الـ sexting.. صور ورسائل وعبارات ودعوة إلى ممارسة الجنس

الـ sexting.. صور ورسائل وعبارات ودعوة إلى ممارسة الجنس

شعوب وعادات

الخميس، ٢٥ سبتمبر ٢٠١٤

الـ sexting عبارة عن تبادل صور ورسائل وعبارات جنسية ومقاطع فيديو عبر الهاتف أو عبر كاميرات الويب على الانترنت. هذا الموضوع موجود في مجتمعنا، والقصص حوله متوافرة ومنتشرة ولا سيما مع انتشار الانترنت على الهواتف. وقد شهدنا في الآونة نشر صور أو مقاطع فيديو لاشخاص من دون علمهم أو موافقتهم عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، ويعدّ هذا انتهاكاً وتعدياً على خصوصية الآخر، وفي هذه الحالة يصبح الـ sexting أمراً في غاية الخطورة.
وفي هذا الإطار، يوضح المحامي رشيد جلخ  أنّ الـ sexting “تعدٍّ على الحياء العام قبل أن يكون إثارة ودعوة إلى ممارسة الجنس بين شخصين”. ويضيف قائلاً: ” وفقاً للقانون الجزائي كلّ ما من شأنه أن يخدش الآداب العامة هو مخالف للقانون، كما يسيء للحياء العام ويخلّ بالآداب الاجتماعية العامة”. ويشير إلى أنّ “عقوبة هذا النوع من المخالفات يكون السجن”، مؤكّداً أنّ “السلطة قادرة على ضبط هذه الظاهرة والتصدي لها، إنما المجتمع المدني يرى في ذلك تطفلاً وانتهاكاً لحياته الخاصة.
إذاً، ظاهرة الـ sexting ليست بظاهرة أو بالأمر المستغرب للبعض، لأنها نوع من إشباع رغبات جنسية ومصدر فرح وراحة. فبالنسبة إلى بعض الشبان، الارتباط لا يعني سوى الجنس: نعم، فبعضهم يبحث في الفتاة عن جسدها، لا يسعى إلى الوقوع في حبّها قدر ما يسعى إلى إشباع رغباته الجنسية. فالـ sexting بالنسبة إليه، وسيلة تنمي خياله الإيروتيكي، تجعله يشعر بالمتعة والنشوة عند ممارسة العادة السرية ويعتبرها بديلاً من ممارسة الجنس الفعلية التي تحرّمها الأديان وتصفها “بالزنا”.
بالنسبة إلى الدكتور بيارو كرم، اختصاصي في الصحة النفسية والصحة الجنسية، “هذا الشاب على حق، فكيف له أن يتواصل مع حبيبته أو أن يراها وهذا محظور في بعض المجتمعات؟”. يقول كرم إنّ الـ sexting وسيلة جديدة للتواصل تحصل عبر الهاتف الذكي وتسهّل عملية نقل الصور من شخص إلى آخر. يعتقد كرم أن الـ sexting وسيلة جديدة يغازل بها الشاب الفتاة أو العكس، كما كان الأهل يغرّدون لبعضهم من على الشرفات والنوافذ. ويؤكّد أن ليس الـ sexting أو الـ Cyber sex ما يحفّز الأشخاص على الانحراف، بل الإنسان نفسه واستعداده لذلك. كما ويحذّر من الاستخدام المفرط للـ sexting، لأنّه عندما يشعر الفرد أنه لا يشعر باللذة إلاّ من هذه الطريقة، تصبح حالته مرضية.
فالـ sexting ليس الوسيلة الوحيدة التي تساعد على الشعور باللذة، إنّما هي طريقة تنمي الحياة الحميمة وتقوّيها بين الشريكين، ولا تشكّل أيّ خطورة إن كان يتمّ استعملها بالطريقة الصحيحة، إذ ليس من الخطأ أن يتعرّف الولد على الجنس بطريقة خفيفة. ويتوجّه الدكتور كرم برسالة إلى الأولاد ينصحهم فيها بضرورة الانتباه إلى كيفية استخدام الهاتف الذكي واعتباره وسيلة للتواصل وليس فقط للجنس، ويشدد على ضرورة استخدامه باعتدال، لأنّ إساءة استخدامه تؤدي إلى مشاكل عدة.
أما بالنسبة إلى الأهل، فهو يطلب منهم قبول هذا الواقع الذي يفرض نفسه على المجتمع موضحاً أنّ الـ sexting وسيلة عصرية للمغازلة والتواصل. أما الأهل الذين يعتقدون أن أولادهم يتعلّمون الجنس من خلال الإنترنت والأصدقاء، فيتوجّه إليهم قائلاً:” إنّ أفضل أنواع التربية الجنسية تحصل في المنزل”. ويشجّع الأهل على التكلّم مع أولادهم عن الأمور الجنسية وعلى استخدم تعابير وألفاظ ناعمة وأن يدعوهم إلى عدم الخوف من الإشارة إلى الأشياء باسمها.
يتخّطى الـ sexting إطاره الطبيعي عندما يقوم الشريك باستغلال الآخر: يبتكر الشاب حجّة لجعل “حبيبته” تتعرّى أمامه رويداً رويداً. تستجيب هذه الأخيرة لطلب أولي، فينتقل إلى مبرر آخر يجعلها تخلع ملابسها أكثر. يحفظ الشاب صور الفتاة لديه، ويقول لها مهدداً: “أصبح لدي صور لك وأنت شبه عارية، لذا إما أن تتعرّي كلياً لأجلي أو أنشر صورك هذه على مواقع التواصل الاجتماعي”. خوفاً من ردّة فعل أهلها وخجلاً من أصدقائها، تختار الفتاة، إذاً، التعرّي من دون أن تدرك مخاطر الشباك التي تقع فيها! إن نشر هذه الصور على مواقع التواصل الاجتماعي أو الفايسبوك، تبقى هذه الصور لساعات قبل أن يتمّ إزالتها، فضلاً عن كمية النسخ التي ستنتج من الصورة في هذا الوقت. كذلك هو حال مثليي الجنس الذين يعتمدون الطريقة نفسها في إغواء الآخر لإيقاعه في شباكهم، خصوصاً أنّ المثلية محرّمة في مجتمعاتنا الشرقية، فيقع ضحية هذه الفئة كلّ من لا يدري تداعيات هذا النوع من الحيل.
في هذا السياق، يقول جمال حافظ بروفيسور الطبّ النفسي في الجامعة اللبنانية والجامعة العربية لـ “النهار” أنّ الـ sexting وأشباهه عبارة عن وسيلة يستخدمها الإنسان للتعبير عن مشاعره وما يدور في داخله نظراً لبعد الشخص الآخر وتواجده في مكان ما، فيكتب ويغيّر في النص كما يحلو له بالاستناد إلى مشاعره وأفكاره. ويشير حافظ إلى أنّه “يلجأ الشريك أو الشاب عادة إلى هذا النوع من الأساليب الاستفزازية في حالتين، الأولى في حالة الحبّ، إذ يشعر الشريك بأنّه مخدوع من حبيبه الذي ينوي أن يتركه، فيعتمد للحفاظ عليه أسلوب التهديد بالصور والكلام ليستعيده.
أمّا في الحالة الثانية، فيكون فيها الشاب في حالة من الاسترخاء والصفاء الذهني خلف هاتفه الذكي وذلك لأنه مجهول الهوية والنيات، فيعمل على تفجير كبته الجنسي على الإنترنت من خلال خداعه الآخر عبر الكلام الرومانسي. وتصديق الفتاة للشاب يتفسّر من خلال طبيعتها وتكوينها العاطفي الذي يجعلها ترغب في سماع الاطراءات وذلك لتثبيت هويتها الأنثوية. فيبدأ الشاب حينها اللعبة الجنسية بعدم يشعر بأنّ الفتاة مرتاحة معه: بالنسبة إليها، الصور التي ترسلها للتسلية، ولكن بالنسبة إلى الشاب هي جديّة وتحمل أبعاداً أخرى.
وحين تقررّ الفتاة الامتناع عن هذا النوع من الألعاب نتيجة العقلية الشرقية السائدة في مجتمعنا، يهددها الرجل في نشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي، فتخضع الفتاة أكثر له خوفاً من أهلها، إلاّ أنها ستفصح بالأمر لأصدقائها طلباً للمساعدة لاحقاً، فيدخل بالتالي العنصر الذكوري في الموضوع ويخاف الشاب وينسحب”. بالنسبة إلى حافظ، يعتبر هذا النوع من الحالات بمثابة “تجربة سيّئة للفتاة، تؤثّر فيها نفسياً وتجعلها أكثر حذراً في حياتها إذ لن تصدّق كلّ ما تسمعه فوراً، كما ستعمد في بعض الأحيان إلى مقاطعة جميع أنواع التواصل الاجتماعي”. ويحضّ حافظ الأهل على توعية أبنائهم عن هذا الموضوع ويدعوهم إلى تحكيم العقل.
ومن جهته، يوضح جاد ملكي “للنهار” مدير قسم الإعلام في الجامعة الأميركية في بيروت أنّ الـ Telephone sex موجود منذ زمن طويل في مجتمعاتنا، وأنّ الإعلام الجديد وسيلة تسهّل على المرء عملية تأمينه للحاجات الجنسية. فالأفراد يستعملون أيّ وسيلة لينقلوا من خلالها حاجاتهم الجنسية، فالهاتف يفتح فرصاً جديدة وكثيرة ورسائل مختلفة للتواصل معرّضاً المستخدمين إلى الخطر: فقد يعمد بعض الشباب إلى نشر صور حبيباتهم السابقات على وسائل التواصل الاجتماعي دون علمهم أو حتى موافقتهم، ممّا ينعكس على نفسية الطفل أو المراهق المستخدم. وفي هذا السياق، يعطي ملكي مثل فتاة أميركية تبلغ من العمر 14 سنة، كانت قد انتحرت بعدما عمد حبيبها السابق إلى نشر صورها عارية بين أصدقائها في المدرسة، مما سبب لها الحرج والاكتئاب فاضطرّت إلى تغيير مدرستها، إلاّ أنّها لم تمكث طويلاً على قيد الحياة بسبب هذا الخطر الذي استمرّ في ملاحقتها، مما جعلها تنتحر!
ويوضح ملكي أنّ “الجامعة الأميركية تعمد اليوم إلى نشر التوعية في المجتمع، بين الأهل، الأولاد وأساتذة المدارس من خلال برنامج التربية الإعلامية والرقمية التي تساعد على فهم خطورة الوسائل الإعلامية الحديثة والتي تساعدهم على حماية أنفسهم منها”. بدأ هذا المشروع ضمن أكاديمية في صيف 2013 وهو يركّز على تنمية التفكير النقدي عند استهلاك الإعلام الحديث والقديم. ويختم ملكي قائلاً: “إنّنا سنصبح على تواصل أكثر من قبل وأنّ مجتمعنا متّجه نحو الانعزال، فالهاتف والإنترنت يجعلان من المستخدم كائناً كسولاً، متقاعساً، منعزلاً يحصل على حاجاته بطريقة افتراضية وعبر الإنترنت. ويشير إلى أنّ “الإدمان على pornography الذي يعاني منه بعض أفراد المجتمع يولّد مشكلات كثيرة وعائلية لذا يجب الحذر منه”.
نشر التوعية بين الاهل والأولاد هو، إذاً، الأساس في عمليّة الـ sexting. فحاول اتّخاذ تدابير معيّنة تحمي أولادك من خطر الـ sexting والـ pornography عير تشغيل إجراءات الخصوصية على الانترنت وغلق المواقع الإباحية في منازلك. وفي حال نشرت الصور على الإنترنت، من الممكن تتبع الخطوات التالية لتدارك الأمر وهي:
• حاول طمأنة ولدك لأنّه في هذه الحالة سيكون خائفاً ويشعر بالاكتئاب، ولا تقسو عليه لأنه لم يكن على دراية بمخاطر الموضوع وكان يعتبر ذلك أمراً مسلياً.
• إذا كان الشخص الذي نشر هذه الصور موجود مع ابنك أو ابنتك في المدرسة أو النادي الرياضي عليك بإبلاغ الإدارة فوراً.
• استعلم عن نوع الصور التي قام الشريك بنشرها.
• حاول الضغط على ناشر الصور من خلال الحديث مع أهله، مثلاً، ليمحي الصور التي نشرها.
• علّم ولدك ألاّ يستجيب للنصوص الإباحيّة أو يرسل صوره لأحد.
• تكلّم معه عن الأمور الجنسية وعن نشاطاته على الإنترنت.
• استخدم خاصية “الفلترة” لتتحكّم في دخول ابنك إلى برامج الانترنت.
• لا تترددّ في التكلّم مع ولدك عن محتوى النصوص التي يتلقاها، خصوصاً في حال ظهور علامات الاضطراب على وجهه بعد استخدام الانترنت أو هاتفه الخاص، حاول معرفة ما يزعجه.
• التوعية هي الأساس في هذا المجال، فتكلّم مع ابنك عن مساوئ ومخاطر الانترنت والهاتف الذكي وما قد يفعله الآخرون بصورهم وممتلاكتهم الخاصة إن حصلوا عليها.

قد يشعر بعضكم عند قراءة هذه السطور أنّ الـ sexting سلاح خطر يهددّ أبناءكم، فيما يجد البعض الآخر أنّه ضروري لتنمية حياة الشخص الجنسية. الحقيقة تقول إن الـ sexting موجود في مجتمعنا ويجب التعامل معه بواقعية ومنطق، واستخدامه ليس عيباً شرط عدم تخطيه الناحية الأخلاقية، وضرورة التوعية في شأنه أساسية!