“الشاعر وائل أبو يزبك” شعر النثر قاصر عن الوصول إلى مكونات الشعر الحقيقي

“الشاعر وائل أبو يزبك” شعر النثر قاصر عن الوصول إلى مكونات الشعر الحقيقي

شاعرات وشعراء

الاثنين، ١٥ سبتمبر ٢٠١٤

الشاعر وائل أبو يزبك يمتلك موهبة حقيقية ترتكز على أسس الشعر الأصيل ومقوماته إضافة إلى اطلاعه على أغلب جوانب الشعر العمودي ومعطياته ما جعله يصر على عدم كتابة أي نوع من الشعر غير قصيدة الشطرين معتبرا أنها الأقدر على التعبير والتأريخ والوصول إلى المستقبل.
وفي حديث خاص لـ سانا الثقافية قال أبو يزبك أنا أكتب الشعر العمودي منذ زمن بعيد وهذا ناشئء من عوامل متعددة.. بدأت بقراءة الأدب والشعر في سن مبكرة اطلعت فيها على شعراء الجاهلية وصدر الإسلام والعصر الأموي والعباسي والأندلسي إضافة إلى ما قرأته في مكتبة والدي من كتب ثقافية وأدبية وتاريخية مثل كتاب مجاني الأدب في حدائق العرب للأب لويس شيخو كما قرأت خطب المشاهير أمثال علي بن أبي طالب والحجاج وزياد بن أبيه.
وبرأي أبو يزبك فإن هذه المرحلة مثلت انطلاقته وفتوته عبر جمع الثقافة مما كون لديه مخزونا من الألفاظ والمعاني التي بدأ ظهورها في كتاباته الإنشائية بالمدرسة.
وأضاف أبو يزبك بعد نضوج قراءتي لاحقا صرت استعيد ما كنت أقرؤه في تلك المرحلة وأصبحت أتذوق القصيدة بشكل مدروس بعد تمكني من علم العروض وموسيقا الشعر والقافية.
وتابع قائلا تعودت من خلال مطالعاتي على سماع الألفاظ الجزلة والفخمة وعلى مفردات اللغة العربية الغنية والمتجذرة في أعماق التاريخ وهذا ما جعلني أرفض ما يسمونه شعر النثر رفضا قاطعا لأنه قاصر عن الوصول إلى مكونات الشعر الحقيقي.
ورأى أبو يزبك أن الشعر بيان وخطاب لا يستطيع صياغته إلا من كان حاذقا بأسرار اللغة وجامعا لمعانيها ومبانيها لأن اللغة هي الوعاء الجامع لثقافة الأمة فحين نسمع قصيدة جاهلية أو نقرأها نحس خلالها صهيل الخيول ونعرف كيف كان جمال الحسناوات يدخل في تكوين قصائد الشعراء لذلك أرخ الشعر للأحداث الكبرى التي كانت تدور أيام امروء القيس وسواه وهذا ما دفع العرب لكتابة المعلقات بماء الذهب وتعليقها على جدار الكعبة.
فالشعر وفق أبو يزبك كائن غير مرئي يتحرك أمامنا وداخلنا دون أن ندركه وهو أشبه بملاك يسبح في فضاء هلامي يضرب في جناحيه الطوليتين مرفرفا بعوالمنا وهو عنده قبس نوراني لا يراه إلا من كان مؤمنا بحقيقة وجوده في رؤية تشبه رؤية الصوفي للذات الإلهية يدركها ويحسها ولكنه لا يراها.
وعن رأيه بقصيدة التفعيلة قال أبو يزبك ان قصيدة التفعيلة والتزامها بتفعيلات الخليل هي امتداد للشعر الأصيل وتطور للخطاب البنيوي الشعري وان كانت خرجت من الصدر والعجز والقافية أحيانا والروي لتحل محل البيت الواحد فكثيرا ما تتكرر في مطلع أو شطر وأحيانا تتعدد التفعيلات وتتفاوت وتختلف من شطر لآخر إلا أنها تفعيلة واحدة اجتزئت من تفعيلات العمودي المعروفة.
ولفت أبو يزبك إلى أن قصيدة التفعيلة ولدت نتيجة لتلاقح الثقافات العربية مع الثقافات الغربية كوافد جديد يرتدي ثيابا أنيقة ويتزين بأفخر العطور فهي تغري بمظهرها وأحيانا بمكوناتها لكنها بحاجة إلى جسد رشيق ولسان طليق ولفظ عميق حتى تقوم بأداء دورها الحقيقي.
وبين أبو يزبك أن قصيدة التفعيلة تحتاج إلى مزيد من التأمل أمام معانيها لأنها خلاصة التجربة الإنسانية عبر تفاوت الإيقاع وقوة التعبير لذلك قد تكون قراءة مثل هذا النوع من الشعر أكثر متعة وحضورا من أن يسمع على منبر.
ويعتقد أبو يزبك أن ما يسمى قصيدة النثر هو تجاوز لمفهوم الحداثة ومحاولة تحديث المحدث معتبرا أن الإيقاع الداخلي الذي يتكلم عنه الآخرون هو غير حقيقي وغير موجود فلا يمكن أن يتحسس إلا إيقاع المتنبي والنابغة وجرير والفرزدق ومن يكتب على شاكلتهم لافتا إلى أن هؤلاء الشعراء الذين يكتبون النص النثري هم ذاتهم بعيدون عن شعرهم فلا يحفظونه ولا يرتبطون به ولاسيما أنه بعيد عن المتلقي ولا يشكل لديه أي تفاعل.
كما رأى أبو يزبك أن محاولة النثريين لا تتعدى التقليد لشعراء قبلهم التزموا الترجمة واشتغلوا بأسلوب منقوص دون أن يدركوا كيفية كتابة الشعر معتبرا أن تراجع القاعدة الشعبية عن الساحة الثقافية سببه أولئك الشعراء الذين يطالعوننا كل يوم بجديدهم دون أن يعرفوا أن الحداثة هي مفهوم أعمق وذو خصوصية بالغة وأن الشاعر لا يمكن أن يتميز بهذا اللقب إلا إذا تمكن من كتابة الشعر بأنواعه.
أما بالنسبة للنقد أكد أبو يزبك أنه تراجع كثيرا بسبب كثرة النتاجات الأدبية وامتلاء واجهات المكتبات بالدواوين وكثرة الأدب المطروح دون أن تلامس هذه الأشياء الواقع أو تقترب من المفهوم الحقيقي للأدب لان دور الناقد هو كشف الجديد الذي يكمن خلف النص وفي معانيه.
وختم أبو يزبك حصلت على جوائز شعرية عديدة وكانت حافزا لي في الإبداع والكتابة ومحاولة التطور والتجاوز معتبرا أن الجائزة هي تحفيز للكتابة سواء كان عنده أو عند غيره من الشعراء.
يذكر أن الشاعر وائل أبو يزبك فاز بالعديد من الجوائز الأدبية منها جائزة المزرعة وعمر أبو ريشة ووزارة الثقافة للإبداع الأدبي في مجال القصيدة الوطنية واتحاد الكتاب العرب في السويداء وجريدة البعث وجريدة الثورة وفرع السويداء لحزب البعث العربي الاشتراكي.