رونالدو يبكي ألماً وفرحاً.. ويحجز مكاناً بين أساطير كرة القدم

رونالدو يبكي ألماً وفرحاً.. ويحجز مكاناً بين أساطير كرة القدم

الأخبار الرياضيــة

الثلاثاء، ١٢ يوليو ٢٠١٦

مسح كريستيانو رونالدو دموع اليأس ومن ثم دموع الفرح خلال المباراة النهائية لبطولة أوروبا 2016 بكرة القدم التي أسفرت عن تتويج البرتغال بلقبها الأول الكبير.
فنجم «ريال مدريد» لم يحمل آمال البرتغال في المباراة النهائية ضد المضيفة فرنسا قائدا لمنتخبها الوطني فحسب، بل أيضا كان مصدر التهديد الأول لفريق المدرب ديدييه ديشان.
وبدا أن كل أحلام رونالدو (31 سنة)، والبرتغال تبخرت عندما خرج محمولا في الدقيقة الـ25 بعد محاولتين للتغلب على إصابة في الركبة تعرض لها خلال التحام مع لاعب وسط «وست هام يونايتد» ديميتري باييت في الدقيقة الـ17.
وعلى الرغم من ذلك، ومع انتهاء تلك الأمسية الطويلة في «ستاد دو فرانس» ورونالدو يرفع كأس بطولة أوروبا 2016، تم نسيان خيبة الأمل المبكرة.
العذاب
وبحسب مراسل «بي بي سي»، كان تركيز رونالدو واضحا منذ نزل أرض الملعب. فقد أغلق عينيه خلال إنشاده السلام الوطني بإحساس عميق. وكانت بدايته للمباراة هادئة عندما غيرت الحادثة مجرى المباراة في الدقيقة الـ17. فقد لمس باييت الكرة قبل الاصطدام برونالدو، حيث أصاب الركبة اليسرى للبرتغالي بركبته اليمنى. لم يلق منظر رونالدو وهو يتلوى ألما أي إحساس فوري بالشفقة بسبب تمثيلاته السابقة لكن سرعان ما بدا أنه يواجه مشكلة كبيرة. تلقى علاجا طويلا على أرض الملعب وعاد إلى اللعب. جرى لمرة وحيدة لكن من دون سرعة، ولوح بيده باتجاه مقعد الاحتياط في إشارة إلى أنه كان يعاني. خرج من أرض الملعب ثم عاد مع محاولة هذا اللاعب صاحب الشجاعة البدنية التغلب على الألم الذي كان يعتصر ركبته. فشلت محاولته وارتمى أرضا في انتظار الحمالة.
وحظي رونالدو خلال خروجه بتعاطف كبير من المشجعين الفرنسيين الذي صفقوا له، واضعين جانبا التعصب لمواساة واحد من أعظم لاعبي العالم في خيبته لانسحابه من واحدة من أكبر المباريات في مسيرته الحافلة.
القائد
يملك رونالدو سمعة على أنه لاعب أناني لا يضع مصلحة الفريق فوق مصلحته، وغالبا ما اتهم بالأنانية والنكد في التعامل مع زملائه في المنتخب الوطني.
فقد شهدت بطولة أوروبا 2016 رونالدو وهو يشير بفوقية إلى زملائه الذين لم يرتقوا إلى مستواه المرتفع، لكنه هنا لعب دور القائد الملهم عندما كان الأمر يتطلب منه ذلك. وبدا تأثير رونالدو ومكانته واضحين عند انتهاء الوقت الأصلي للمباراة. إذ أظهرته الصور يشجع المتردد جواو موتينيو لتنفيذ ركلة ترجيح في الفوز على بولندا في ربع النهائي، وأمس لعب دورا كبيرا في الأوقات العصيبة. لقد قصد رونالدو أن يخرج إلى أرض الملعب بين لاعبي البرتغال يحثهم على بذل مجهود أخير قد ينتهي باللحظة الأهم في تاريخ بلاده الكروي.
المدرب؟
وفي مشاهد واضحة خلال التمديد، بدا رونالدو وكأنه يلعب دور مدرب منتخب البرتغال.
فقد بدا أن رونالدو وجه أمرا إلى رافايل غيريرو خلال تنفيذ ركلة حرة، خطوة كادت أن تؤدي إلى هدف لولا العارضة. ولم تستمر خيبة الأمل البرتغالية طويلا مع تسجيل إيدر هدف فوز رائع بعد ثوان معدودة، وتحديدا في الدقيقة 109.
ومع تبقي ثوان معدودة على اللحظة التي انتظرها البرتغاليون طويلا، بدا أن رونالدو عين نفسه، على الأقل، مدربا مساعدا. فقد كان يوجه تعليمات كما المدرب فرناندو سانتوس، ويتمركز إلى جانبه في المنطقة الفنية وخارجها. كان قريبا من تخطي سلطة المدرب لكن في تلك اللحظة لم يكن أي من البرتغاليين ليهتم.
كان رونالدو يعرج بشكل واضح، ويقوم ببعض الاحتفالات في وجه سانتوس الذي كان جامدا كالحجر، والذي لم يتحرك مع عده للثواني المتبقية التي تفصل بينه وبين ضمان مكانة رياضية كبيرة في البرتغال. وعلى الرغم من أن رونالدو يتصدر العناوين وينال القسط الأكبر من المجد، لا يجب التقليل من أهمية مساهمة ابن الـ61 سنة سانتوس. فقد قدم فريقا منظما صاحب روح كبيرة. كان يمكن للبرتغاليين أن يشعروا بالأسف لأنفسهم بعد إصابة رونالدو، وأن يخشوا الأقدار التي وقفت ضدهم مرة أخرى، لكن أيا من ذلك لم يحصل. فحصلوا على مكافأتهم الكبيرة.
الاحتفال
بعد أن بكى مرتين خلال محاولته التغلب على الإصابة، انهمرت دموع رونالدو للمرة الثالثة عندما أطلق الحكم الإنكليزي مارك كلاتنبرغ صافرة النهاية معلنا عن تتويج البرتغال بطلة لأوروبا.
كان يجب أن يشعر بالألم خلال صعوده السلم بسبب الإصابة لكنه بدا وكأنه يطوف في الهواء مع رفعه الكأس وسط احتفالات عارمة. ثم كان أمام الفريق ووسطه خلال التقاط الصور التذكارية، وجلس أرضا قبل أن يقود زملاءه للاحتفال مع المشجعين، مانحا الانطباع بأن الكأس الفضية قد أنسته آلامه. لقد اختبر رونالدو مختلف المشاعر الرياضية في مسيرته الرائعة. وأمس الأول اختبرها كلها في أمسية واحدة.
الإلهام
كانت بداية رونالدو في بطولة أوروبا 2016 متفاوتة، إذ أدين لانتقاده سلوك لاعبي أيسلندا في التعادل (1 ـ 1)، في مباراته الافتتاحية، وبعد رفضه تبادل قميصه مع قميص القائد الأيسلندي آرون غونارسون بعد إطلاق صافرة النهاية. ثم أهدر ركلة جزاء في التعادل السلبي مع النمسا قبل أن يستعيد مستواه المعهود بتسجيله هدفين في التعادل مع المجر (3 ـ 3)، ومساهمته في تسجيل ريكاردو كواريزما هدف الفوز على كرواتيا في الدور الثاني، ثم سجل ركلة ترجيح في الفوز على بولندا في ربع النهائي وأخيرا افتتح التسجيل في الفوز على ويلز (2 ـ صفر)، والذي وضع البرتغال في المباراة النهائية. إنه اللاعب الذي تعتمد البرتغال عليه وقد نجح في قيادتها حتى عندما كان يتابع المباراة متفرجا في باريس.
الأسطورة
يمكن وضع رونالدو الآن في مصاف أساطير اللعبة. فقد ذاق النجاح أخيرا على المسرح الدولي، من خلال تتويجه بلقب بطولة أوروبا 2016، وأضافه إلى سلسلة ألقابه مع «مانشستر يونايتد» و «ريال مدريد».
فقد تُوج بلقب دوري أبطال أوروبا مرة واحدة مع «يونايتد» ومرتين مع «ريال مدريد» والفوز في باريس يسد ثغرة كبيرة في إنجازاته ويمكنه من تخطي خصمه في «برشلونة» ليونيل ميسي، وإن كان في مجال واحد على الأقل.
فميسي، الذي تُوج بلقب دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات مع «برشلونة»، عانى في محاولة نقل نجاحه مع ناديه إلى منتخب الأرجنتين وقد أعلن ابن الـ29 سنة مؤخرا اعتزاله الدولي بعد فشله في حملة «كوبا أميركا».