إصدار.. هـذي الشــام.. كالشمـس تشـرق أمجـاداً وفرسـاناً

إصدار.. هـذي الشــام.. كالشمـس تشـرق أمجـاداً وفرسـاناً

شاعرات وشعراء

الجمعة، ٢ مارس ٢٠١٨

(صرخة مقاتل) عنوان عريض لمجموعة شعرية صدرت عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق للشاعر كنان محمد بـ 136 صفحة من القطع المتوسط.. تضمنت المجموعة عدداً من القصائد المتنوعة واللافتة في محتواها لاسيما وأنها تنتمي إلى الشعر المقاوم.
 وأنت تقرأ المجموعة ترى موهبة شعرية جلية وناصعة، ترى عبق الوطن وشعلته التي لايمكن أن تطفأ مهما طال الزمان أو قصر،المجد وروح التحدي والأمل يطالعك في أول قصيدة تقرؤها وهو القائل:‏
 
كم بُلينا ومافُتّت عزيمتنا.. وكم تبلّج نصر من بلايانا‏
 
زنابق الشام من أشلاء قتلانا..‏
 
وعطرها العذب من آهات جرحانا‏
 
أيطمع البغي أن نعنو له فرقاً؟..‏
 
والدهر يعنو إذا شدّت سرايانا‏
 
هذي الشام براها الله مفردة..‏
 
كالشمس تشرق أمجاداً وفرسانا‏
 
وعلى أثر معركة مطار منغ العسكري وكيف رسم أبطال الجيش العربي السوري انتصارات لاحدود لها،فكانوا أسواراً حقيقية لاتعرف إلا الصمود في وجه أعداء الإنسانية كتب محمد قصيدته (إلى أمي.. من مقاتل في مطار منغ العسكري) يقول فيها:‏
 
دمي قد سال ياأمي زكيّا..‏
 
بمنّغ أشبع الصحراء ريّا‏
 
فإن جاء النعاة إليك فيّا..‏
 
بأن الموت أطفأ ناظريا‏
 
وإني لن أعود إليك يوماً..‏
 
أقبل رأسك الغالي مليّا‏
 
وضجّ الناس في خبري ودوّى..‏
 
صراخ أحبتي حزناً عليّا‏
 
وبلغة جميلة مرهفة متميزة عذبة يخاطب الشاعر سيف الدولة الحمداني ليخبره مافعله رجال الحق في صمودهم الاسطوري في سجن حلب، صمود سجله التاريخ في أسفاره ليبقى حكاية تتناولها الأجيال فيقول في قصيدته (سجن المجد في حلب):‏
 
ياسيف الدولة هل تدري؟‏
 
عاد الفرسان مع الفجر.. عادوا بالنصر وقد نثروا‏
 
أشلاء الروم على الثغر.. مازال رجالك في حلب.. فرسان الحرب بلا كذب.. وخيولك مابرحت تجري.. كي تلحق بالنصر.. والشعر يزغرد من طرب‏
 
ثم يخاطب الشاعر زوجته في قصيدة (وجه حبيبي) خطاب الرجال الأشاوس الذين لم يهزهم حتى الموت، نقرأ في القصيدة شاعر ثرِ الرؤيا.. شديد المعاني والوصف، لنكمل معه أبجدية الغزل وجمال التفاصيل فيقول:‏
 
من بين موتي والحياة..‏
 
من نزف جرحي الغائر‏
 
من فيض جمر الذكريات..‏
 
في مهجتي ومشاعري‏
 
من ناظرٍ لمح المنايا.. كالحات‏
 
لكن وجهك فوق رمشه قد عبر‏
 
فاستيقظت تحبو إليه الأمنيات‏
 
فالحب مثل الموت في الدنيا.. قدر‏
 
لاشك أن الإبداع يولد من رحم الألم،والموهبة والشعورعند كنان محمد قد تدفقا في شرايين الوطن وتفاصيله.. فالوطن سورية العظيمة، الأم التي حفظت بين ذراعيها كل أبناء الوطن... فكانت مفردات الجمال والرفعة والسمو.‏
 
يقول كنان محمد في بداية المجموعة: من بين صرخات الجنود في المعارك ونزف جراحهم،ومن عتمة اليأس العابرة وضوء الأمل المشرق.. من مرارة الحصار وقساوة البرد وألم البعد.. نَبتَ شعري وأورقت كلماتي وأزهرت في حسي ومشاعري ليصوغها قلمي شعراً ويرتلها لساني فيعيدها رفاقي في السلاح مراراً ويحفظوها عن ظهر قلب.‏
 
(صرخة مقاتل) غاصت في حب الوطن، فجاءت كلماتها قوية، متينة، أكثر صلابة، أضفت هزّة في أذن المتلقي، ورؤية واسعة أمام العين.. نعم.. وبكل تأكيد لا قوافي، ولاحروف، ولاتعابير تلامس القلب والروح والوجدان.. إلاّ إذا كانت تتحدث عن سورية.‏