لماذا في «مـونـتـرو» وليس في «جـنيـف»..؟

لماذا في «مـونـتـرو» وليس في «جـنيـف»..؟

مؤتمر جنيف 2

الخميس، ٢٣ يناير ٢٠١٤

سُمّي جنيف 2، ولكنه لم يُعقد في جنيف. قيل أنه إمتداد لجنيف 1، ولكن في الحقيقة هناك الكثير من الاختلاف والمتغيّرات بين 1 و 2.
كان من المتوقّع إنقعاد مؤتمر “جنيف “2 في مدينة “جنيف”، لكن في اللحظات الاخيرة نُقل مكان المؤتمر إلى مدينة “مونترو” السويسرية التي تبعد عن جنيف كيلومترات. منطقة ذات جمال طبيعي صرف، يبعد فيها الجبل عن البحر مسافة دقائق قليلة. منطقة سياحية، ومكاناً هادىء ملائم للتفاوض وللمتفاوضين لتركيز إنتباههم على التسوية المزمع التوصّل إليها.
أعطى وزير الخارجية الروسي صباح اليوم، مهلة أسبوع للتوصل إلى شيء ما ملموس، حيث قال الدبلوماسي الروسي المخضرم انّ “الوفود السورية ستبقى في مونترو اسبوعاً لايجاد حل”، حيث لم يستبعد الوزير الروسي أجراء لقاءات بين الفريقين المتخاصمين.

لماذا “مونترو” وليس “جنيف”؟
على الرغم منّ انّ المؤتمر يُدعى “جنيف 2″ إلى انّه يعقد في مدينة “مونترو”، ففي إنعقاده في هذه المدينة رسالة واضحة مفادها “اننـا دفنّا جنيف خلفنا ونسعى لايجاد صيغة بديلة”. كان يمكن ان يكون المؤتمر في جنيف، ولكن “طوّبت” جنيف لـ “إيران” عبر إتفاقها النووي مغ الغرب، وخُصّصت “مونترو” لـ “سوريا” لتكون الشهادة على إتفاقها المزمع على سبل التوصّل لحل يؤدي لانهاء الأزمة.
بحسب أوساط مطلعة، فإن الهدف من عقد المؤتمر في مدينة “مونترو” وليس في “جنيف” هو التجهيز لاتفاق جديد خاص بسوريا، بعيداً عن أسم “جنيف” يتم إطلاق أسم “مونترو” عليه، أي يكون صيغة جديدة للحل.
يقول المصدر المطلع على الدبلوماسية، انّ العمل اليوم يجري عبر البحث عن سبل لايجاد تسوية سياسية مـا يتفق عليها الجميع، سيتم ذلك عبر مفاوضات شاقة على ما يبدور تخرج بصيغة عند الإنتهاء، وتخرج بإتفاق مدعوم دولياً يتم تسميته “إتفاق مونترو”، وهذا الإتفاق يكون النطاق السياسي لاي حل، وما يعنيه هذا انّ “جنيف” دفنت حيّة.
ويضيف انّ صيغة “جنيف 1″ الماضية لم تعد تصلح اليوم رغم ان المؤتمرون أتخذوها سبباً للذهاب إلى “جنيف “2، او “مونترو”، فالاوضاع السياسية والميدانية اليوم مختلفة تماماً عن “جنيف 1″ الذي حصل منذ عام ونصف، فهناك الكثير من الامور التي تبدّلت. يبني المصدر هذه الفرضية على الاراء السياسية الظاهرة اليوم، فيقول انّ الجميع بات يُدرك انّ لا حلاً عسكرياً للازمة، وهذا طبيعي أن يكون مؤشر جيّد، لان النظرة للامور إختلفت منذ عام ونصف، خصوصاً عند من كان يعوّل على إسقاط النظام في أسابيع.
ويعوّل المصدر على التغيرات الأمريكية في الاولويات، فالامريكي اليوم متفق مع الروسي تماماً على انّ الأطر السياسية هي الأساس في أي حل للأزمة، هنا نجح الروسي بإخراج الأمريكي من غفوته وإصراره على إسقاط النظام عسكرياً، امّا بالنسبة للاقليم فهو وإن كان لا يزال يؤمن بفكرة “العسكرة” لاسقاط النظام رغم كل ما حصل، إلى انّه في النهاية سيرضخ للمتغيّرات السياسية على الساحة وفي الميدان، فهو لا يستطيع ابداً التحمل وحيداً في الساحة ضغط المعركة والخسائر المتتالية، خصوصاً خسارة الدور.
على الرغم من صعوبة الأمر، سيحصل إتفاق في سويسرا، وسيُكنّى بـ “إتفـاق مونترو” المغاير لـ “جنيف” وسيكون نقطة التحوّل السياسي في حال التوصّل إليه. اليوم المشهد قاتم لاننا في الخطوة الأولى من مسار تفاوضي سيمتد لاسبوع، ولكن على ما يبدو فإن العمل حثيث على إخراج شيء مـا يكون نواة لحل تريده الدول درءاً لخسارة ما تبقى.
“إتفـاف مونترو” إذاً هو صيغة الحل الجديدة المطعمة دولياً وإقليمياً حتى بظل حضور الأقليم، صيغة الحل التي إعترفت بشرعية الأسد، محلياً ودولياً، والتي ستعطيه الغطاء السياسي لقيادة مرحلة إنتقالية متوقعة، بعيداً عن الحل العسكري الذي سيبقى ورقة ميدانية لتدعيم المواقع.