أبشع انهزامات الشعر

أبشع انهزامات الشعر

شاعرات وشعراء

الأحد، ١١ أكتوبر ٢٠١٥

محمد خالد الخضر
بعد أن فعل القات الثقافي والأفيون ما فعله برؤوس الكثيرين أصبح مثيراً ذلك الكائن الذي يسمى الشعر فهرع أغلبهم وراح يفتش عن مكان يتمكن من خلاله أن يكتسب تلك التسمية لأنها قد تقدم الإنسان اجتماعياً وقد تعطيه ميزات لا يمكن أن يحصل عليها في مرتبة أخرى فهناك من وجدوا أن المال يمكنهم من طباعة كتاب وعندما يطبع هذا الكتاب يكون قد وصل إلى مرحلة الصدارة وكانت الكتب كثيرة ولا سيما في الآونة الأخيرة التي تلت انطلاق الحرب الغاشمة على سورية ومنهم من تلقفته ميلشيات ضمن مخططات غير مفهومة ولكن تشير بوصلتها إلى الماسونية العالمية أو الصهيونية أو إلى هدف تخريب التراث العربي وتدمير حضارة كانت ومازالت تتجلى عبر الزمن إلى أجل غير مسمى وثمة مقاصد قد تكون إيجابية ولكن أصحابها لا يمتلكون الموهبة الحقيقية التي تجعلهم خلفاً لسلف استولى على الأخضر واليابس في تاريخ الشعر وحتى الآن لم يتمكن أحد من تجاوز هو من هذا النمط الإيجابي الشاعر مظفر النواب الذي ارتقى بنيوياً على ألفاظ الشتائم والسلوك المعاكس لأنماط مختلفة فلم يتمكن أحد حتى مطلع أو منتصف التسعينيات أن يرصد قصيدة متكاملة فنياً وإنسانياً وعروضياً إلى مظفر النواب وحتى يومنا هذا لا يمكن أن ترصد ذلك أيضاً رغم تطوره الدلالي في الآونة الأخيرة، إلا أنه ظل منكسراً أمام ركوب بحور الخليل فعوض عن ذلك في إلقائه الأخاذ وانفلاته من الصحو قبل خروجه غلى أي منصة أدبية ونحاول أن نختار النموذج الأكثر التزاماً بالألفاظ لندل إلى ما نذهب إليه بقول في قصيدته جسر المباهج القديمة:
سوف أحدثكم في الفصل الثالث عن أحكام الهمزة، وفي الفصل الرابع عن حكام الردة.
وأما الآن فحانات العالم فاترة.. ملل يشبه علكة بغي.. لصقته الأيام بقلبي
إذا تابعنا النغمة الموسيقية نجد الانكسارات المتتالية في حرمة الخط البياني للعاطفة الممتزجة بالتحول الموسيقي والذي أخذ أكثر من تفعيلة إلى حد الكسر المرهق للسمع وهذا ما فعله أيضاً هادي دانيال في قصيدته المارقة لغوياً والتي انهارت موسيقياً واقتصرت على بعض الإيماءات وجاءت بعنوان افرنقعوا.. لا ظلال على خيال دماغي ذي الأجنحة الفولاذية
افرنقعوا أحزاباً وطوائف.. قدامي آفاق لا تلامس أحلامكم الوردية وكوابيسكم السوداء عتباتها.
لهذا السبب الذي يدل على أن السيد دانيال غير متمرس في العروض ولا في اللغة ذهب في بعض اتجاهاته لافتعال مشاكل أدبية كتلك التي يفتعلها أدونيس دائماً عندما تضيق به دائرة حب الجمهور لتصل إلى درجة الصفر فأدونيس الذي قال في لقائه ذات عمالة على قناة أورينت المهزوزة وطنياً وبنيوياً أمام سهير خير الذهبي (الجمهور لا يحب إلا المبتذل والسطحي والعام والذي لا قيمة له والجماهير تحب المبتذل بنزار قباني ويتدنى الشاعر بقدر جمهوره ونزار قباني يشكل جمهوره حجاباً على شعره) هذا النمط المتتالي والمتكرر الذي يخدم منظمات دولية لا يقتنع بجمهور إلا وجهه أمام المرآة سواء كان بشعر طويل أو بغليون متقدم أو قد يكون بلباس شفاف يظهر المفاتن فتطغى على الشعر والمشاعر وتجعل المسؤول عن قراءة الكتاب يترك شعره هو الآخر متدلياً ويوقع من دون أن يعي ومن دون أن يرى أو يسمع وبعد هذه الجرأة على حضارتنا الشعرية والثقافية وانعدام الوزن الثقافي الذي كنا نتحلى به أو نستقوي به إذا صح التعبير بدأنا نقيم شويعر أو شعراء العصر الحديث من خلال ما يطبعونه أو ما يرتدونه أو يشربونه أو يفعلونه إلى درجة قصوى فإذا سألت صاحبة المجموعة الشعرية التي جاءت بعنوان ورود شفتيك السيدة إيمان الموان تحت أي نوع من الشعر نسمي قصيدتك ورود شفتيك التي جاءت بمجموعتك المطبوعة والتي حملت ذات العنوان ومنها:
لعينيك فقط أكتب.. ورود شفتيك والحب
أصداء وشباب يشدو
ينثني لعبيرك القلب
أهيب بأحد يكون قريباً من النساء اللواتي يندفعن إلى النشر والطباعة أن يقدم نصيحة لأن المجتمع الذكوري الذي يرش المرأة بشكل كامل لن يشفع لها ذات يوم في مستقبل التاريخ وإن الجرأة التي تدفع بالمتشاعرين إلى الساحة لن تغفر لهم في يوم من الأيام وبناء على ذلك إضافة لأولئك الذين تحدثت عنهم هناك مئات الإصدارات لكتب مخصية ويتيمة وتحتاج الوقوف على باب فضيحتها لتكون عبرة لمن يطرح نفسه ناقداً ولا يخجل من نفسه وهو يكذب أو يجامل أو لمن ينفعل إذا قام أحد بنقده نقداً تصويباً فجن جنونه ولا يدري إلى أين يذهب كما فعل الكثيرون عندما نقدتهم أنا فراحوا يبحثون عن مكان آخر يفرغون شحناتهم ويداوون أوجاعهم وراحوا أيضاً يتابعون حواراتي وكتابتي في الصحف والدوريات السورية.