“فراشة الوقت” مجموعة شعرية لعلي الكعود تجمع الأصالة والمعاصرة

“فراشة الوقت” مجموعة شعرية لعلي الكعود تجمع الأصالة والمعاصرة

شاعرات وشعراء

الثلاثاء، ١٢ يوليو ٢٠١٦

تحتوي مجموعة النصوص الشعرية لمؤلفها علي جمعة الكعود التي جاءت بعنوان “فراشة الوقت” على مواضيع اجتماعية وإنسانية وفلسفية تذهب إلى عمق في المعنى وجودة في المبنى حيث استطاع الشاعر أن يوفر أغلب الأسس المكونة للنص الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة.

كمعظم الشعراء تتصدر الأم أقصى الانفعالات الوجدانية في نصوص الكعود فيطرز انفعالاته برؤيته النفسية والفلسفية التي تعطي الأم بعضا من حقها السامي في نسيج شعري مموسق ومملوء بالعاطفة والشجن يقول في قصيدة “من وحي أمي”.. “أمي.. على أغصان ضحكتها.. تحط يمامة.. وعلى ابتسامتها نشيد وإذا بكت أمي.. تثور بحور أشعاري.. ويهجرني القصيد.. أمي ويكفي لن أزيد”.

وفي الرؤية الذاتية يذهب الكعود إلى خصوصية نفسية تعتمد على اطلاعات واسعة في عالم الأدب والشعر والكتابة وتقدم معنى آخر لطبيعة كتابة الشعر ولحضور الموقف البنيوي للذات الشاعرة فيقول في قصيدة “مسقط رأيي”.. “لو استطيع.. نفثت نار الشعر من صدري.. وطلقت الكتابة.. وانتشلت بقيتي.. من بين أسئلة الكآبة”.

أما الغزل عند الكعود يغلب عليه الوصف شأن الشاعر المنضبط اجتماعيا ونفسيا فيعرض عن البوح ويكتفي بالشفافية والصورة التي تأخذها الموسيقا إلى جمال تشكيلي على حساب العاطفة والحضور الواقعي لما يدور في النفس البشرية وهذا أمر طبيعي عند الشاعر الملتزم فقال في قصيدة وردة.. “لما رسمتك وردة في دفتري.. شدت الورود وغار منك الدفتر
والحبر أسكره عبيرك فارتمى.. بين السطور وفاح منه العنبر وتغزل القلم الحزين وما رأى.. حبرا على فمه يميل ويسكر”.

ويتقمص الشاعر الكعود الوطن في بنيته الشخصية عبر ذاته الشاعرة فيعترف بما يدور حوله من ألم وما يؤرقه من وجع محاولا أن يدافع عن الوطن بأقصى ما يمكن عبر واقع عاطفي ممزوج بالإيحاءات الدالة على أهمية الوطن كما جاء في قصيدة “صرخة وطن”.. “تنكرني وجهي وغابت ملامحي.. وصار دمي ماء بشرع المذابح دمي صار ماء بعد ذبحي عل يدي.. فرغم قناع الموت أعرف ذابحي سكاكين أغراب وأهل تكالبت.. على جمل بين المصائب صائح”.

ثم تستمر القصيدة في صعودها خلال خط بياني يذهب إلى أقصى درجات التأمل والطرح الفكري الذي يأتي عبر شاعرية ترفل بموهبة غراء تمتلكها نفس بذلت قصارى جهدها في الحضور الشعري قال في قصيدة “فراشة الوقت”.. “لا وقت للوقت أمسى ظله اثرا.. وللسراب احتمال في فيافيه يمر كاللص منسلا إلى جهة.. مجهولة الوجه ضاقت من تخفيه العمر جزء يسير من خزائنه.. وسرقة الحلم بعض من أمانيه”.

في مجموعة فراشة الوقت الصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب تنوع تشكيلي في أسلوب الطرح الشعري يجمع بين الأصالة والمعاصرة دون أن تتخلى الموهبة الشعرية عن مكانتها ومكوناتها إضافة إلى أهمية العاطفة الإنسانية والوجدانية في كل النصوص بالمجموعة.

يشار إلى أن الشاعر الكعود من مواليد الحسكة 1972 وهو حاصل على إجازة في الحقوق وله إحدى عشرة مجموعة شعرية وحاصل على جوائز عدة في سورية ومصر وفلسطين وإيران وهو عضو في جمعية الشعر باتحاد الكتاب العرب.