الخنساء شاعرة الفخر والرثاء

الخنساء شاعرة الفخر والرثاء

شاعرات وشعراء

الأربعاء، ١٦ مارس ٢٠١٦

عامر فؤاد عامر
الخنساء ظاهرة فريدة في الشعر العربي فهي شاعرة الرثاء في عصري الجاهليّة وصدر الإسلام من دون منازع. ويقال إن عينيها تقرحتا من شدّة بكائها أخويها صخراً ومعاوية وقد نهاها الخليفة «عمر بن الخطاب» عن البكاء وفي تلك المناسبة رثتهما شعراً فرقّ قلبه عليها. ومن الأقوال المأثورة عنها ما قالته لأولادها الأربعة قبل الذهاب لمعركة القادسيّة: «اعلموا أن الدار الباقية خيرٌ من الدار الفانية…»، وقد استشهدوا أيضاً في هذه المعركة.

صورة مشرقة
ضمن سلسلة «عظماؤنا» اختارت الدكتورة «سحر عمران» شاعرة الفخر والرثاء «الخنساء» لتكون صورة مشرقة في أذهاننا من جديد تذكر مآثرها بصورة واضحة وسريعة ومبسطة، وضمن شروط هذه السلسلة الغنيّة. فكان الكتاب في بابين الأوّل نبذة عن الخنساء والثاني اختياراتٌ من شعرها إضافةً للمقدمة.

نبذة عن الخنساء
هي تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد السّلّمي، المولودة عام 575 م، ولُقّبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبته. وينتهي نسبها إلى الشاعر العربي امرئ القيس. عُرفت بحريّة الرأي وقوة الشخصيّة، وتزوجت مرتين وكان زواجها الأوّل من ابن عمها «رواحة عبد العزيز السلمي» وأنجبت منه ولداً. أمّا الزواج الثاني فكان من «مرداس بن أبي عامر السّلّمي» وهو ابن عمها وأنجبت منه أربعة أولاد. قضت معظم حياتها في الجاهليّة ولما أدركت الإسلام اعتنقته هي وأولادها. وتضاربت الروايات حول تاريخ وفاتها ومن المرجح أن يكون عام 664 م.

في الصدارة
يجمع أهل العلم بالشعر أنه لم يكن هناك امرأة قبلها ولا بعدها أعلم منها بالشعر، وجاءت شهرتها الكبيرة في الشعر بعد رثائها لأخويها صخر ومعاوية – في العصر الجاهلي – وكذلك في حثّها أبناءها الأربعة على الحرب في معركة القادسيّة – في عصر الإسلام – فكانت مثالاً للمرأة المسلمة والعظيمة والمؤمنة المحتسبة الصابرة والمربية الفاضلة. وتقول الدكتورة «سحر عبد الله عمران» في شاعريّة الخنساء: «…أهمّ ما اتسم به شعرها هو السهولة واللين والعاطفة الهائجة التي تنطق دونما تكلف. بقي أن نشير إلى أن شعر الخنساء كلّه رثاءٌ ممزوجٌ بالفخر».
قالت الخنساء ترثي أخاها صخراً:
يا عين مالكِ لا تبكينَ تسكابا؟
إذ رابَ دهرٌ، وكان الدهرُ ريّابا
فابكي أخاكِ لأيتامٍ وأرملةٍ
وابكي أخاكِ، إذا جاورتِ أجنابا
المجدُ حُلّته، والجود علّتهُ
والصّدْقُ حوْزتُهُ إن قِرْنهُ هابا

وقالت في معاوية بن عمرو:
دعوتم عامراً فنبذْتموهُ
ولم تدعوا معاويةَ بنَ عمرو
إذا لاقى المنايا لا يبالي
أفي يُسرٍ أتاهُ أم بِعُسرِ
كمثلِ اللّيثِ مُفترشٍ يديه
جريءِ الصّدْرِ رِئبالٍ سِبَطْرِ

وقالت في «كُوْزٍ» ابن أخيها صخر:
من لامني في حبّ كوزٍ وذكره
فلاقى الذي لاقيتُ إذ حفرَ الرّحمْ
فيا حبذا كوزٌ إذا الخيل أدبرتْ
وثار غبارٌ في الدّهاسِ وفي الأَكَمْ
فنعمَ الفتى تعْشو إلى ضوءِ ناره
كُوَيْزُ بن صخرٍ ليلةَ الرّيح والظلمْ

عظماؤنا
الكتاب من إصدارات وزارة الثقافة، الهيئة العامة للكتاب، سلسلة «عظماؤنا» التي جاءت بدايةً بأبي فراس الحمداني، ثم عمرو بن عبد العزيز، وابن النفيس الدمشقي، وابن عساكر، وأسامة بن المنقذ، والخنساء التي جاءت في الكتاب السادس من إعداد وتقديم الدكتورة سحر عمران.