رغم إثبات جدارتها الرجل العامل يتفوق على المرأة في كسب الثقة.. والنظرة البدائية تسيطر على سوق العمل

رغم إثبات جدارتها الرجل العامل يتفوق على المرأة في كسب الثقة.. والنظرة البدائية تسيطر على سوق العمل

شعوب وعادات

الجمعة، ٢٨ سبتمبر ٢٠١٨

“ينتابني شعور بالأمان عند زيارة طبيب، ولا يمكنني حتى مجرد التفكير بأن يكون طبيبي امرأة”، هكذا عبّرت ياسمين في جلسة صباحية “نسائية” عندما كانت تتحدث عن حملها، وعن مدى “شطارة” دكتورها، لتسقط بعنادها صفة الخبرة عن كل طبيبة، وحتى عن امرأة أينما تواجدت بسوق العمل، لتضيف بأن المرأة مكانها بيتها وأولادها، والرجل هو المسؤول عن توفير متطلبات البيت، ذاك الحديث حفز تساؤلاً ليس بجديد وحاضراً عند الأغلبية: لماذا تكون الثقة أعلى بالرجل العامل بكل الاختصاصات على حساب النساء؟ ولماذا مازالت النظرة البدائية للمرأة لا تتعدى الدور التقليدي رغم التطور الذي وصلنا إليه؟.
النظرة الذكورية
رغم اجتهاد المرأة في إثبات ذاتها، مازال الرجل على ما يبدو يحقق تفوقاً عليها في عيون البعض، حيث قالت رشا، “أم آدم”: من ناحية الأطباء، الرجل قادر على النجاح في هذه المهنة أكثر من المرأة، وأفضّل زيارة طبيب خاصة بفترات الحمل أكثر من الطبيبة، أما عند تصفيف شعرها فهي تختار “كوافيرة”، أما محمد فقد رأى أن الجنسين قادران على إثبات ذاتهما، كلاً في اختصاصه، لكنه يفضّل زيارة طبيب الأسنان، لأنها تحتاج لقوة قلب، أما اختصاص الأطفال فلا ريب بأن يكون من الجنسين، وفي المهن الأخرى، كل واحد منهم قادر على إثبات كفاءته، سواء في ميدان التدريس، أو القطاعات الصناعية والإنتاجية.
تقييم القدرات والنظرة للمرأة من حيث إمكانياتها ليست منفصلة عن النظرة الشمولية من حيث المجتمع الذكوري، هذه النظرة جعلت الدكتورة رشا شعبان، “كلية التربية”، لا تستغرب أن ينظر المجتمع بثقة أكبر إلى قدرات الرجل وإمكانياته وتفوقه على أنه حالة أو ظاهرة طبيعية، في حين أن المرأة “إن” استطاعت أن تملك ذلك فهو استثناء، وهذا ينساق في إطار نظرة تقسيم الأدوار ما بين اجتماعي وفكري وفق منظور بيولوجي، والذي يطلق عليه “الجندر” الذي يوزع الدور بين المرأة والرجل انطلاقاً من اختلافات عضوية بيولوجية وفيزيولوجية على أساسها يتم تكريس تلك الأدوار المقسمة، وأكدت شعبان أن ذلك بعيد كل البعد عن الواقعية، والموضوعية، والنظرة الإنسانية الشمولية التي تقوم على معاملة الإنسان بوصفه إنساناً لا الذكر والأنثى، وتأسفت شعبان على تأطير دور المرأة بالإنجاب والتناسل، وكل ما هو خدمي في المجتمع، في حين أن الرجل يبقى للعمل والقدرات العقلية العالية، والقرارات رفيعة المستوى، والقيادة، ورأت الدكتورة شعبان بأن من يكرّس ذاك المعتقد ويجذّره هو المرأة وليس الرجل، وهنا تكمن الطامة الكبرى على حد تعبيرها، بدليل اختيار غالبية الإناث للجنس الآخر سواء بالطبابة، أو بالتمثيل الحكومي، لذلك مشكلتنا في الفكر الذكوري الذي استوطن المرأة قبل الرجل، والقول لشعبان.
قادرة
ولأن الحرب أثبتت قوة المرأة وقدرتها على دخول ميادين الرجال، أكدت شعبان أن المرأة سبقت التقييم والفكر في الممارسة، واستطاعت أن تقفز على هذه النظرة بوصفها تملك قدرات ليست مساوية فقط للرجل، بل تضاهيه وتتجاوزه، إذ تمكنت من التعامل مع الحرب والأزمة بشمولية، وليس من خلال حلول تفرعية، واستطاعت امتلاك القدرة على ابتكار حلول للخروج بالأزمة ليس فقط باختصاص معين، بل على مستوى بيتها، والعلاقة مع الأطفال والزوج، وهذا برأي شعبان سيفرض نظرة ومكانة جديدة ومختلفة للمرأة استطاعت أن تحصل عليها وفق سلوك وممارسة وتمثّل إنساني بامتياز.
إحصائية
تؤكد التقارير الصادرة بأن المرأة لاتزال تعاني من جملة إشكاليات من بينها حجم مشاركتها بسوق العمل، وذكر تقرير لصندوق السكان التابع للأمم المتحدة العام الماضي بأنه لا يكاد يوجد سوى ربع النساء العاملات في المنطقة، وتقل معدلات توظيف النساء في الأماكن التي تضررت من النزاع مثل اليمن، وغزة، والعراق مقارنة بدول الخليج وإيران، وتقول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية: إن العوائق القانونية والاجتماعية التي تعوق وصول المرأة إلى الوظائف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تكلّف المنطقة ما يقدر بنحو 575 مليار دولار سنوياً، ووجدت دراسة حديثة للمواقف تجاه النساء أن أكثر من ثلثي من شملتهم الدراسة يعتقدون أن الدور الأساسي للمرأة يجب أن يكون رعاية الأسرة، في حين رأى ما لا يقل عن نصف النساء اللواتي شملتهن الدراسة أن هذا هو أهم واجباتهن، وتقدر الأمم المتحدة أن النساء الريفيات في الدول النامية، وبينها الدول العربية، يمثلن نحو 43% من القوة العاملة الزراعية، وينتجن الكثير من المواد الغذائية، ما يجعلهن المسؤولات الأساسيات عن الأمن الغذائي لأسرهن، والمجتمعات المحلية.
نجوى عيدة