لا تقدّم في المفاوضات والوفد السوري يقدّم مشروع بيان لمكافحة الإرهاب..«جنيفـ ـ 2» يختتم أعماله اليوم وتحضيرات لـ«جنيف ـ 3»

لا تقدّم في المفاوضات والوفد السوري يقدّم مشروع بيان لمكافحة الإرهاب..«جنيفـ ـ 2» يختتم أعماله اليوم وتحضيرات لـ«جنيف ـ 3»

مؤتمر جنيف 2

الجمعة، ٣١ يناير ٢٠١٤

تسعة أيام، شخصت خلالها الأعين الى سويسرا التي استضافت عاصمتها المؤتمر الدولي الخاص بسورية «جنيف ـ 2». مؤتمر لم يفض بصورته الكلية الى إحداث خرق في جدار الازمة التي تعيشها البلاد منذ ثلاثة أعوام، لكنه كان مدخلا لجولة محادثات جديدة تنطلق في العاشر أو الحادي عشر من شهر شباط المقبل، باتت تعرف من الان بـ»جنيف ـ 3»، قد تكون بداية لحلول ناجعة.
«جنيف ـ 2»، أو مؤتمر كسر الجليد، كان بداية للقاءات هي الاولى من نوعها بين وفدي الحكومة السورية و«الائتلاف»، ورغم إصرار الطرفين على ثوابتهما، بمكافحة الارهاب أو تشكيل «هيئة حكم انتقالية»، من دون التوصل الى أرضية مشتركة بعيداً عن الخلافات، الا أن هذا الحراك السياسي كان كافياً لازالة العوامل النفسية المترتبة على اللّقاء الأول بين أعضاء الوفدين.
هذا المؤتمر الذي يختتم أعماله اليوم الجمعة، حفلت أيامه بكثير من المفارقات بين الوفدين المشاركين. ففي حين ظهر الوفد السوري في أول إطلالة دولية له بعد سنوات من الحصار و التعتيم الاعلامي المفروض، قويا متماسكاً ومتسلحاً بخطاب إعلامي و سياسي قوي وواضح، بدا وفد «الائتلاف» متفككاً ضعيفاً، متراجعاً في خطابه الاعلامي أمام الوفد السوري، تتقاذفه التوجيهات الصادرة عن روبرت فورد السفير الأميركي السابق في دمشق.
وقد اقتصرت أعمال يوم أمس من مباحثات المؤتمرعلى جلسة صباحية استمرت لثلاث ساعات، قدم خلالها الوفد السوري مشروع بيان حول مكافحة الارهاب تضمن أربع نقاط:
1ــ العمل بشكل جدي ووثيق وفوري لمكافحة الإرهاب وملاحقة التنظيمات الإرهابية المسلحة في سورية ووضع الآليات التنفيذية لتحقيق هذا الهدف.
2 ــ دعوة الدول إلى تحمل مسؤولياتها والتزاماتها لوضع حد لتجنيد الإرهابيين والامتناع عن تسليحهم أو تدريبهم أو إيوائهم أو توفير ملاذات آمنة لهم ووقف التحريض الاعلامي لتبرير ودعم تلك الاعمال.
3 ــ تبادل المعلومات الامنية المتعلقة بتحركات الإرهابيين وشبكاتهم ووثائق سفرهم والإتجار بالأسلحة والمتفجرات.
4 ــ أن تعمل دول الجوار لسورية لضبط حدودها بشكل فعال لوقف تدفق الارهابيين والاسلحة.
وقد استند مشروع البيان، إلى قرارات مجلس الأمن الدولي 1276 و1373التي تؤكد ضرورة التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب والتصدي له بكل الوسائل. وطالب مشروع البيان المجتمعين بتأكيد التزامهم الكامل بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها ورفض أي شكل من أشكال التدخل المباشر أو غير المباشر في شؤونها الداخلية وأن محاربة التنظيمات الإرهابية وطردها خارج سورية هدف وواجب كل سوري.
المتحدث باسم وفد «الائتلاف» لؤي صافي أكد رفض مشروع البيان، متهماً «النظام السوري» بأنه «يصعّد من القتل في سورية». وقال في مؤتمر صحافي أن هناك «خلافاً كبيراً بيننا وبين النظام حول جنيف وبنوده» مضيفاً «أنه لا يمكن المضي في النقاط الأمنية باتفاق «جنيف ـ 1» قبل إنهاء موضوع الهيئة الانتقالية».
الصافي قال إن «النظام يريد ان يبدأ اولا بملف العنف، وقد تحدثنا اليوم حول هذا الملف، ولكن هذه الطريقة هي عكس التسلسل الحقيقي». وأضاف «انه من الضروري إنشاء هيئة انتقالية توقف العنف وليس العكس كما يريد الوفد الحكومي»، معتبراً أن «النظام يريد وضع العربة أمام الحصان، فالعربة هي النقاط العديدة في بيان جنيف مثل وقف اطلاق النار والافراج عن المعتقلين وفك الحصار، أما الحصان فهو تشكيل الهيئة الحاكمة الانتقالية، اذ لا يمكن المضي قدما بهذه النقاط من دون ان تكون هناك هيئة حاكمة وطنية تملك ارادة تنفيذ نقلة سياسية من الاستبداد الى الديمقراطية ومستعدة لتنفيذ هذه النقاط».
وأضاف صافي قائلاً «لن ننسحب من «جنيف ـ 2» قبل ان يقدم الاخضر الابراهيمي تقريره.. ولم يحصل هناك تقدم في الجولة الاولى التي ستنتهي غدا الجمعة بسبب تعنت النظام ومحاولة تهربه من إطار «جنيف ـ 1» ، وسيتم بحث الهيئة الانتقالية خلال الجولة الثانية».
يأتي ذلك بعد وقت قصيرعلى إعلان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن المفاوضات حققت تقدماً وستستأنف في شباط المقبل، مؤكداً أن المفاوضات في جنيف ستتوقف الجمعة، ليتمكن وفدا الحكومة والمعارضة من العودة الى مقريهما لإبلاغ قيادة الطرفين بسير الحوار، مضيفا في الوقت نفسه أن موعد استئناف الحوار لم يتم تحديده بعد.
و أكد نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، أن ارتباط بعض أطراف المعارضة مع حكومات مثل السعودية وتركيا وأميركا يعرقل الوصول إلى حل سياسي ووقف سفك الدماء والإرهاب.
وقال «لم نشعر بأي جدية من وفد «الائتلاف» بالتوجه نحو إيجاد حل سياسي يوقف ما يتعرض له الشعب السوري من إرهاب مدعوم من دول عربية وإقليمية ودولية».
بدورها، أكدت لونا الشبل مديرة المكتب الصحافي في رئاسة الجمهورية، أن من يرفض بياناً يعتمد على قرارات مجلس الأمن ويتحدث عن وقف الإرهاب هو إرهابي، وأوضحت الشبل «أن معظم بنود بيان جنيف الأول تتحدث دائما في بدايتها أو في نهايتها وبشكل مباشر أو غير مباشر عن مكافحة الإرهاب وبأنه لتحقيق البنود يجب أن يكون هناك وضع آمن ومستقر وهادئ على الأرض وبالتالي فإن وقف العنف والإرهاب هو أساسي ولذلك كان إصرار وفد الجمهورية العربية السورية عليه».
الشبل أضافت أن «الحكومة السورية مستعدة بكل ما تستطيع للسير في بيان جنيف واحد للوصول إلى تطبيقه ولكن عبر التسلسل وحسب الترتيب كما تعمل على رفع المعاناة الإنسانية في سورية الذي تعتبره واجباً من واجباتها مجددة الاشارة الى أن الوفد الرسمي مصر على الوصول إلى نتائج في هذه الجولة أو غيرها».
وحول الحديث عن وجود محادثات توصف بالأساسية تجري في بيرن بمشاركة إيران، نفت الشبل حدوث مثل هذه المحادثات مشددة على أن «وفد الجمهورية العربية السورية موجود في جنيف ولا وفد آخر في أي مكان آخر».
من جهته، قال وزير الاعلام السوري عمران الزعبي في تصريح للصحافيين «كنا ندرك سلفا كما ندرك الآن ومستقبلا أن الوفد الذي يجلس أمامنا لا يمثل السوريين كما لا يمثل «الائتلاف» ذاته والمعارضة وقبلنا الجلوس لأننا لو قلنا هذا الكلام من دون الجلوس لاعتبرنا البعض نتنبأ، بينما قال الجانب الآخر إننا نفتري عليه. أما الآن فقد اختبرناهم وثبت أنهم لا يمثلون السوريين وأكثرهم ليس لديه حس وطني».
ولفت الزعبي الى أنه «لا جلسة بعد الظهر وجلسة يوم غد هي الأخيرة وستكون محاولة لمناقشة ما تم خلال الجلسات السابقة وهناك بعض الإجراءات اللوجستية التي يقررها المبعوث الأممي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي».
وأعرب الزعبي عن أمله أن تكون الجولة الثانية من المحادثات في حال تمت» بحضور أوسع طيف من المعارضة كيلا تخرج بالنتائج نفسها التي خرجت بها الجولة الأولى لأن هؤلاء الناس غير قادرين على اتخاذ قرارات أو مبادرات ولا يملكون جرأة وواقعية ومنطقاً سياسياً»ً
بدورها، قالت بثينة شعبان المستشارة السياسية في رئاسة الجمهورية، ورداً على ما يروج له من أن وفد «الائتلاف» استطاع تحقيق نصر كبير عندما انتزع اعترافاً من الوفد الرسمي ببيان جنيف ولاسيما الفقرة رقم 8 التي تتحدث عن «الهيئة الانتقالية» أوضحت شعبان أن «الطرف الآخر يحاول أن يحقق انتصارات وهمية، إذ يبدو أن لا شيء لديه ويحاول أن يبني مصداقية من المساعدات الإنسانية إلى حكومة انتقالية» ،مبينة أن «الحكومة السورية أتت إلى جنيف بناء على الدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة القائمة على أساس بيان جنيف الأول وليس لديها مشكلة في هذا الموضوع».
وكان المبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي قد عقد مؤتمرا صحافيا مساء أمس، أكد فيه أن ما حدث خلال الأيام الماضية ليس إلا البداية التي كانت ضرورية إذ أعرب الطرفان عن أفكارهما وتحدثا عن مشاعرهما وآمالهما ومخاوفهما مشيرا في الوقت ذاته إلى «استمرار الاتصال بينه وبين الطرفين في الفترة المقبلة».
وأكد الابراهيمي أن هناك اتفاقاً بين وفد الحكومة السورية و»المعارضة» حول وجود الإرهاب في سورية الذي يمثل مشكلة كبيرة إلا أنه لم يتم الاتفاق بعد حول كيفية التعامل معه.
و أضاف الابراهيمي أن «مباحثات اليوم شهدت لحظات عصيبة وأخرى واعدة وأنه تم فيها الوقوف دقيقة صمت احتراماً لكل الضحايا السوريين مشيرا إلى أن جلسة صباح الغد ستكون الأخيرة و»ستتم فيها محاولة استخراج العبر مما قمنا به في الآونة الأخيرة لنرى إن كنا نستطيع ان نتحضر بشكل أفضل للجولة المقبلة».