قراءة في عرق الذهب للشاعرة لبنى مرتضى

قراءة في عرق الذهب للشاعرة لبنى مرتضى

شاعرات وشعراء

الثلاثاء، ٢٣ سبتمبر ٢٠١٤

محمد خالد الخضر

تعتبر القصيدة الحديثة أمراً هاماً في المنظومة الأدبية التي تحتوي عدداً من الأشكال والأجناس، ولا يمكن لأحد منها أن ينافس الآخر في حال كانت هذه الأجناس متباينة بشكل نظامي، على أن يحتوي كل جنس أسسه ومقوماته.
فإن كانت مقومات الشعر الموزون قد تبلورت عبر التاريخ، واستقرت على اتفاق مع الأشكال والأجناس الأخرى من حيث الشرط الأساسي المهم، الذي تتفق عليه كل المكونات الأدبية ألا وهو الأساس الفني الذي يميز الإبداع والابتكار من المباشرة والبساطة أو الهشاشة في الطرح والتعبير، فمن المفترض أن تسعى القصيدة الحديثة على أن تكون موجودة بمقوم أساس تعتمد عليه وهو الإدهاش، وهذا يأتي عبر المبتكر الجديد ولدينا مجموعة عرق الذهب الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب للشاعرة لبنى مرتضى الذي يقدم لنا بعض الدلالات والإشارات على وجود جديد في تعابير وألفاظ النصوص.
تقول لبنى مرتضى في نصها إلى هيلين:
تفرض الطمأنينة جناحيها
يتهادى نور ناعم من وجنتي حبيبتي
وتفكر فيما بين الغموض والوضوح
تتجاذبها أفكار صغيرة فيما ترف
أجنحة قلبها إلى الفراغ المنظور
لترتشف ما تبقى من الكأس بحيوية أوردة الحياة الطالعة من وراء البحار
واضح أنّ فاتحة النص تمكنت من الرقي بالمشاعر والعواطف والأحاسيس وتجنيدها لخلق حالة إبداعية تتوافق مع البنية النفسية لما تريده الشاعرة لها وللمتلقي بشكل عفوي يترك الحالة أمام تفكير عن المعنى الذي تريده دون أن ترهق المتلقي بالوصول إلى الكلمات وتفكيك ومعرفة ألفاظها ومكوناتها وهذا ما هو موجود في نص حين يولد الجنون الذي تقول فيه:
على صفحة المزاج والماء النظيف
تنبت الأزهار من أناملك البيضاء
تتشابك الأعضاء في النجوى والبهاء
ينداح من ذكائك شوق النور
وفي علاقتها البنيوية مع تعابير النصوص تذهب إلى تفسير ما تريده بشكل فني أيضاً على أن يكون هذا التفسير متآلفاً مع مكونات النص الشعري فتعمد إلى توضيح المعنى الشعري الذي تراه من منظورها الثقافي والبنيوي والنفسي، وهذا ما تتفق عليه مع أغلب الكتاب في رؤيتهم الحقيقية لفحوى النص الأدبي والشعري على أنّه بالنتيجة هو ترجمة مشاعر وأحاسيس تقول في نص رقصة الناي:
القصيدة بدأت ...
بدأ الركض إلى ما حفلت به حياتي
أقول تعبت
فليستتر كل ماضٍ ببلاغة أوجاعه وخيباته
بالنتيجة التي تمر عبر أفكارها تصل إلى أنّ القصيدة مكون بلاغي وفني ويبنى  على حالة إنسانية وعاطفية إلا أنّها تمكنت أن تنقذ نصها من مطب المباشرة وتدخله في ملكوت التجديد والتكوين والإعادة بعد أن حصلت على جواز سفر فكري وشعري يتوحد فيه القلب والعقل في تكوين ما تريده، وهذا في أغلب النصوص ويسيطر على أغلب الافتتاحيات الشعرية التي جاءت بها فها هي تقول في نص وجهك المستحيل
هذه السماء لي جمعتها بالكف
كما يجمع البذار حفنة الحنطة
على عجل انقضى حلمي
يسألني الحجر الحنون من أي تراب أتيت
وفي الواقع أرادت أن تعوض بالعاطفة والحنان عن أهمية الموسيقا في النص الشعري وليس هذا فحسب بل كان الشجن واضحاً ومطرزاً لكل البدايات النصية الموجودة في المجموعة.