يسمونه السرطان القاتل .. “النكد”.. آفة تهدد الحياة الزوجية وتفتك بالاستقرار العائلي والسعادة لصالح “الأنا”

يسمونه السرطان القاتل .. “النكد”.. آفة تهدد الحياة الزوجية وتفتك بالاستقرار العائلي والسعادة لصالح “الأنا”

شعوب وعادات

الجمعة، ١٥ أغسطس ٢٠١٤

إذا كان هوس التسوق أكثر ما يشكو منه الرجال عند النساء فإن صفة النكد تحتل المرتبة الثانية في سلبيات المرأة بالنسبة للرجل، وهي من أخطر العيوب التي تقتل حب الرجل لزوجته، هذا المرض الاجتماعي الذي سرعان ما يصرع سعادة الأزواج، ويتوطن في البيوت لتتحول إلى جحيم، ويتبدل الاستقرار بالفوضى وتتكرر المشاكل ، ليصبح ضيفاً دائما ثقيل الدم على الأسرة الصغيرة، وتمتد أصابع الاتهام في نهاية الأمر لتشير نحو الزوجة دائماً.. في المقابل لا تعترف معظم النساء بأنهن “نكدات”، ويعتبرن أن “هذه الاتهامات يطلقها الرجال لأنهم لا يتحملون كلمة،  فالرجل بنظرهن يعتبر نفسه مالكاً للمرأة ويجب أن تقوم بما يريد من دون أن يكون لها رأي معارض، لكن ما لا يعرفه الجميع أن الرجل يعتبر مصدر نكد كبير عند جلوسه في المنزل لساعات طويلة، فمن الأكثر نكداً الرجال أم النساء؟.
دراسة
دراسات مختلفة أرجعت نكد النساء إلى عوامل فيزيولوجية، فالمرأة منذ طفولتها تكتسب خبرات سيئة وأليمة بالحياة عندما تنشأ في مجتمع ذكوري قاس ومجحف، هذا الأمر يؤدي إلى اكتسابها خبرة بالنكد التي تتركز في‏(‏ الفص الصدغي للمخ‏)‏ هذه الخبرة تصعد إلى المراكز العليا بالمخ ويحدث لها تشبع واكتظاظ فتتولد لدى المرأة مشاعر حزينة ومضطربة ومتوترة تحتاج إلى التنفيس عنها‏..‏ وقد يأتي هذا التنفيس من خلال  كثرة إثارة الجدل مع الزوج، وتضخيم المشاكل، إلى إثارة التوتر مع الأولاد، كل هذه الأمور تتجمع لتشكل نوعاً من‏(‏ النكد الزوجي‏)‏، كما يلعب الطعام دوراً في النكد الزوجي، وهو ما كشفت عنه بعض الإحصائيات الأمريكية والعالمية، والتي أشارت إلى أن الطعام مسؤول عن ثلاثة، من بين كل أربعة خلافات زوجية، وأن نوعية الطعام، وراء فشل ما بين ‏70‏ إلى ‏75%‏ من حالات الزواج، في حين ارتفعت النسبة في إحدى الدراسات إلى ‏90%.‏فهناك عادات في طهي الطعام يكون لها تأثير بسبب ما تحتويه من مواد كيماوية وأحماض وخلافه، ما يؤدي في النهاية إلى سوء التغذية التي تؤثر عموماً على سلوك الفرد.

مسؤولية الرجل
وراء كل امرأة نكدية رجل نكدي، فالمرأة لا تولد بطبيعتها نكدية، ومن الظلم أن نلصق بالزوجة صفة النكد، وأنها كثيراً ما تميل لاختلاق المشاكل، دون أن نلقي باللوم على الزوج، الذي يلعب دوراً كبيراً في اقتياد الزوجة إلى دائرة النكد من خلال إلقاء كافة المسؤوليات على عاتقها دون مراعاة لمشاعرها، وحسب رأي داليا شيخاني “مديرة مدرسة” ثمة الكثير من الرجال النكديين، فلا يمكننا غض البصر عن دور الرجل في النكد، من خلال قيامه ببعض التصرفات، كأن يلجأ إلى التقليل من شأن زوجته، سواء كان بقصد منه أو بدونه، فينتقد زوجته وشكلها وتصرفاتها، وقد يفضل السهر بعيداً عن المنزل، ولا يهتم بشؤون أسرته، وغير ذلك من السلوكيات، التي ترفضها الزوجة، وتضطرها لمقابلة النكد بنكد مثله، وهو ما يزيد الأمور اشتعالاً، ووافقتها الرأي مها وسوف “مهندسة “فالنكد هو العدو الأول للحياة الزوجية، والمرأة بطبيعتها لا تميل لافتعال المشاكل والنكد، وأحياناً يكون الرجل هو السبب الرئيس الذي يدفع المرأة إلى النكد، فالرجال لا يقومون بشيء إذا لم تطلبه أكثر من مرة”، وتصرف الرجل على هذا النحو ليس مقبولاً ويثير انزعاج المرأة ويحفزها للنكد.. وتصر لين صالح “صيدلانية” على أنه لا توجد زوجة نكدية بطبعها، ولكن ما تواجهه أي زوجة من مشاكل يومية مع أطفالها وفي بيتها يدفعها للعصبية الزائدة، مشيرة إلى أن أغلب الزوجات تتوقف حياتهن على أزواجهن، وعندما يجدن تجاهلاً يبدأن في التعبير عن ضيقهن، وهو ما يعتبره الرجل نكداً.

سرطان قاتل
الشخصية النكدية هي المتشائمة الاكتئابية التي تستحضر بشكل مستمر كل ما هو سلبي وحزين في الحياة، ولا ترى في الحياة إلا ما هو مظلم، فهي شخصية مدمرة للصحة النفسية والجسدية للإنسان، والنكد هو سرطان قاتل في العمل والحياة الزوجية والأصدقاء، وهي شخصية أنانية لأنها لا تكتفي بإزعاج الذات بل تضفيها على الآخر حسب رأي الدكتورة هناء برقاوي” علم اجتماع”،  فإذا عدنا لأسباب النكد يمكننا تقسيمه لعدة أسباب: فهناك شخصية نكدية بطبعها “مورثات الأهل” لنجد هنا الشخصية تميل للحزن أكثر من الفرح، وهذه الشخصية تهكمية بشكل دائم ومحاسبة ومنتقدة بشكل سلبي للآخر، وترى الجانب السلبي فقط في الشخصية المقابلة لها، كذلك تلعب التربية أحياناً دوراً فنترعرع في منزل كئيب مليء بالمشاكل ولا يميل للاستقرار..
وأضافت برقاوي:”لا يمكن حصر مسألة النكد بالرجل أو المرأة، فالمسألة ليست جنسوية، فالنكد مرتبط بطبيعة الشخصية، وغالباً ما يكون مرتبطاً بالإنسان ذي الشخصية ذات التفكير السطحي، والإنسان المنفعل باستمرار الذي لا يستطيع أن يحلل ويركب ما يجري حوله من أحداث، وهذا الإنسان هو حي جسدياً وميت من الداخل، لذا وجب علينا امتلاك رؤية تفاؤلية ونحاول جهدنا صنع الفرح والسعادة وخلقها.. وعن سبب إلصاق تهمة النكد بالمرأة أوضحت برقاوي أن العناد من المركبات الأساسية لنفس المرأة، لذلك تكثر الخلافات الأسرية بين الزوجين، فالتحدي المتواصل يخلق رد الفعل الغاضب لدي الطرف المقابل، وغالباً ما يدعم تمسك المرأة بعنادها، توهمها بأن زوجها متسلط يريد إخضاعها وتسخيرها لتنفيذ أوامره، وهذا الأمر ناتج عن تأثر الفتاة بقيم المجتمع، التي فرضت شكلاً ثابتاً لسطوة الرجل، وخضوع المرأة له بالضرورة، لذا فهن يبادرن بالهجوم  قبل أن يقعن فريسة للظلم والتحكم الموهوم، ولكن هذا تفكير خاطئ، فمن الطبيعي أن الرجال ليسوا سيئين يسعون في حياتهم لاضطهاد المرأة لذلك نلاحظ انخفاض معدلات المشاكل الزوجية داخل الأسرة الأوروبية عنها في مثيلتها العربية، لعدم انتشار هذه الأفكار النمطية في المجتمعات الأجنبية، فكل من الزوجين يسارع لإسعاد الآخر، لذلك تستمتع هذه الأسر بالاستقرار، وتقل فيها نسب الطلاق على عكس واقعنا.

تنازل الطرفين
وبعيداً عن الاتهامات وإلقاء كل من الطرفين اللوم على الآخر، يجب على كل من الزوجين في حال احتدام الخلاف وتصاعده أن يتوصلا إلى حل وسط، وذلك بالمناقشة الهادئة، والتعرف على أسباب الخلاف، ومحاولة تجنبها من كلا الطرفين، فإن تراكم مشاعر الغضب بين الزوجين، وغياب البوح يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة، ومن المهم فتح حوار بين الطرفين حول احتياجات كل طرف من الآخر.. والعناد هو أكثر الطرق فاعلية لإشاعة النكد في المنزل، و العلاقة الزوجية الصحيحة لا تقبل بدور “الضحية”، فيجب ألا يكون أحد الأطراف دائم الإصرار على رأيه، ولا أن يكون الطرف الآخر دائماً متنازلاً عن أفكاره، وذلك لتسود المحبة والمودة على الدوام.