مدربو كرتنا بين السالب والموجب … الفقير: الشهادات التدريبية وحدها لا تكفي لصناعة المدربين

مدربو كرتنا بين السالب والموجب … الفقير: الشهادات التدريبية وحدها لا تكفي لصناعة المدربين

الأخبار الرياضيــة

الثلاثاء، ٢٠ نوفمبر ٢٠١٨

تكلمنا في حلقة سابقة عن المدربين وهم يمثلون الحلقة الأضعف في عالم كرة القدم، وخلصنا إلى أن مدربينا على الأغلب مظلومون بما يقع عليهم من تبعات يتحملونها وحدهم في حال تراجع نتائج الفريق، وذلك نتيجة الفكر الكروي الذي تقوده الأندية، فأصحاب القرار في الأندية يريدون مدربي نتائج لا مدربي تطوير، وعليه فإن أي مدرب مهما علا شأنه وكبر اسمه وتاريخه سيكون غير مرغوب به أن لم يحقق النتائج المطلوبة بغض النظر عما يقدم للمدرب من إمكانيات وعما يضم فريقه من نوعيات لاعبين.
فالمدرب بالمحصلة الأخيرة يعيش ضغط من حوله وضغط الجمهور وضغط ظروفه وخصوصاً أن التدريب في الاحتراف صار مهنة ومصدر رزق للمدربين.
هذا الكلام حق لذلك ندافع عن المدربين باستمرار، لكن هل هذا يكفي؟ أليست هناك أمور من واجبات المدرب أن يقوم بها؟ هل تكفي الشهادة التدريبية لتكون رخصة للمدرب ليزاول هذه المهنة القاسية والشاقة؟
هذه التساؤلات وضعناها بعهدة مدربنا الوطني الكابتن مهند الفقير فجاءت الإجابات على النحو التالي:
 
مهنة احترافية
يقول الكابتن مهند: التدريب مهنة مثل أي مهنة احترافية أخرى كالطبيب والمهندس والصيدلي وغيرهم، كل هؤلاء بحاجة إلى شهادات لمزاولة المهنة، لكن يختلف الواحد عن الآخر بطريقة التفكير والتحليل وإيجاد الحلول والاجتهاد الشخصي وهو ما ينطبق تماماً على المدربين وهذه هي الفوارق بين مدرب وآخر.
ولنا في ذلك مثال، فالشيف مثلاً لا يمكن أن يقدم لك طعاماً شهياً إن لم تتوفر له مستلزمات الطعام، فالشيف لا يقدم لك شيئاً من لا شيء، والشيف الممتاز بقليل من المواد يجعل لك من الشيء البسيط طبقاً فاخراً لذيذ المذاق وذلك بخبرته وحسن إدارته لعمله.
لذلك فالمدرب لكي ينجح عمله بحاجة إلى إدارة واعية ونوعية جيدة من اللاعبين بكل المراكز ومستلزمات ومحفزات وداعمين، ولأن الدوري المحلي صعب فلا بد من توفر جمهور واع يقف مع المدرب والفريق ويصبر على النتائج لا أن يكون عامل ضغط عليهما.
والمدربون هنا قسمان، قسم جيد يعرف ما يريد ويستعمل خبرته وذكاءه في تدريب الفريق وإدارة المباراة وهو قارئ جيد للمباريات، وبعض المدربين للأسف جبناء يدرسون أثناء الدورة فقط من أجل النجاح ويظنون أن كل شيء انتهى، وبعد الدورة نراهم عشوائيين وكأنهم لا يملكون شيئاً ويفتقدون أدنى الأمور، والحلول عندهم غائبة فنرى تبديلاتهم خاطئة ويفتقدون للحلول المجدية.
وأخيراً هناك مدربون لهم أعذارهم لأن فرقهم لها سقف محدود لا يمكن تجاوزه.
 
رخصة عمل
من أجل تطوير عمل المدربين وأدائهم فإن الدورات التدريبية القادمة ستصبح أكثر دقة وصعوبة، من الطبيعي أن ينجح المدربون في الدروس النظرية، أما في العملي فكنا نحدد الامتحان العملي وطبيعته قبل يومين أو ثلاثة، فيبادر بعض المدربين لاستشارة غيرهم من المدربين المتقدمين فيكون امتحانهم جيداً ووفق هذا ينجحون.
الدورات القادمة ستشهد اختبارات جديدة وواجبات كثيرة وسيكون استخدام الكمبيوتر وتحليل المباريات على الكمبيوتر أساس الدروس، والاختبارات ستتركز على تركيز المدرب وأدائه وشخصيته وهناك رأي للمحاضر بنسبة نجاح تتجاوز خمسين بالمئة أو أكثر من أصل علامات النجاح.
واعتباراً من الموسم القادم سيتم العمل بما يسمى رخصة العمل التي ستكون صلاحيتها لمدة ثلاث سنوات، ولن يستطيع أي مدرب تدريب أي فريق ما لم يحصل على رخصة العمل هذه، لذلك سيخضع كل المدربين لامتحانات في الموسم المقبل من أجل الحصول على رخصة عمل، وستكون هناك امتحانات خاصة لمدربي المنتخبات الوطنية، أما المدربون غير العاملين فسيخضعون لدورة تدريبية لإعادة تأهيلهم.
 
أمور أخرى
هناك الكثير من الأمور التي يمكن التطرق إليها في هذا الشأن، لكن برأينا الشخصي فإن ما يقوم به اتحاد كرة القدم في هذا الخصوص أمر جيد وهو ضروري من أجل فرز المدربين، وهذا الأمر يجب أن يكون في حسابات الأندية حتى لا تتعرض لانتكاسات فتضطر إلى التبديل أكثر من مرة في الموسم الواحد.
والحقيقة التي يجب إلا تغيب عن البال أن التدريب هو اجتهاد شخصي فالشهادات التي ينالها المدربون لا تكفي وهي بحاجة إلى تطوير مهارات على الأرض وهذا لا يحدث إلا بالتعايش الذي نجده ضرورياً.
فكرة التعايش ضرورية وقد تكون كلفتها كثيرة على مدربينا وحلولها وفق طريقتين، الأولى أن يستقدم اتحاد كرة القدم مدرب أجنبي على مستوى عال ويقوم بتأهيل مدربينا عبر تمارين عملية تتضمن تحضير الفريق وتجهيزه، أو أن أنديتنا ترسل مدربيها البارزين لحضور فترات تعايش مع مدربين على مستوى عال في الأندية العربية مثلاً، وحساب الكلفة المالية يمكن تحصيله من المدرب عندما يعمل محلياً أو خارجياً فيرد ما دفعته الأندية من مصروف إما بالعمل داخل النادي لسنوات محددة فيُحسم من عقده سنوياً جزء كسداد كلفة التعايش، أو أنه يسدد جزءاً من عقده الخارجي لناديه الأصلي إن تعاقد مع ناد خارجي.
هذه ببساطة حلول مبدئية حللنا فيها واقع المدربين في سورية وقدمنا حلولاً لتطوير أداء المدربين وعملها، وما تبقى يبقى بأيدي أصحاب القرار لاتخاذ المناسب.
ناصر نجار - الوطن