يوم ميسلون

يوم ميسلون

شاعرات وشعراء

الأحد، ١٦ أبريل ٢٠١٧

للشاعر خليل مردم بك

أدالَ اللهُ (جلَّقَ) من عداها
وَأحسنَ عن أضاحيها عزاها
فكم حملتْ عن العربِ الرزايا
كذاك الأُمُّ تدفعُ عن حماها
مضتْ عشر عليها حالكات
كقطعِ الليلِ لم يكشفْ دجاها
أعادتْ عصرَ (تيمورٍ) إليها
فظنتْ مرةً أُخرى غزاها
وَما شابتْ لها الأطفالُ لكنْ
بشرعِ طغاتِها وَردتْ رداها
عرفنَا يومَ (يوسف) مبتداها
فهلْ مِنْ مخبرٍ عن منتهاها

(أَيو سفُ) والضحايا اليومَ كثرٌ
ليهنك كنتَ أولَ من بداها
زكا نبتُ البلادِ وَليس بدْعاً
زكيّاتُ الدما كانت حياها
فديتُك قائداً حيّاً وَميْتاً
رفعتَ لكل مكرمة صُواها
غضبتَ لأُمةٍ منها معدٌ
فأرضيتَ العروبةَ والإِلها
فيالك راقداً نبّهتَ شَعباً
وأيقظتَ النواظرَ من كراها
وَيا لك ميِّتاً أحييتَ منا
نفوساً لا تقرُّ عَلَى أذاها
ويا لك عاثراً أنهضتَ منا
عزائم بعد ما وهنتْ قواها
سمتْ بك للمعالي نفسُ حرٍ
لقدْ كانت منيّتها مناها
هويتَ عَلَى المنيةِ لا تبالي
كما تهوي الثواقبُ من سماها
فدًا لك بل لنعلك كلُّ تاجٍ
تصرّفه الطغاةُ عَلَى هواها

مصيبةُ (ميسلون) وَإن أَمضّتْ
أخفُّ وَقيعة مما تلاها
فما من بقعةٍ بدمشق إلاّ
تمثل ميسلونَ وَما دهاها
فروعُ النارِ قد طالتْ ذراها
وَبالدمِ لم يزلْ رطْباً ثراها
فسلْ عمّا تصبّبَ من دماءٍ
تخبّركَ الحقيقةَ (غوطتاها)
وَلم أرَ جنّةً أمسى بنوها
وقودَ النارِ فائرةً سواها
وَما زالتْ بقايا السيفِ منهم
تعاني غربةً شطّتْ نواها
هُمُ كتبوا صحائفَ خالداتٍ
أرى صدرَ الزمانِ لقدْ وَعاها
وَمحنتُهمْ عَلَى مرِّ الليالي
يرنُّ بسمعِ الدنيا صداها
عشقتُ دمشق إِذْ هِيَ دارُ خلدٍ
مقيم سعدُها دانٍ جناها

عيد الجلاء – للشاعر بدوي الجبل

الزغاريد فقد جنّ الإباء
من صفات الله هذي الكبرياء
بأبي العزلاء في غمرتها
آلة الحرب جراح ودماء
بنت مروان اصطفاها ربّها
لا يشاء الله إلاّ ما تشاء
هي في غسان لا بأس وندى
وهي في الإسلام فتح وبلاء
جمرة الحق سبحان الذي
صاغ هذا الجمر من ظل وماء
الأديم السّمح عطر ورؤى
ربّما أغفى عليه الأنبياء
وعلى كلّ مكان جدّة تأسر
العين ونعمى ورواء
خالف المشهد فيها جاره
فلدات الحسن شتّى غرباء
كلّ حسن بدعة مفردة
ليس بين الحسن والحسن إخاء
تندر الأشباه ممّا اختلفت
صور الحسن وتخفى النظراء
الورود الحمر ذكرى وهوى
وطيوف من جراح الشّهداء
نفحة الصّبح على غوطتنا
خبر عنهم وأطياب المساء
حملت زغردة العرس لكم
فانتشى الأفق ولم يصح الهواء
أيّها الدنيا ارشفي من كأسنا
إنّ عطر الشام من عطر السماء
شهداء الحقّ في جنّتهم
هزّهم للشام وجد ووفاء
تضحك (الرّبوة) في أحلامهم
هل عن الرّبوة في عدن غناء
كلّما هبّت صبا من (دمّر)
رنّح الجنّة طيب وغناء
خيلاء الحقّ في عدن لكم
يغفر الله لقومي الخيلاء
واعذروا عدنا على غيرتها
إنّها والشام في الحسن سواء
شهداء الحقّ هل يسكركم
في نعيم الله شعر وغناء
فسلوا الله بما قدّمتم
يكشف الله عن السرّ الغطاء
وإذا الفردوس مجلو على
مفرق الشمس فما فيه خفاء
عربيّ الدّار والأهل معا
والرحيق المشتهى والندماء
حمحمات الخيل في أفيائه
وقرى الضيف وترجيع الحداء
عمر الفردوس ظلا وقرى
وتجلّى للوفود الخلفاء
آل مروان جلال وندى
وبنو العبّاس هدي وضياء
متصافين على نعمائه
ليس في الجنّة إلاّ الأصفياء
سكب الله على أحقادهم
من نديّ الحبّ ما شاؤوا وشاء
وعلى السدّة قحطانية
جلي الملك وقيل : الشعراء
وتغّنيت فمرّت صور
لذّة الأحلام من دنيا الفناء
كلّما سلسلت من ألحانها
مسحوا الدمع على فضل الرّداء
أنت ميراث لنا من عمر
يسأل الديّان عنه الورثاء

يا فلسطين هوى مسعر
من ربى الشام ونصر وولاء
وتحيّات الرضى من دجلة
وسلام الله من غار حراء
أين من ثأرك والثأر دم
خالد الفتح وأين الأمراء
اليهود استأسدوا فيك فمن
جرّأ الضعف وأشلى الضعفاء
كلّما جدّل منّا بطل
زغردت في زحمة الهول النّساء
الظباء الأمويّات وفي
خدرها الدّنيا : حمى الله الظّباء
كلّما نادين فتيان الحمى
كبّر الفتيان وارتدّ النداء
نحن للغوطة في الجلّى فدى
ولهذا الكحل في العين فداء
سقت الجرحى فلم يظمأ فتى
رشف الكوثر من هذا السقاء
شهداء الحقّ لا أبكيكم …
جلّت الغوطة عن ضعف البكاء
جلّ هذا الدم أن يرثى له
عار سفّاكيه أولى بالرّثاء
الرّبى في ميسلون استعبرت
أين دمع الحزن من دمع الهناء
أقبل الدّهر عليها تائباً
وعفا يوسف عن جور القضاء
يا ظباء الأمويّين اضحكي
تضحك الدّنيا ويغمرها الصفاء
واغمزي الأنجم هذي أعين
شأنها في الدّهر لمح واجتلاء
أعين حبّك قد سهّدها
فاغمريها بالمنى تغف السّماء
وعلى السدّة والنقع دجى
أموي الفتح مرموق البهاء

ملك مروان لكم وحدكم
قد جلا الإيمان كلّ الشركاء
الغد الميمون في الدنيا لكم
فاقتحم يا جيش وأخفق يا لواء

الجلاء للشاعر – شفيق جبري

حلم على جنبات الشام أم عيد؟
لا الهم هم ولا التسهيد تسهيد
أتكذب العين والرايات خافقة
أم تكذب الأذن والدنيا أغاريد
ويل النماريد لا حسن ولا نبأ
ألا ترى ما غدت تلك النماريد
كأن كل فؤاد في جلائهم
نشوان قد لعبت فيه العناقيد
ملء العيون دموع من هناءتها
فالدمع در على الخدين منضود
لو جاء داوود والنعمى تضاحكنا
لهنأ الشام في المزمار داود
على النواقيس أنغام مسبحة
وفي المآذن تسبيح وتحميد
لو ينشد الدهر في أفراحنا ملأت
جوانب الدهر في البشرى الأناشيد

هذي بقاياك يا حطين بددها
لله ظل بأرض الشام ممدود
ليت العيون صلاح الدين ناظرة
إلى العدو الذي ترمي به البيد
اضرب بعينيك هل تلقى له أثراً
كأنه شبح في الليل مطرود
ظن اجتياحك مأمونا فشرده
حدا السيوف وللأسياف تشريد
لم يبق غل على ربع تظلله
تشقى به اليد أو تشقى به الجيد
أضحى رفاتك في أمن وفي دعة
سيف العدو على الأحقاب مغمود
أين الأعاجم ما حلوا ولا رحلوا
كأنهم حلم في الفجر مردود
من كان يحسب إن الشام يلفظهم
وأن طيفهم في الشام مفقود
تمكنوا من جبال الشام واعتصموا
فكل حصن على الأجيال مريد
فما حمتهم قلاع في مشارفها
ولا أظلم حشد وتجنيد
أين القلاع على الأطواد عانية
وأين منها تهاويل وتهديد
أيحسبون بقصف الرعد مرعبة
قصيف وعندهم في السمع تغريد
فما القواذف بالنيران هادمة
حوضا تعهده قوم صناديد
ظل العروبة أن يغضب لوارفه
بغضب له الغر من عدنان والصيد

أغركم من شباب الشام يومهم
بميسلون وللأيام تنكيد
جئتم حماهم فلم يملك جفونهم
غمض الليالي وهل تغفو المقاييد
ما نامت الشام عن ثأر تبيته
هيهات ما نومها في الثأر معهود
تكاد تفلت من أكفانها رمم
لتشهد الثأر يوم الثأر مشهود
لو استطاعت لهبت من مدافنها
تسعى الزرافات فيه والمواحيد
يا ميسلون وما الأحداث منسية
ذكرى تفيئها تلك الأماليد
هذي دماؤك ما تنفك دافقة
تجري بها حمى الوادي الأخاريد
من باب واديك هاج العلج أدمعنا
وبابك اليوم دون العلج مسدود
ثارت لك الشام لم أقهر مرابعها
شدائد غلغلت في جوها سود
وكلما بليت أفواف غوطتها
عادت وفي الغوطة الغناء تجديد
خلت ملوك وأرض الشام طاوية
تاج الملوك وتاج الشام معقود

يا فتية الشام للعلياء ثورتكم
وما لا يضيع مع العلياء مجهود
جدتم فسالت على الثورات أنفسكم
علمتم الناس في الثورات ما الجود
بنيتم الملك من أشلاء عترتكم
يوطد الملك مهشوم ومحصود
تلكم قريش وأنتم في ذؤابتها
توحي إليكم على الأيام أن سودوا
وللعروبة في أظلالكم لجب
لها من الوحي والقرآن تأييد
ما في النعيم عن استقلالكم عوض
وكيف ينعم مغلول ومصفود
فإن جمعتم شتات الأمر بينكم
فالملك متسع الأفياء موطود
إن لم يكن مضر الحواء سيدة
فما يقر عيون العرب تسويد