وائل أبو يزبك.. الشعر العمودي عباءة مزركشة

وائل أبو يزبك.. الشعر العمودي عباءة مزركشة

شاعرات وشعراء

السبت، ٣٠ أغسطس ٢٠١٤

نبوغ الأسعد
يصمم الشاعر وائل أبو يزبك على كتابة قصيدة الشطرين التي تسمى القصيدة العمودية لأنّه تأثر بقراءة الأدب الجاهلي منذ طفولته إضافة إلى الشعر الإسلامي والأموي والعباسي إلى أن تنامى هذا العشق وكبر وتركه متعلقاً بالقصيدة العمودية على اختلاف موضوعاتها.
 ويرى الشاعر أبو يزبك أنّ اللغة والإيقاع والوزن الشعري كلّها عوامل أساسية في تأثره بالقصيدة العمودية لأنّ اللغة هي مستودع تراث الأمة وعنوان حضارتها وتطورها وهي الحامل الأساسي لحضارات الشعوب فلولا اللغة لاندثرت الحضارة, ولولاها لضاع تراثنا العربي ولم نجد وسيلة لتداوله والتفاخر به سواء كانت هذه الوسيلة مقروءة أم مسموعة.
وفي قناعته أنّ القصيدة العمودية تتمتع بلغة عالية وباسقة إنّها لغة الأجداد الذين خرجوا من الصحراء ونشروا ثقافتهم وأدبهم حتى بقي خالداً إلى يومنا هذا والمتذوق لجماليات اللغة العربية يستطيع أن يكشف عن غنى ألفاظها وسحر معانيها ومقاصدها إضافة إلى الدلالات التي توظّف وفق السياق الذي تنحو نحوه القصيدة.
ويرى أيضاً أنّ الشعر العمودي هو عباءة الشعر العربي المزركشة والموشاة وكأنها قطعة من الحرير لا تثقل الكاهل، بل تعطي إحساساً بالمتعة والسكينة وإذا كان أسلافنا تسربلوا عباءتهم تلك في قيظ الصيف وبرد الشتاء، فإنّ كل جديد ومحدث في مسيرة الشعر العربي يمكن استيعابه داخل تلك العباءة الجميلة ليحتفي بها وتحتفي هي بولادته.
ومما قرأه من التاريخ وعرفه عن سوق عكاظ وهمس الصحراء وخبب الخيول وقعقعة السلاح يجد نفسه أنّه بينهم يسمع أهازيجهم وبكاءهم وفرحهم ويقول: ألم يكن الشعر حادياً للمقاتلين في معاركهم، ألم يكن لدينا شعراء فرسان كعنترة والمهلهل، ألم يكن الشعر أنيساً لأجدادنا في شرابهم وسهرهم ولهوهم لقد أنجبت القصيدة أساطير وأساطين الشعر العربي على الإطلاق منذ أن ولدت لنا امرؤ القيس وزهير وأبو تمام والبحتري وغيرهم.
أما الشعر الحديث فيعتبره أبو يزبك ولد من تمازج الثقافات العربية مع الغربية وغيرها، وربما يعود السبب في ذلك إلى أنّ إيقاع الحياة في الغرب مدني سريع يختلف عنه في المشرق العربي، وأنّ قصيدة التفعيلة وصلت عبر تلاقح الثقافات، ولاسيما بواسطة حركتي الترجمة والنقد اللتين تجوبان أصقاع المعمورة بشكل هائل، ولاسيما أنّ الترجمة ليست حدثاً جديداً على تراثنا فقط بل نشطت في بداية عصر التدوين في زمن الخليفة المنصور العباسي واستمرت بعدها وازدهرت في زمن المأمون وإن كانت ترجمة لفلسفة الإغريق وغيرهم ولكنها كانت موجودة على الأقل وكان لابد من تأثر القصيدة العربية في القرن التاسع عشر المنصرم بهذا الشكل الجديد للقصيدة وبهذه الحلة الجديدة كانت القصيدة.
إلا أنّ -حسبما يعتقد أبو يزبك- هناك فرقاً بين قصيدة الشطرين والتفعيلة فقصيدة الشطرين باذخة بمكناها، سامقة بألفاظها، شامخة بغنى مفرداتها ومعانيها، إنّها تلقي بكل ظلالها على المتلقي. أما التفعيلة فإنّها قصيدة للقراءة وللتأمل وتفاعل فيها الذات الشاعرة مع الذات المتلقية وتنتقل تفعيلات أوزانها وموسيقاها من ثلاث إلى أربع أو أكثر أو أقل وربما تصل إلى تفعيلة واحدة في السطر الواحد وذلك تبعاً للحالة النفسية التي تسيطر على الشاعر لحظة القبض على الكتابة وتبعاً للدلالات والرموز التي يحملها النص فهي تتميز بجمالية متفردة وجاذبية لا يعرف سحرها إلا من تذوقها أو أغرق حبره فيها.
صاحب هذه القناعات هو الشاعر وائل أبو يزبك مفتش لدى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، شارك في العديد من الأمسيات في السويداء ودمشق وريفها وغيرها من المحافظات كما شارك بمهرجانات عديدة كالمزرعة بالسويداء والشيخ صالح العلي بطرطوس، وحصل العديد من الجوائز في الشعر وهي جائزة اتحاد الكتاب العرب وجائزة جريدة البعث وجائزة جريدة الثورة وجائزة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي بالسويداء وجائزة المزرعة وجائزة عمر أبو ريشة وجائزة وزارة الثقافة للإبداع الأدبي في مجال القصيدة الوطنية.