جهاد بكفلوني من الرواة الحقيقيين للشعر

جهاد بكفلوني من الرواة الحقيقيين للشعر

شاعرات وشعراء

الاثنين، ١ ديسمبر ٢٠١٤

نبوغ أسعد
امتطى صهوة الشعر وحلّق في عالم الأدب ليثبت أنّه شاعر الكلمة الحرة والصادقة والقلم الذي يخط بثقة ما تبثه المشاعر والأحاسيس إنّه الشاعر الدكتور جهاد طاهر بكفلوني ابن الطبيعة الساحرة معرة النعمان التي احتضنت في حناياها ضريح الشاعر العربي الكبير أبي العلاء المعري وضريح الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز.
وقد تأثر جهاد بكفلوني بأبي العلاء المعري شاباً ويافعاً فأحب الأدب والشعر لذا كان يذهب كل يوم إلى المركز المحاذي لبيت جدته الأمية التي ساعدته وشجعته على ذلك وسماع ما يُقرأ للشعراء والأدباء في المركز أما حبه للشعر بدا واضحاً منذ أن كان في الابتدائية والإعدادية فقد كان متفوقاً في دراسته ومحط إعجاب المدرسين وبدأ يقرض الشعر بشكل واضح في المرحلة الثانوية ما جعل والده يخاف عليه من ثورة الشعر أن تثنيه عن دراسته لذلك كان كلما قدم نصاً شعرياً لوالده كي يستفيد من خبرته فهو أيضاً شاعر متمكن يكون رده بالرفض وعدم النشر لأنّه لم يأتِ أوان نشرها بعد وكان هذا من باب التشجيع فقط ليس لأنّها غير مكتملة بل كان يجد فيها قمة الإبداع والحس الشعري الذي تميز به ولده جهاد.
أحب اللغة العربية فتابع دراسته الجامعية بهذا الخصوص وحفظ لكثير من الشعراء كالمعري وأبي تمام وأحمد شوقي فقد أهداه والده مجموعته الكاملة بسبب تفوقه الدراسي وملامسته للحفظ السريع وكان شديد الإعجاب بالمتنبي كما حفظ لشعراء العصر العباسي مثل البوصيري وبهاء الدين زهير واطلع على شعراء الحداثة مثل محمود سامي البارودي الذي كان له الأثر في إيقاد شعلة الشعر العربي وحافظ إبراهيم في ملحمته العمرية ومعروف الرصافي الذي كان ينتقد في المجتمعات كل المظاهر السلبية وعمر أبو ريشة ومحمد البزم وشفيق جبري وأمين نخلة وإيليا أبو ماضي وحليم دموس والقروي هؤلاء هم من كان لهم الأثر الأكبر في بناء الشعر الأصيل، نشرت له أول قصيدة في عام 1981 ما أعطاه الجرأة لنشر ديوانه الأول بعنوان أول الغيث الذي قدمه له الشاعر الكبير وصديقه الحميم الجواهري حيث أهداه إليه في مصر ثم هديل الغدير حيث قدمه له نجيب جمال الدين وأنين الينبوع وباكورة الطوفان ودمعة البحر لقد ضم ديوانه الأول قصائد وطنية وغزلية واعتبر أن قصائد الشعر تشبه الحدائق المتدرجة بورودها وأطيابها ولكي يقدم الشاعر هذه الأطياب يجب أن يمتطي زورق الإبداع بمجدافين قويين هما القوة الشعرية وقوة اللغة العربية السليمة ليكتمل الشعر بقوامه ولأنه مغرم باللغة العربية ويعدها الأساس عنده بما تمتلكه من عذوبة، فقد كان شديد الاهتمام بهذه الواحة المليئة بالأسرار أوفد إلى بلغاريا لمدة أربع سنوات فحصل على الدكتوراه في الصحافة التلفزيونية إلا أنّ حنينه وشوقه إلى الوطن جعله يكتب الشعر الوجداني والوطني كما اطلع على العديد من الكتاب في غربته مثل موليير وبودلير فأحب الترجمة وعاد إلى سورية ليشغل منصب مدير المنشورات ويصبح عضواً في اللجنة العليا للتمثيل ومدير الهيئة العامة للكتاب.
تميز شعر الدكتور جهاد بكفلوني بقوة السبك ومتانة الأسلوب حيث اعتمد في حياته الشعرية على بحور الخليل فلم يكتب إلا شعر الشطرين معتبراً أنه أهم أنواع الشعر لكنه لم يقلل من شأن الأشكال الشعرية الأخرى كما أنه لم يهمل أي موضوع إنساني فمن يقرأ أشعاره يجد أنّه مع هموم الناس وأفراحهم وأحزانهم.
ويعتبر الشاعر جهاد طاهر بكفلوني من الرواة الحقيقيين للشعر فحفظ معظم ما قيل من الشعر الأصيل من بدايته حتى يومنا هذا وحفظ أيضاً أغلب القصص الشعرية الاجتماعية التي حدثت عبر التاريخ.
ومن أشعاره في تكريم الموسيقار سهيل عرفة قصيدة بعنوان السحر الحلال نقطف منها:
إني أتيت الحفل قيثارا شدا... والحب نبض الروح ملء عيابي
لأقص عن شغفي بنجم أشرقت... أنغامه دنيا من الأطياب
ناشدت شيطان القصيدة ومضة... وشردت مرتقباً حضور غيابي
وأظنه لبى وكان يذودني... عن سوقه بتقلب الهياب
ألحانك السحر الحلال تفجرت من معبد خمرا ومن زرياب
وطن يظل المبدعين بدوحه... أقوى من الأحقاد والأنياب