حول مشاركتنا في دورة الألعاب الآسيوية...أيهما أصح: نصف الكأس المملوء أم النصف الفارغ؟

حول مشاركتنا في دورة الألعاب الآسيوية...أيهما أصح: نصف الكأس المملوء أم النصف الفارغ؟

الأخبار الرياضيــة

السبت، ٢٧ سبتمبر ٢٠١٤

 في كل مشاركة رياضية لمنتخباتنا في الاستحقاقات الخارجية نحلل هذه المشاركة ونصل إلى نتيجة واحدة تفيد بأن رياضتنا ما زالت تعتمد على الطفرات، والرياضة التي تعتمد على الطفرات ليست رياضة نوعية.
وهذه حقيقة يجب ألا تغيب عن بالنا، وهذه ليست وليدة هذا اليوم، إنما هي علامة بارزة لرياضتنا على مدى خمسين عاماً.
مفهوم الطفرة ليس عيباً، لكن العيب أن نعتمد عليها فقط، فنتائجنا في كل المشاركات الدولية والقارية المعتمدة أولمبياً كانت مجيرة لأسماء محددة بدءاً من طلال النجار وصولاً إلى عهد جغيلي.
وهذا يقودنا إلى حقيقة مهمة أن رياضتنا استندت في إنجازاتها إلى رياضة رفع الأثقال وهي لعبة ناجحة توارثت الأجيال نجاحها حتى الآن والملاكمة والمصارعة والكاراتيه كانت بالمستوى ذاته وما زال لدينا أبطال قادرون على تحقيق الألقاب ونيل الميداليات.
أما السباحة وألعاب القوى فاقترنتا باسمي هشام المصري وغادة شعاع ودونهما لم نجد بطلاً بالمستوى ذاته!
المشاركة الآسيوية في الدورة الآسيوية السابعة عشرة التي تجري في كوريا الجنوبية لم تأت بالنتائج المرجوة أو التي نتمناها أو التي كانت تسري بأحلامنا.
فأبطالنا سقطوا في المنافسات سقوطاً مريعاً ولم يحققوا أدنى منافسة وجاؤوا بالمراتب الأخيرة بترتيب مخجل وأرقام متواضعة.
وحتى لا يقال (كالعادة) إننا ننظر إلى نصف الكأس الفارغ، فإننا سننظر أيضاً إلى نصف الكأس المملوء لنعطي كل ذي حق حقه وحتى لا يقال إننا ضبابيون.
 
النصف المملوء
دورة الألعاب الآسيوية تعتبر في المرتبة الثانية من حيث الأهمية والقوة والمستوى بعد دورة الألعاب الأولمبية وخصوصاً أن أهم أبطال العالم في الكثير من الألعاب الرياضية موجودون في نخبة الدول المشاركة (الصين- كوريا الجنوبية- اليابان- استراليا- الهند وغيرها).
لذلك فإن المشاركة في هذه الدورة تأتي مهمة من أبواب عدة، أهمها: تكسب رياضتنا احتكاكاً جيداً ومتميزاً مع أبطال العالم المشاركين.
ثانيها: تضع رياضتنا في موقعها الصحيح على خريطة الرياضة ليس في آسيا فقط بل العالم كله.
ثالثاً: الوجود بمثل هذه الدورات مهم جداً على كل الصعد الإدارية والتنظيمية والفنية، وهذا يربط رياضتنا بالرياضة الأوسع والأشمل، وهو أفضل من الثبات بالمكان بمسوغ عدم القدرة على المنافسة.
وتفصيلاً لهذا الكلام فإن هذه الدورة تطور من مستوى كوادرنا المشاركة، وتطلع قيادتنا على أفكار وخطط وتنظيم الآخرين، فنحن نحتاج إلى خبرة الآخرين على كل الصعد «قيادات- إدارة- تنظيم- تدريب- تحكيم- علاج طبي- إرشاد نفسي» وهذا كله يؤدي إلى عنوان عريض اسمه: الثقافة الرياضية الحديثة أو الفكر الرياضي المتطور.
رابعاَ: تشكل المشاركة في هذه البطولة القارية قاعدة انطلاق نحو المشاركة الأولمبية القادمة، ولأن الرياضة تعتمد على العلم ولغتها الرقم، فمن الطبيعي أن نحسبها بدقة، وهذه مسؤولية القيادة الرياضية، فاللاعب الذي نظن «حسب رقمه ونتائجه ومستواه» أنه غير قابل للتطور، فيجب ألا نتعب عليه كثيراً وخصوصاً إذا علمنا وتأكدنا أنه وصل إلى سقف عطائه ومستواه، والبحث عن البديل هيّن، والوقت به متسع لتجهيز من هو قادر على المنافسة وتحقيق أرقام أفضل.
خامساً: أعتقد أنه آن الأوان للاعتماد على المواهب الشابة أو بعضها، ولا أعتقد أن هذه المواهب لو شاركت فستحقق نتائج أسوأ مما تتحقق، وخصوصاً أن لاعبينا إما حلوا في المراتب الأخيرة بمجموعاتهم أو إنهم خسروا من الجولة الأولى في الأدوار الأولى!
سادساً: الوجود القيادي في المحفل القاري أمر مهم ومفيد للغاية، وخصوصاً على سبيل الدعم المالي والفني والإداري، ونأمل أن تكون قيادتنا الرياضية قد وفقت في الحصول على إعانات فنية عبر دورات متقدمة لمدربينا وحكامنا وإداريينا وعلى معسكرات ومباريات لمنتخباتنا في مختلف دول العالم المتطور والذي يسبقنا على الصعيد الرياضي.
 
النصف الفارغ
تقييمنا للمشاركة الآسيوية على الصعيد الفني أنها كانت مخيبة للآمال وكشفت عن تراجع كبير في المستوى الرياضي وهنا نسأل: هل فريق السباحة الذي حقق المركز الثالث في بطولة العالم التي جرت بدبي هو نفسه الذي خرج من البطولة الآسيوية؟
إذا علمنا أن بيان جمعة وأحمد كلزية كانا ضمن هذا الفريق وجاءت أرقامهما ونتائجهما لتشير إلى شيء ما نجهله! لذلك نتساءل وهذا ليس خاصاً بالسباحة فقط: هل النتائج التي نحققها خارج البطولات الرسمية هي غير حقيقية؟ أما إنها مشاركة سياحية؟ أم إن هذه البطولات ضعيفة؟
لذلك، فالصدق أولى من تبني بطولات لا قيمة لها والتغني بها على أساس أنها انجازات!
فالصدق مع الذات يضعنا على الخط الصحيح، ويضع رياضتنا بالموقع الصحيح، ويجعلنا نتعامل مع رياضتنا على أساس الواقع لا على أساس الأوهام!
لذلك فإن العودة عن الخطأ فضيلة، ولأننا على ثقة كبيرة بقيادتنا الرياضية التي تضم نخبة من خبراء الرياضة على رأسهم اللواء موفق جمعة والبطل العالمي فراس معلا والدكتور إبراهيم أبا زيد وغيرهم، «عذراً من عدم ذكر كامل الأسماء» ولأن اتحاداتنا الرياضية تضم في بعضها نخبة أخرى متخمة بالخبرة فإننا نأمل بوضع إستراتيجية جديدة لرياضتنا، تناسب أوضاعنا وبيئتنا وأفكارنا وأحوالنا الاجتماعية ولابد من التذكير ببعض النقاط المهمة:
أولاً: إلغاء نظرية المشاركة من أجل المشاركة، لأنها نظرية باتت توحي بالكسل والتقصير واللامبالاة والإهمال من رياضتنا، ما دام المسوغ موجوداً مسبقاً.
ثانياً: إلغاء نظرية التقشف ومقولة الامكانيات المتاحة، والتحول بجدية نحو الامكانيات الجيدة عبر استغلال كل الموارد المالية استغلالاً جيداً.
ثالثاً: العناية بأبطال الصف الثاني الموجودين في الكثير من ألعابنا الرياضية، فكلما كانت القاعدة «قاعدة الأبطال» واسعة كان التنافس بين الأبطال كبيراً، والمشكلة أن البعض احتكر كل شيء وباتت الأسماء التي نشارك بها أو نهتم بها واحدة ولا تغيير فيها: واستمرار هذا الأسلوب يؤدي إلى شيئين سلبيين: أولهما: أن البطل يجب إن يشعر بالمنافسة الداخلية ليحقق شيئاً بالمنافسة الخارجية، وثانيهما: إن أبطال الصف الثاني يجب أن يحظوا بعناية مماثلة حتى لا تغيب بطولتهم وتنتهي وهم على مقاعد الاحتياط ينتظرون من يطلقهم نحو النجومية والبطولة.
 
ختاماً
أهل مكة أدرى بشعابها، هي المقولة الأخيرة التي أردنا ختام حديثنا هذا، تكلمنا عن نصف الكأس المملوء وعن النصف الآخر، فأيهما يصح على رياضتنا؟ أم إنهما متماثلان وهما وجها رياضتنا السلبي والإيجابي  لذلك نأمل من قيادتنا الرياضية أن تسعى لمعالجة السلبيات وأن تدعم الإيجابيات، ففي ذلك الخير، كل الخير لرياضتنا ولبلدنا، والله الموفق.