«جنيف2» يُعقد في موعده الأربعاء المقبل.. والمعارضة أنقذت نفسها في الأيام الأخيرة بقرار المشاركة فيه

«جنيف2» يُعقد في موعده الأربعاء المقبل.. والمعارضة أنقذت نفسها في الأيام الأخيرة بقرار المشاركة فيه

مؤتمر جنيف 2

الأحد، ١٩ يناير ٢٠١٤

يفترض أن تبدأ جلسات المؤتمر الدولي لإحلال السلام في سوريا، الأربعاء المقبل في 22 كانون الثاني الجاري في مونترو السويسرية، على أن تُستأنف المفاوضات الثنائية بين النظام والمعارضة في 24 منه في مقرّ الأمم المتحدة في جنيف حيث أصبحت القاعة جاهزة لاستقبال الوفدين الى جانب الموفد الأممي والعربي الأخضر الابراهيمي.. وكانت عقبة واحدة لا تزال تُربك منظمي المؤتمر، وهي عدم اتخاذ المعارضة السورية قرارها النهائي بمسألة المشاركة أو عدمها في «جنيف2».. غير أنّها وافقت مساء السبت على المشاركة ما جعل الهواجس تتحوّل الى ما سوف ينتج عن المؤتمر..
وبعد أن كان هناك أسئلة عدّة طرحها المراقبون قبل أيام من انعقاد المؤتمر مثل: هل يُمكن أن يُعقد «جنيف2» في حال قرّرت المعارضة السورية عدم المشاركة فيه؟ وما الجدوى من حضور الوفد الممثل للنظام من دون الطرف الآخر الممثّل للمعارضة؟ وألا تربك مقاطعة المعارضة للمؤتمر الدول الداعمة لها وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية؟! بدا واضحاً أنّ موافقة المعارضة على المشاركة في «جنيف2» قد ذلّل كلّ هذه التساؤلات..
مرجع ديبلوماسي أكّد أنّ «جنيف2» سوف يُعقد في موعده، أحضرت المعارضة أم لم تحضر، (وقد أعلنت مساء أمس عن مشاركتها) لأنّ الدعوات وُجّهت الى الدول والمنظمات التي ستُشارك فيه، والتحضيرات اللوجيستية انتهت، كما أنّ الوفود التي ستحضر المؤتمر أصبحت معروفة. ولفت الى أنّ المعارضة تأخّرت في إعطاء جوابها النهائي عن المشاركة في المؤتمر لأنّه كان لا يزال يتنازعها موقفان: الأول، يُعارض بشدّة مواجهة وفد النظام أو بالأحرى الجلوس مقابله الى طاولة المفاوضات نفسها سيما وأنّه يتهمه بارتكاب الجرائم والمجازر بحقّ شعبه. والثاني، يجد في المؤتمر فرصة لإزاحة نظام الرئيس بشّار الأسد عن السلطة من خلال الحلّ السلمي وتطبيق مقرّرات «بيان جنيف» التي تنصّ على وضع أسس المرحلة الانتقالية السياسية في سوريا، ولهذا فإنّ المشاركة فيه أفضل من عدمها. وكان أصحاب هذا الموقف قد وضعوا شروطاً تعجيزية مثل تنحّي الأسد عن السلطة قبل «جنيف 2»، لتتحوّل فيما بعد الى طلب عدم بقائه خلال المرحلة الانتقالية وضرورة بتّ مصيره خلال المؤتمر، وذلك بهدف مقاربة الموقف المعارض الأول، إلاّ أنّ الدفة مالت الى جهة المشاركة في المؤتمر.
وبناء عليه، فإنّ «جنيف2» سوف يعقد في موعده، ويبدأ الاربعاء المقبل بيوم الافتتاح في مونترو حيث سوف يعبّر جميع طالبي الكلام من المدعوين عن وجهات نظرهم في حلّ الأزمة السورية انطلاقاً من «بيان جنيف» توصّلاً الى اتفاق مشترك على بعض العناوين الأساسية. والأمم المتحدة جاهزة لاستضافة «جنيف3»، و«جنيف4» من أجل التوصّل الى اتفاق شامل ونهائي للصراع الدائر في سوريا منذ نحو ثلاثة أعوام بين النظام والسلطة، على أن يحضرها الطرفان أيضاً، ويتمّ تحديد موعدها في نهاية المفاوضات التي تبدأ بينهما يوم الجمعة المقبل، أو في وقت لاحق.
ولكن إذا كان البعض يعتقد أنّ «جنيف2» سوف يحلّ الأزمة السورية برمّتها فهو مخطىء، على ما أضاف المرجع، لأنّ هذا المؤتمر «ليس سوى بداية»، كما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ويمكن البناء على ما سيتمّ التوافق عليه من أجل التوصّل الى حلّ نهائي للأزمة. ويبدو أنّ النظام قد بدأ بتقديم بعض المعطيات التي تُظهر حسن نيّته بالتوصّل الى حلّ سلمي-إضافة الى موافقته على المشاركة في «جنيف2»- تمثّلت في الطروحات التي قدّمها وزير الخارجية السوري وليد المعلم لنظيره الروسي خلال اجتماعهما الأخير في موسكو، من الاتفاق على وقف إطلاق النار في حلب (كمرحلة أولى)، الى تبادل المعتقلين بين النظام والمعارضة، ومن ثمّ إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحرومة، وسوف يعمد الوسطاء لا سيما روسيا، الى مناقشة هذه المقترحات مع المعارضة قبل المؤتمر وخلاله.
ويقول بأنّ عدم حسم المعارضة أمرها إلاّ قبل أربعة أيام من انعقاد المؤتمر، قد أظهر مدى الاختلاف القائم فيما بين فصائلها، لكنها تمكّنت من حسم أمرها بعد التصويت داخل «الائتلاف»، بعد أن أيقنت الغالبية أنّ اتخاذ القرار بمقاطعة المؤتمر من شأنه أن يُربك الدول الداعمة لها لا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا. وكانت حذّرت واشنطن ولندن المعارضة السورية من أنّهما ستوقفان دعمهما لها في حال لم تُشارك في «جنيف2». كما ستخسر المعارضة مصداقيتها لدى المجموعة الدولية التي وافقت على مبدأ «تشكيل هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات» في «جنيف1» يتمّ التوافق عليها بينها وبين النظام. وجاء حسمها للأمر لينقذها من الانتقادات الدولية ومن إلقاء اللوم عليها بإفشال المؤتمر في حال التزمت بالمقاطعة.
في المقابل، لا تزال إيران غير مدعوّة الى المؤتمر، حتى الساعة، لإصرار الولايات المتحدة على أنّها غير مستعدّة لقبول تشكيل حكومة إنتقالية لا يكون الأسد فيها، على ما نصّ «بيان جنيف»، غير أنّ ذريعتها هذه غير منطقية، على ما أشار المرجع نفسه، لأنّ روسيا توافق إيران في تفسير هذه العبارة، وهي لا تعتبر أنّ المرحلة الانتقالية يجب أن تلغي الأسد، أو تجعله خارجاً قبل توافق الطرفين على هذا الأمر. وما تراه واشنطن من أنّ هذه الصياغة تعني «رحيل الأسد» عن السلطة، ليس التفسير الحقيقي لها، وإلاّ لكان «جنيف1» توصّل الى حلّ الأزمة السورية وليس هناك من حاجة لعقد «جنيف2».
فكما أنّ وفد النظام لا يُشارك في «جنيف2» ليسلّم السلطة للمعارضة، كذلك على المعارضة أن تأتي الى المؤتمر على اعتبار أنّه يُشكّل فرصة تاريخية يقدّمها لها المجتمع الدولي من خلال مساواتها بالنظام وجلوسها مقابله على طاولة المفاوضات لتحديد مصير سوريا المستقبلي، وليس بهدف استلام السلطة والإطاحة بنظام الأسد وإن بالطريقة السلمية.
وفي مطلق الأحوال، إنّ الاختلاف في وجهات النظر سوف يظهر بوضوح في «جنيف2»، عندما سيُشدّد وفد النظام على عنوان رئيسي هو «مكافحة الإرهاب الذي تقوم به المجموعات التكفيرية والمتطرّفة في سوريا» ودعم روسيا له، مقابل إصرار المعارضةوالولايات المتحدة والدول الحليفة لها، الى جانب كلّ من قطر والسعودية، على ضرورة قيام «سلطة إنتقالية» من دون وجود الأسد فيها، على ما تفسّر هذه الصياغة على هواها.
يبقى القولأنّ «الائتلاف الوطني المعارض» لا يزال مهدّداً من قبل الجماعات التكفيرية التي حلّلت دماء كلّ من سيشارك في «جنيف2» من قبل المعارضة، ولهذا سيكون على الوفد الذي سيمثّل المعارضة الحرص على تأمين السلامة الشخصية لأفراده، الى جانب الاجراءات الأمنية التي تتخذها الامم المتحدة. رغم ذلك، يشدّد المرجع نفسه، على أنّ المعارضة أنقذت نفسها في الأيام الأخيرة قبل انعقاد المؤتمر، من خلال قرار مشاركتها فيه، يبقى عليها أن تتوافق مع النظام على العناوين التي تعيد الأمن والاستقرار الى سوريا والمنطقة.