لدمشق هذا الياسمين جديد ليندا ابراهيم

لدمشق هذا الياسمين جديد ليندا ابراهيم

شاعرات وشعراء

الجمعة، ٢٣ أغسطس ٢٠١٣

يغلب على مجموعة "لدمشق هذا الياسمين" لصاحبتها الشاعرة ليندا إبراهيم البوح الشفيف عبر تجليات رقيقة وفق نغم موسيقي كونت جميعها البنية التركيبية لأغلب قصائد المجموعة حيث ابتعدت الشاعرة ابتعادا كليا عن التكلف والتطريز في كتابة القصيدة.
عندما يكبر الحب في قلب شاعرة في مقتبل عمرها تتنافس الرؤى داخل مكونات الموهبة وتتباين داخل فضاءات الروح قد يكون للعشق دور فيأخذ كثيرا من كتابات الشاعرة وقد يكون للجمال دور آخر لكن هناك ثوابت لا يمكن أبدا أن يكون لها منافس كالأشياء التي ترتبط بالوطن أو تشير إليه أو تعبر عنه كما في قصيدة لدمشق هذا الياسمين تقول: لدمشق هذا الياسمين .. يضوع في جنباتها لدمشق ما نثر الغمام .. من اليمام على مدى شرفاتها ..
تتكون الموسيقى في قصائد ليندا إبراهيم بشكل عفوي حسب الموروث الثقافي المتراكم في الموهبة الشعرية التي تحتم وجود تناغم موسيقي وتآلف عاطفي يرافق الحركة التي تؤديها القصيدة في موضوع واحد من المفترض أن يكون متماسكا ومتوازنا منذ انبعاث القصيدة في انفجارها العاطفي إلى انتهاء الحدث في البيت الأخير تقول في قصيدة سورة الحب الحمد للحب .. استعنت .. بفيض فيض صفاته لأقيم مملكة الجمال .. فالوجد لي .. ولوجهه وجلاله معنى أقر بذاته
أما قضية الابتكار وخلق الجديد فليس ضروريا أن يكون في هتك الضابط الموسيقي أو التمرد على التفعيلة الخليلية فالمجال أمام الشاعرة واسع ولا سيما إذا كانت الموهبة متماسكة في ما تحتويه من أشياء جمالية أو غير ذلك أتى بها الخيال فهي أشياء تتمكن الشاعرة من العمل عليها وفق احترام الموسيقى والإبداع على شيء من تفعيلاتها بصفتها الأداة والوسيلة الأقدر تواصلا مع المتلقي تقول في قصيدة مفرد من حنين مفرد من حنين .. كائن من قلق لك إن الجمال .. لسناه انخلق أو كأن الدجى عن ضياه انبثق
تعتمد الشاعرة على رؤى أخرى غير التي يعتمد عليها بعض الشعراء في المعنى الذي تراه في الشعر وذلك ضمن تأويل فلسفي يتكون في النفس بعد معايشتها لسبل الحياة وتآلفها مع صنوف متنوعة من البشر تقول في قصيدة شاعر ويعيش في قلق .. يمنيه الفراش برقة المعنى .. وتأسره أيائل فتنة ربيت على سحر الحكاية.. تستبيه بوارق الصبوات يمضي نحوها .. كي يجتبي عسل الصبابات الفريدة تتداعى الذكريات بعد جذوة الحنين فللبكاء شكل آخر ترق له كل الكائنات لأن الشوق موحد بين حبيبين اشتاقا لأيام لعبا فيها على المرابع والطلول وفي الأزقة إنه بكاء شاعرة له عذوبة في الشجن عندما تجعله ألفاظا متوالية في نسيجها الشعري الذي كون قصيدة حنين تقول: يبكي وأبكي ولا ناي ولا قصب .. حتى انتبهنا وقد شفت لنا الحجب نبكي المرابع إذ طابت لنا زمنا .. حيث الهوى رائق واللهو واللعب
ترى الشاعرة إبراهيم ضرورة في احترام الموهبة من خلال المحافظة على التراث بشكل يتلاءم مع المعاصرة الثقافية حتى يتسنى للكلمة أن تصل بمضامينها حيث تشاء فتصل بين أبي الطيب المتنبي وعصره الشعري الجميل وبين عصرنا الذي يؤرقه القلق وتحاول أن تبتكر شيئا بين الاثنين كما في قولها في قصيدة المرض الأخير لأبي الطيب المتنبي روحي.. تكابد وجدها الأقصى .. وعمري طاعن في الحزن .. حتى الشام قلبي مطفأ القنديل .. لا زيت فيسرج هذه النفس الجموح
اختلفت الطرائق التي أتت عليها قصائد الشاعرة دلالة على تمكن موهبتها من العطاء فكانت قصيدة التفعيلة وقصيدة المجزوء وقصيدة الشطرين إلا أن هذه النماذج تأتي وفق حالة عاطفية واحدة تدل على محاولة الشاعرة أن تتفرد بأسلوب شعري خاص وإن كان شعر الشطرين يتفوق على البقية تقول في قصيدة نفحات أتيت ومالي غير حبر أريقه .. ردائي قميص الدمع والحزن غازله أسطر نص الماء في قلب غيمة .. وبي من حنين الطين روح تحاوله ويملأ قلبي الشدو ما رف طائر .. وغنت على غصن الزمان بلابله يذكر أن الكتاب من منشورات اتحاد الكتاب العرب يقع في 100 صفحة من القطع المتوسط.