الأب.. المثل والقدوة وصانع الأمل.. راعـــي الأســــرة ومعلــــم فـــي حيــــاة أبنائــــه

الأب.. المثل والقدوة وصانع الأمل.. راعـــي الأســــرة ومعلــــم فـــي حيــــاة أبنائــــه

شعوب وعادات

الجمعة، ٩ نوفمبر ٢٠١٨

“يسألونك عن الأمان قل حذاء أبي أمام الباب”، يمثّل وجود الأب في حياة الأطفال الحماية والرعاية، ويعني القدوة، والسلطة، والتكامل الأسري، فالأطفال بحاجة إلى أن يشعروا بأن هناك رعاية وإرشاداً يختلف نوعاً ما عما يجدونه عند الأم، أما غيابه فله كبير الأثر على شريحة الأطفال، لاسيما من فقدوه وهم صغار.
أكثر من أب
طالما كان الأب الراعي الأساسي للأسرة، ووجود الأب كمعلم في حياة الطفل يعتبر من العوامل الضرورية في تربيته وإعداده، وبالرغم من أن الأم هي الأساس في حياة الطفل منذ الولادة، إلا أن دور الأب تبقى أهميته من نوع آخر، وذلك من خلال تقديم الحنان الأبوي، والسهر على حياة الطفل وحمايته من كل أذى، يقول بسام ديوب، “مرشد  اجتماعي: “إن بعض الآباء يظنون أن دور الرجل يقتصر على تأمين السكن، والملبس، والمصاريف، ويعرفون مفهوم رب الأسرة بأنه ذلك الديكتاتور المتسلّط الحازم في كل شيء، لكن هذا خطأ فادح، فمشاركة الأب في تربية الأبناء شيء في غاية الأهمية، لما له من تأثير قوي في شخصية الأبناء، فالأب يستطيع تحقيق التوازن الأسري من خلال اهتمامه بأبنائه، ومصاحبتهم، ومعرفة أفكارهم وميولهم وهواياتهم، ويحاول أن يساعد في حل مشاكلهم، ومعرفة أصدقائهم، ويكون لهم الصديق المخلص الموجود دائماً، وحتى لو كان غائباً، تبقى مبادئه وأفكاره راسخة في أذهان الأطفال، كما أن عليه إرشادهم، وتقويمهم، واستخدام الشدة والحزم، إلى جانب الرفق والتسامح.
الوقت الكافي
أما د. رشا شعبان، “كلية التربية”، فترى أن إحساس الأبناء بوجود رادع لهم يجعلهم على حذر من الوقوع في الخطأ، حيث يتوجب على الأب الاقتراب أكثر من الأبناء، وتمضية الوقت الكافي معهم، وتعويدهم على أسلوب النقاش والحوار، ما يمنحهم الثقة بالنفس، وعليه أن يمنحهم الإحساس بوجود الصدر الحنون الذي يلجؤون إليه عندما يصعب عليهم حل مشاكلهم بأنفسهم، وبهذا يبعد عنهم مشكلة الضياع، لكن أكثر ما نشهده في مجتمعاتنا أن الأب أصبح دوره مجرد بنك للتمويل، يكد ويشقى لتوفير لقمة العيش والرفاهية لأبنائه، ويغيب لساعات طويلة عن المنزل!.
دور مهمش
وبيّنت شعبان أن مسؤولية تربية الأبناء تقع على الأب والأم على حد سواء، وفي حال غياب الأب يعني أنه هو المسؤول عن تهميش دوره في الأسرة، فهو الذي تنازل عن دوره لصالح الأم، وهي مسؤولية، ومهما تعددت مسؤوليات الأب خارج المنزل لا تعفيه من مسؤوليته الأسرية، ودوره في تربية الأبناء لا يقل أهمية عن دور الأم، ويجب أن يكون نموذجاً وقدوة لطفله، حتى يكون من السهل على الطفل أن يقلّد السلوك الجيد في حياته، بدلاً من تنفيذ نصائح وأوامر لسلوكيات لا يراها، فالأب في نظر أبنائه هو ذلك البطل الذي يقلدونه في كل شيء، لأن الطفل يميل إلى اعتبار أن كل تصرفات والده مثالية من دون أن يشعر الأب بذلك، لذلك وجب على الآباء أن يدركوا أن دورهم لا ينتهي عند مرحلة معينة، بل يجب أن يكونوا دائماً موجودين ومنخرطين في حياة أبنائهم.
ضعف شخصية
أكدت دراسات علم النفس أن غياب الأب يجعل الأطفال يواجهون صعوبة كبيرة في عملية تطور سلوكهم الاجتماعي العام، فيكون نموهم أقل استقلالية، وأضعف قدرة ذاتية على ضبط سلوكهم الفردي، بالإضافة إلى مشاكل سلوكية وخلقية لدى بعضهم تتميز بعدم النضج، والعصبية، والانحراف، وتزعزع ثقتهم بغيرهم من الأطفال، وتجعلهم غير قادرين على إقامة علاقة صداقة مع أقرانهم، وفسر علماء الاجتماع هذه الظاهرة بأن ثورة الغضب التي تنجم عن فقدان الأب قد تنمو في الغالب لدى الطفل، وتنتقل بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى الآخرين كالمعارف والأصدقاء، وأشاروا إلى أن غياب الأب قد يزيد من القلق النفسي والاضطراب العاطفي لدى الأطفال، كما أن هناك ارتباطاً بينه وبين بعض حالات الانتحار، والشعور بخيبة الأمل.
نجوى عيدة