ديوان الشاعر الراحل بدوي الجبل بطبعته الجديدة.. قصائد تؤرخ لمرحلة تاريخية حافلة

ديوان الشاعر الراحل بدوي الجبل بطبعته الجديدة.. قصائد تؤرخ لمرحلة تاريخية حافلة

شاعرات وشعراء

الثلاثاء، ٢٠ سبتمبر ٢٠١٦

أعادت وزارة الثقافة طباعة ديوان الشاعر السوري الراحل بدوي الجبل محمد سليمان الأحمد نظرا لقيمته التاريخية حيث تناول الشاعر جملة من المناحي الوطنية والاجتماعية والسياسية.

وتتضمن الطبعة الجديدة التي صدرت عن الهيئة العامة السورية للكتاب أبياتا لعدد من قصائد الشاعر الراحل وردت من عائلته في معرض تصحيح الديوان المنشور قبل ثمانية وثلاثين عاما فضلا عن قصيدة رثاء كتبها مطلع شبابه.

وفي ديوان بدوي الجبل يبدو الوطن أحب إلى قلبه من كل شيء آخر فيتجلى في حب الرموز التي دافعت عنه من أجل حماية ترابه وكرامته وهذا ما ظهر في قصيدة الشهيد التي أهداها إلى روح المناضل إبراهيم هنانو فبدت القصيدة عريقة في تركيبها الشعري الذي اختار له البحر الكامل وهو من البحور المتجذرة في تاريخ الشعر العربي إضافة إلى الروي الصعب المراس في الحضور الشعري فقال:

“إذا ملكوا الدنيا على الحر عنوة..ففي نفسه دنيا هي العز والكبر

وإن حجبوا عن عينه الكون ضاحكا..أضاء له كون بعيد هو الفكر”.

الشاعر بدوي الجبل أثرت به الغربة كثيرا فكانت عاطفته سببا لكتابة أهم القصائد الشعرية التي تزين بها ديوانه فجمعت بين مقومات الشعر والعفوية والانسياب والاخلاص حيث كانت الحروف تؤدي دورها في شد وشائج تداعيات الأبيات وانبثاقها إلى نهاية حدثها.

وبعد عودته من الغربة التي فرضها المستعمر كتب قصيدة عاد الغريب فبدت دمشق عظيمة في داخله الإنساني ما جعله يعبر عن حبها أجمل تعبير ويبسط بين ذراعيها كل أشواقه وأحلامه وأمانيه العذاب فتأتي القصيدة مزركشة بالعنفوان والحب والانعتاق إلى أبهى أنواع السمو في نسيج لا ينقصه دلالات وجماليات واحتراف في التعبير عن ذات شاعر وجدت لتعكس جمال وطن لا يشابهه جمال فقال:

“حلفت بالشام هذا القلب ما همدا.. عندي بقايا من الجمر الذي اتقدا

لثمت فيها الأديم السمح فالتهبت..مراشف الحور من حصبائها حسدا

عاد الغريب و لم تظمأ سريرته.. فقد حملت بها في غربتي بردى”.

وفي القصيدة التي ألقاها في مهرجان المعري إيه حكيم الدهر تجلت العبقرية الشعرية عند بدوي الجبل بأسلوب سهل ممتنع يمتلك إحساسا مقنعا بالنزوع الشعري إلى عدالة الانتقاء وتخليد الجمال فتمكن من انتقاء القافية التي استطاعت أن تتلازم مع تحولات القصيدة في تعداد رؤى الشاعر المعري وهو يصوغها إلى زمن لا يرحم ولا يجامل فالتاريخ دائما فيصل في قول الحقيقة فقال:

“خلي الندى كرامة للراح..عجبا أتسكرنا وأنت الصاحي

الدهر ملك العبقرية وحدها.. لا ملك جبار ولا سفاح

أعمى تلفتت العصور فما رأت..عند الشموس كنوره اللماح”.

يشار إلى أن ديوان بدوي الجبل يقع في 726 من القطع الكبير ويتضمن مقدمة من خمسين صفحة كتبها بقلم صديق الشاعر الكاتب الفلسطيني الرحل أكرم زعيتر الذي وضع كتابا قبل نحو ثلاثين عاما بعنوان بدوي الجبل وإخاء أربعين عاما.

محمد خالد الخضر