طوط هجوم «إيطاليا» من نار وحديد.. وداعاً للكاتيناشيو؟

طوط هجوم «إيطاليا» من نار وحديد.. وداعاً للكاتيناشيو؟

الأخبار الرياضيــة

السبت، ٢٢ سبتمبر ٢٠١٨

يكفينا ذكر اسم باولو مالديني، والذي يعتبر برأي الكثير من المنتقدين والمحللين المدافع الأفضل والذي لم ولن يتكرّر، لنعرف قيمة الدفاع في إيطاليا. «الكاتيناتشو الإيطالي»، و«الغرينا الدفاعية»، كلّها ألقاب تعطينا فكرة عن مدى تعلّق هذه البلاد بالثقافة الدفاعية وبإنجاب أفضل المدافعين. اليوم، وبعد فترة استراحة، أو استراحة محارب لطالما كان ندّاً قوياً في النزالات الأوروبية، تعود الفرق الإيطالية إلى الواجهة من جديد. توقيع النجم البرتغالي ولاعب مانشستر يونايتد الإنكليزي وريال مدريد الإسباني السابق كريستيانو رونالدو مع فريق «السيدة العجوز»، هو بمثابة «الدفعة» التي كانت تنقص اللاعبين، الذين كان قرار انتقالهم إلى إيطاليا يحسبون له ألف حساب ويفكّرون مرّتين قبل اتخاذه. رونالدو، والذي تعرّف عنه ألقابه وأرقامه وجوائزه الفردية، أحدث بانتقاله إلى يوفنتوس «ثورة» في عالم كرة القدم الحديث. من منّا كان يتوقّع بأن كريستيانو سينتقل إلى اليوفي؟ الإجابة ببساطة لا أحد. يشكّل اليوم رونالدو والذي سجّل هدفين مع فريقه في الجولة الماضية أمام ساسولو، إلى جانب كل من البرازيلي دوغلاس كوستا والكولومبي خوان كوادرادو، بالإضافة إلى الجوهرة الأرجنتينية باولو ديبالا وصانع الألعاب الإيطالي فدريكو برناردسكي، خط هجوم فريق لم يعتد في السنوات الأخيرة الماضية على خط بمثل قوته. أو بمعنى أدق، لم يعتد الدوري الإيطالي والفرق الإيطالية بأكملها على وجود خط متكامل يترأسه لاعب مصنّف «سوبر». لم نشاهد لاعباً بقيمته «التسويقية» في إيطاليا على الأقل في الأربع أو الخمس سنوات الماضية. كريستيانو كسر هذا الحاجز، وأصبح جسراً لكثيرين سيأتون من بعده. دائماً ما كان كل من الدوريين الإسباني والإنكليزي ما يستقطبان أفضل اللاعبين في العالم، لكنّها تبقى في النهاية «دوريّات تجاريّة». على سبيل المثال، «مصانع المواهب» الموجودة في فرنسا وإيطاليا والبرتغال وحتّى إسبانيا، كلّها تأتي بمنتوجاتها جاهزة على طبق من ذهب لتستبدل بأموال الفرق الإنكليزية في دوري يطمح كل لاعب كرة قدم في الأيام الحالية أن يكون جزءاً منه. ما يجعل مشجّعي «الكالشيو» وخاصّة الذين تتلوّن جلودهم باللونين الأحمر والأسود (مشجعي الميلان) مطمئنين لما ستقدم عليه إيطاليا وما هي المرحلة التي يتّجه إليها الدوري الإيطالي اليوم، رفض المهاجم الأرجنتيني ومهاجم يوفنتوس السابق الانتقال إلى تشيلسي الإنكليزي مفضلاً ارتداء قميص أحد أعرق الفرق الإيطالية أوروبياً ومحلياً: «الروسونيري». افتتح هيغوايين سجل أهدافه مع فريقه الجديد بهدف أمام كالياري، وهدف في المباراة الأولى للفريق في الدوري الأوروبي (يوروباليغ) أمام الفريق المتواضع دوديلانغ اللوكسمبورغي. وفي حديثنا عن هذا النادي، الذي مرّ بفترات صعبة وطويلة، والذي اشتاقت إليه موسيقى دوري الأبطال التي لطالما حبّذت بأن تُعزف في أرضية الملعب الذي كان بمثابة الـ«منزل» بالنسبة إليها: ملعب السان سيرو. إلى جانب «البيبيتا» هيغوايين يوجد خط هجوم من الممكن أن يكون المفاجأة الأبرز هذا الموسم في إيطاليا.
يتكوّن هجوم «فريق الشعب» ميلان من الصفقة الإسبانية الجديدة وجناح فياريال الإسباني السابق سامو كاستييخو بالإضافة إلى صانع الألعاب المميّز التركي هاكان شالهانوغلو لاعب هامبورغ وليفركوزن الألمانيين السابق. ولكي تكتمل المعادلة بالنسبة إلى مدرّب الفريق جينارو غاتوزو، لا بدّ من إشراك الموهوب «سوسو» كلاعب حر في وسط الميدان. إذاً للميلان هذه السنة خط هجوم مدعّم بلاعبين من المتوقّع بأن يكون لهم شأن خلال بطولة الدوري، خصوصاً مع وجود مهاجم يعتبر من بين الأفضل في العالم حالياً وصاحب الرقم القياسي كأكثر من سجّل في تاريخ الدوري الإيطالي في موسم واحد، 36 هدفاً برفقة نادي الجنوب نابولي.
نبقى في ميلانو، وفي قطبها الآخر الذي يكمل لنا أحد أبرز وأقوى «الديربيات» في عالم كرة القدم، ديربي «لا مادونينا»، ديربي «الغضب»، نادي إنتر ميلانو الذي يعيش حتى الآن فترة سيّئة مع بداية الدوري. ولكنّه حسّن بعض الشّيء من صورته أمام جماهيره، خصوصاً بعد الانتصار الأخير في دوري الأبطال أمام توتنهام الإنكليزي. كما الحال مع شقيقه ميلان، فقد استعد النادي «الصيني» الملك للدوري هذه السنة عبر إبرامه لصفقات تعتبر إلى حد ما «ممتازة» مقارنة بالـ«قحط» الذي عاشه هذان الناديان العريقان في السنوات الأخيرة. صفقات كالـ«نينجا» رادجا ناينغولان لاعب روما السابق، ولاعب موناكو السينيغالي كيتا بالدي بالإضافة إلى كل من ماورو إيكاردي وإيفان بيريزيتش لاعبي الفريق، سيكون أمام الفرق الأخرى في إيطاليا مهمة صعبة في محاولتها لإيقاف خط هجوم يضم هذه الأسماء، والتي حتّى الآن لم تكشّر عن أنيابها بالشكل الذي كان متوقعاً. الأسماء الجديدة تحتاج إلى وقت لتنسجم مع بعضها البعض، وربّما لم لا المنافسة بشكل مغاير في الموسم الحالي على اللقب.
نصل إلى هجوم الفريق الذي لطالما أمتعنا في السنوات الثلاث الأخيرة بطريقة انسجامه ودرجة التفاهم العالية التي تلاحظها عندما تشاهد نقلاً مباشراً من أحد أجمل الملاعب وأكثرها صخباً جماهيرياً، «السان باولو» في جنوب إيطاليا. ثلاثي هجوم فريق نابولي يختلف عن الموسم الماضي بلاعب واحد. مع قدوم المدرّب الجديد للفريق الكبير كارلو أنشيلوتي، أعاد الثقة إلى المهاجم البولندي أركاديوز ميليك الذي لم تتح له الفرص في الموسم السابق وذلك بسبب تكرار إصابته والنجاح الكبير في الجهة المقابلة الذي عرفه المهاجم البلجيكي دريس ميرتينز. الأخير، وبحسب ما تبيّن لنا من المباريات الأولى التي خاضها نادي الجنوب في الدوري وفي دوري الأبطال، ليس بالخيار الأوّل بالنسبة إلى كارلو، بل إن أنشيلوتي فضّل اللعب بالجناح الإسباني خوسيه كاليخون على حساب البلجيكي المميّز. 
يبدو أن الفرق الإيطالية أصبحت جاهزة أكثر من أي وقت مضى للعودة من جديد للمنافسة على السّاحة الأوروبية، فهذه الفرق التي كانت تعرف بالدفاعية، تنفق اليوم الكثير من الأموال في سبيل تحسين الخطوط الأمامية. ميلان في اليوروباليغ، الإنتر واليوفي ونابولي في دوري الأبطال، إيطاليا عائدة لا محالة.