تشرين.. صفحات في الأدب والشعر

تشرين.. صفحات في الأدب والشعر

شاعرات وشعراء

الجمعة، ٧ أكتوبر ٢٠١٦

ألهمت بطولات حرب تشرين الأدباء والشعراء.. فهذه الحرب المجيدة أفرزت أدبا خالدا أضحى بمثابة سجل أدبي رائع بأهمية ملاحمه الكفاحية وبالدراسات الأدبية والفكرية. كتب الأدباء بمفرداتهم نبضات مقاتلينا وسعيهم لتحقيق رسالة العروبة لتحرير التراب العربي من رجس الصهاينة..
ذكريات ووقائع هذه الحرب الخالدة جسدها الأدباء صوراً وأحداثاً ومجريات نقلت بعضاً من هذا التاريخ الذهبي.‏
وفي رواية «دعوة إلى القنيطرة» للأديبة كوليت خوري هي واقع موش بالنصر وهي رواية جسدت صرخة استهزاء بالعدووفيها الكثير من التحليل النفسي والقليل من السرد.‏
وقدم الأديب حنا مينه رائعته «المرصد» عقب حرب تشرين وتبدأ وقائع روايته بهذه المفردات: «انطلقوا من قاعدتهم على شكل موجات من الجنود وفي صدر كل جندي مجموعة من المشاعر» بهذه العبارة بدأ بالوصف الخارجي المباشر وهي ذاتها تمارس دورها العفوي في الرصد الداخلي وتسجيل الاحساس والمشاعر.‏
وفي وجدان كل جندي مجموعة من المشاعر هي ذاتها التي تتيح للكاتب المباشر بتفصيل هذه المشاعر وتبيان تناقضها أووحدتها «فكر كما فكر غيره طويلاً» تساءل.. أجاب على التساؤل وأعاد النظر في أشياء كثيرة. وفهم من خلال بحث مضن أن هذا الشعب ليس كسائر الشعوب فهومتميز.. طيب.. ذكي.. شجاع.. لايقبل الضيم.. يبحث عن الأفضل.. وهكذا ينتقل الكاتب بحديثه من لسان إلى لسان ومن مشهد إلى مشهد حتى يكاد أن يغطي مشاهد الحرب كلها ويظل مع ذلك معنيا بتفاصيل تحرير المرصد.. إن البلاغات العسكرية كانت تتلاحق وتنوه يومياً بما يقوم به الطيارون السوريون وما يحققه سلاح الدفاع الجوي، إلا أن النقيب (م) كان على حق في أن يتوقع قصصاً مثيرة وكأنما أدرك المقدم الطيار (أ) حاجة الآخرين إلى يومياته فشرع في كتابتها ونقل وقائع الطلعات الجوية على لسان الطيار ومثل ذلك أو قريب منه ما يفعله سلاح البحرية وغيرهما..‏
وتأتي رواية «أزهار تشرين المدماة» لعبد السلام العجيلي لتنقل واقعاً مباشراً لما جرى في ساحات القتال نقلها الجنود الضباط للأديب و قام هوبصياغتها عملا روائيا لتثبيت وتسجيل المواقف والوقائع وتقديمها بقالب فني محبب..‏
وهذا اديبنا الراحل جان الكسان بمجموعته القصصية «جدار في قرية أمامية» وهي لقطات سريعة تشكل بمجموعها تحقيقاً متكامل العناصر من وقائع وتفاصيل الحرب التي عاينها المؤلف بعين الصحفي والمواطن.. في هذه المجموعة يبرز المؤلف قدرة المواطن مهما كانت إمكاناته على أداء دور هام وفاعل في مد المعركة بسبل الاستمرار وإمكانية النصر.. اما رواية «الخندق» لوليد الحافظ فكانت ثمرة تجربة حياتية عاشها المؤلف الذي كان مجندا في الجيش العربي السوري وشارك في هذه الحرب، فعرف الواقع معرفة المعايشة وشهد المعارك.. وقد اعتبر الدكتور نعيم اليافي هذه الرواية في مصاف الروايات العالمية التي كتبت عن الحرب.‏
وفي الذكرى الأولى للحرب جسد الأديب عادل أبوشنب وقائع و حكايات من حرب تشرين التحريرية في مشهد عنوانه: «دم صعب المنال» أعلن الطبيب المناوب في المشفى العسكري أن حالة الجريح تستوجب نقل عدة ليترات من الدم إليه وكان الجريح قد أبلى في قتال اليوم الأول بلاء حسناً ووصل إلى مشارف طبريا وأصيب ونزف حتى انهار ونقل على حمالة إلى المشفى واسعف بدم تبرع به المتبرعون على ندرته فقد كان من زمرة لا يشترك سواء الناس فيها واسترد في يومين بعضاً من صمته لكنه ظل واهنا غير قادر على القيام مما سمعه من حديث بين الطبيب والممرضة والمسؤولين عن المهجع «ان الجريح بحاجة ماسة إلى المزيد من هذا الدم الصعب المنال ولم يتردد».‏
وهكذا فالأدب تأثر بالحرب وتركت آثاراً على الأدب سطحية أحياناً وعميقة أحياناً أخرى. ثم ما لبث أن ظهرت نماذج إيجابية لا شك بأهميتها، كقصة (الجبل) لحنا مينه و(المسلة) لنبيل سليمان ورواية (ازهار تشرين المدماة) لعبد السلام العجيلي ورواية (عندما يقاتل الرجال ويغنون في ضوء القمر) للدكتورة نجاح العطار و(تاج اللؤلؤ) وهي رواية لأديب النحوي.‏
ففي كل هذه الأعمال الأدبية يقف الكاتب موقف الموثق للحرب يقدمها بلغته للقارئ دون تعليق أو مداخلة إلا بقدر ما تقتضي طبيعة العمل والنفسي الفني، هكذا كانت حرب تشرين ايقاظا للوجدان العربي وربطت بين الحاضر والماضي وبعثت الأمل و تلاشى التشاؤم.‏