وردةٌ لدمشق

وردةٌ لدمشق

شاعرات وشعراء

الجمعة، ٢٠ فبراير ٢٠١٥

الشاعر توفيق أحمد
-1-
لي بـــاءُ بهجتها وغين غمامـها       ورنيــنُ سنبــلةٍ على أقدامهـــــا
لي نـــورُها في شـرفةٍ أعـددتُها       لأرى جلالَ الروح بعد ظلامها
هـــي شــامُ هذا الشرقِ أيَّةُ جنةٍ       أنهارُها تجري بحضرةِ شامهــا
أصغي إليــــها حـــين تفتحُ قلبَها      فأرى كلام الله عطرَ كــــــلامها
وأُحسُّ أسرابَ القطـــا تيّاهـــةً        مِنْ خَلْفها تمشي ومن قُدّامِها
كلُّ العنـــــاقيدِ التي في دفـتري       سكنتْ خوابيها وسحرَ مُـــدامها
-2-
كلُّ العصافير استعارتْ صوتها       من دفءِ غوطتها ومن أنغامها
كلُّ الرســــائلِ لا تعانِقُ عاشقاً        مـــالم يُظَلِّلــْهُ جـناحُ حمامــــها
أنا ظامئٌ و مواسمي بشرابِها        أنا جائعٌ و موائدي بطعامها
لا أرضَى إلا الأرض وهْي تدوْرُ في رفقٍ بحضرةِ صِيدِها وكِرامها
وعلى صَليلِ سيوفِها وخيولِها     وكأنَّ جِنّاً عَربَدَتْ بِلِجامِها
-3-
هاتيكَ أَعني الغوطتينِ وربما          نارُ القِرى لَمَعَتْ أمام خِيامِها
يتنهدُ التاريخُ في أضلاعــــــها       فـــأرى ظلالَ وليدِها وهشامِها

وردة أخرى لدمشق
الشاعر توفيق أحمد

هي وردةٌ أخرى..
فشرفتُنا انتهى فيها الحوارُ..
و ملّ قوسُ الياسمين من الحنينْ

أنا بانتظارِكِ لا تجيئي..
قد تَعِبْتُ من المجيء..
ومن تفاصيل الظنونْ

أنا بانتظارِكِ..
لا أُريدُ وسامَ أسئلةٍ..
تعلّقُهُ الدروبُ على سياج الوقتِ..
فالفوضى تُعيدُ إليّ ترتيبَ المواسمِ والسنينْ

أنا بانتظارك لا تجيئي ..
بابُ قلبي مُقْفَلٌ ويداي واهنتانِ ..
أرهقني شتاءُ التيهِ فانتظري هناكَ ..
فقد يكون خيارُنا المجنونُ أجملَ ما يكونْ

أنا بانتظارِكِ ..
ملّ منّي الحِبرُ , والإسفلتُ , والمتثاقلونَ ..
وأرجلُ العجلاتِ , والتبغُ الذي ينداحُ في كل الجهاتِ ..
وصوتُ حرّاس المقابر, واحتراقُ الماءِ في باب المدينةِ ..
لا تجيئي إنّهُ الوقتُ الوحيدُ لكي نحدّدَ رحلةً أخرى ..
إلى قمرينِ من خمرٍ وتينْ
أنا بانتظارِكِ ..
ليس عندي شرفةً أخرى ..
ولا وقتٌ لأرمي وردةً أخرى ..
ولا كُتُبٌ أُطرّزُ في ثناياها حماقاتي القديمةَ ..
أين جلجلتي وآخرُ ما يحدّدهُ الجنونْ

أنا لستُ من طينٍ ..
و لستُ الآن شيئاً آخر ..
ليس الهواءُ العنصرَ المفقودَ في تكوينِ ذاكرتي..
و لا النارِ عندي موضع ..
ليست طقوسُ الكونِ نافذتي إليكِ..
وليس موعدُك الجنونْ

أنا بانتظارِكِ لا تجيئي..
عابرٌ وحدي
سأشربُ من سعالِ سجائري..
و أَمُرُّ مُرْتجّاً كمثلِ دويِّ صافرةٍ ..
على عشبِ الأرائك في ثنايا قاسيونْ