قراءة تحليلية في مجموعة الأرض للشاعر علي الحموي

قراءة تحليلية في مجموعة الأرض للشاعر علي الحموي

شاعرات وشعراء

الاثنين، ١ ديسمبر ٢٠١٤

محمد خالد الخضر
يعتمد علي الحموي في نصوصه التي غلب عليها النثر على المدركات الخارجية التي تكتسب دلالات جديدة خلال استقرائه للبيئة التي يعيشها فيختلج الإلهام وتتحرك النفس التي تبدأ بتحقيق الأمر الجديد الناتج عن هواجس صاحب النص ومتغيراته على أنواعها.. كل ذلك بفضل الحالة النفسية التي تقودنا إلى تقصي الحقائق والبحث بين الحواس والانفعالات صاحبة السيكولوجيا المسببة لكتابة ما هو مطلوب يقول علي الحموي في نصه سحب لا تكف عن الذكرى:
هنا على تاريخ موقوت.. سأنتظر تلويحة يدك يا حبيبتي كنت أبقى على شاطئ أحزانك
وعبر اضطراب داخلي في ذات الكاتب يبدأ اللاشعور في اعتمال أشيائه كمقوم لما في داخل صاحب الشعور الذي هو بالأصل سبب الإلهام إلا أنّ عدم التزام الإلهام والشعور بالموسيقا يحدث خللاً معيناً بنيوياً فيما يأتي به صاحب النص مهما كان النص جميلاً ومطواعاً وعاطفياً ويمتلك علاقة مع المتلقي يقول في نص حزن:
أطلع من قمقم لأستريح قليلا
أسكب الماء على قدمي وأبكي
كلما في الأرض فجوة
أعزف على الناي الأوحد
بذلك نرى أنّ علي الحموي يحاول أن يأتي بجديد ليعوّض عن مفازات قد تنجزها القصيدة الموزونة سواء كانت من الشطرين أو من التفعيلة.. وهذه المحاولات يمكن أن تنجح إذا اعتمد الشاعر الإحساس والعاطفة والمنطق كمقومات أساسية تعتبر سبباً رئيساً في تحريك القلم على الورقة وفي الدفق الشعوري الذي يذهب إلى الورق تقول في نص بعنوان دمشق:
غادرتني السحب.. وورق الصفصاف طاع من الريح صوته
ينشد في رأسي تلك الدروب الصاخبة.. صوتي هناك يعلو..
وصديقي هناك تحت الشجرة لايزال يلهو.
وفي بعض النصوص تخرب المباشرة ألق المشاعر المكتوبة في النصوص النثرية وتضيق التعابير إلى حد انعدام المستوى الفني وضياع الرؤى والهدف فيأتي النص على شكل الكلام العادي دون هوية من ما يؤثر على النصوص الأخرى صاحبة المستوى الأرفع شأناً كقوله في نص رسالة:
ها أنت كالصعب تمزقين الصعب
ها أنت عمري.. أرضي.. هامتي
لهفتي.. لن أنسى هذا مهما قلتي
لكن الشاعر يتأثر حيناً بالظروف السائدة وهذه الظروف قد تصل إلى درجة الفتك بالمسمى الشعري ومحتوياته فتضعف القصيدة لأنّ البيئة مضطربة ومهيأة إلى كثير من الانكسارات وأحياناً يتجاوز الشاعر حد التعب ويحقق مستواه إلى حد ما في استخدام الألفاظ البسيطة وتحويلها إلى تشكيل فني هام ومعبر كقوله في نص سعادة:
عاد إلى الوطن ليستريح على جزء ضوء عتيد
علم الأبناء معنى الحياة ورسم الخارطة
رفع راية في السماء
إنّها أشياء أساسها الانفعال الموجود بسبب المحاولة والالتزام وهي إحساس مشترك يؤدي إلى تشخيص الذات وعلاقتها بغيرها وحتى إنّ كان هذا التشخيص ظاهرة جزئية مهددة دائماً بالموت أو بالعيش على قارعة الطريق يقول في قصيدة سلامية:
هناك.. عبرت إلى الطين والحدود
وشبكت عروقي مع الورود
هناك حدقت إلى جبالك الأبية.. قطفت وردة من دمي
هناك رميتها على ترابك الحنون.
ويحاول أن يحقق مفاهيمه بطريقة انتقائية نظراً لأحداث تحولاته الحياتية الكثيرة محاولاً أن يأتي بتأويلات ووقائع وأحداث تاريخية فلابد في ذلك من تأثير الأوضاع والتوترات النفسية فيأتي النص متقلباً أو متبدلاً لأنه يعتبر بغداد الذي استشهد بها علي الحموي هي من الأولويات ويجب أن تقترن بالشام وتظهر العاطفة يقول في نص بغداد:
مدية في الليل ضارية
تنسل من خلف دخان بين ضلوع عربي وليد
قامة هيفاء تنشق من وريد.. ريح زعزع تجرف نخيلاً وياسميناً
وإنّ النصوص الناتجة عن شعور هذا الكاتب يترتب عليها أن ترصد كثيراً مما يدور حولها حتى تتخطى العقبات وتصل إلى درجة الإقناع فما يمكن أن يأتي به النص يقول في نص سعادة:
عاد إلى الوطن ليستريح على جزء ضوء عنيد
تبدلت القصائد وتحولت برغم طغيان السرد النثري الذي كان واضحاً في مجموعة علي الحموي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب والتي تقع في 176 صفحة من القطع المتوسط.