النهائية التي ضمنوها منذ منتصف الشوط الأول، وهذا الإستسهال في الدقائق الأخيرة أتاح للبرازيليين فرصة تسجيل هدفهم اليتيم في الدقيقة الأخيرة عبر أوسكار عقب إضاعة مسعود أوزيل لهدف محقق كاد يجعل النتيجة 8-0.
وبطبيعة الحال فإن كل الإشادات سيوجهها الألمان، والعالم معهم، لهؤلاء اللاعبين وكذلك لحارسهم الرائع مانويل نوير الذي أبعد كرات خيالية في الشوط الثاني لما قدموه في هذه الأمسية وقبلهم للمدرب يواكيم لوف الذي هزم لويز فيليبي سكولاري تماماً وجعل نهايته وخيمة بالكامل.
بالأمس كانت صافرات الإستهجان من الجماهير البرازيلية للاعبيها وتصفيقها في المقابل للألمان على أرضها كافية لاختصار هذا اليوم التاريخي الذي أبكى بلداً كان قبل هذه المباراة موطناً لكرة القدم ومنبع سحرها... ليغدو بعدها مجرد ذكرى.