العنف ضد الرجل… ظاهرة أم حالة استثنائية..حالات مسـتغربة ولكنهـا موجودة.. رغم استحياء المجتمع منهـا

العنف ضد الرجل… ظاهرة أم حالة استثنائية..حالات مسـتغربة ولكنهـا موجودة.. رغم استحياء المجتمع منهـا

شعوب وعادات

السبت، ٢٥ أغسطس ٢٠١٨

هبة شبطا:
عند ذكر كلمة العنف ضد… وتليها بضع نقاط في صفحة بيضاء خالية تكون التتمة بشكل تلقائي ومن دون أدنى تفكير المرأة، وبعدها سطور وصفحات عديدة تتحدث عن العنف ضد المرأة، لكن، في المقابل هناك أيضاً عنف يمارس ضد الرجل بأشكال متنوعة قد يستغرب البعض أن تصل حد الموت في بعض الحالات.
فبالرغم من عدم توافر إحصاءات دقيقة لحجم العنف الممارس ضد الرجل من قبل المرأة باعتبار ثقافة مجتمعاتنا العربية والشرقية عموماً «ثقافة ذكورية»، إلا أننا استطعنا الوصول لبعض الحالات لرجال قرروا كسر حاجز الصمت عن معاناتهم والبوح لنا بقصص بقيت طي زنازين الكتمان سنوات عديدة.
 
نتحدث هذه المرة عن عنف تمارسه حواء ضد الرجل.. لم يكن لقائي بها مجرد مصادفة يقول «فادي» لـ«ـتشرين»: «كان لقاؤنا تقليدياً، رتبه أحد أقاربي عندما أخبرته عن نيتي الزواج والاستقرار حين كنت أقضي إجازة الصيف مع الأهل في دمشق، آتياً من إحدى الدول الخليجية حيث كنت أعمل. اتصل قريبي بأهل «فرح» وعندما لقيت قبولاً مبدئياً للفكرة، اصطحبته واتجهنا على الفور إلى منزلهم في محافظة أخرى، دخلنا منزلهم المؤلف من غرفة واحدة بالإيجار في إحدى الحارات الشعبية، ملامح فقر الحال كانت بادية على العائلة المكونة من الأم وابنها الوحيد وشقيقتيه، فالأب متوفى منذ زمن، خفق لها قلبي ووجدت فيها ما أحببت من مواصفات لشريكة حياتي، طلبت يدها من أمها فكان جوابها: «يا بني ليس لدينا مانع، ولكن كما ترى أنا أرملة ولدي أطفال وليس لدي دخل سوى راتب المرحوم التقاعدي الذي لا يسد حاجات الأسرة من إيجار ومعيشة ومبلغ زهيد تتقاضاه من جراء دروس خصوصية تعطيها لبعض التلاميذ، تساعدني من خلاله في تحمل أعباء المصروف».
وعدتُ أم فرح إن كتب الله النصيب بيني وبين ابنتها أن أرسل لها مبلغاً شهرياً يحفظ لها كرامة عيشها وأطفالها، وفعلاً تزوجنا واصطحبت فرح معي، كنت حريصاً ألّا أنقص عليها شيئاً، اشتريت لها سيارة واستقدمت لها خادمة، وظفتها، عرّفتها على أصدقائي وأسرهم، منحتها كل ثقتي، عشنا حياة هانئة تملؤها المحبة والاحترام، رزقنا خلالها أربعة أطفال درستهم في أفضل المدارس.
وبعد ثلاث وعشرين سنة من حياتنا الزوجية بدأت فرح تتغير، تتعالى علي وهي تتحدث وترفع صوتها في وجهي أمام الأولاد، تتجاهلني في أي تصرف، لم يعد يعجبها شيء، تطورت الأمور بيننا حد الإهمال، فالقطيعة الجسدية، حاولت إيجاد تبرير لتصرفاتها فظروفها الصعبة من يُتمٍ وحرمان، وتحمّلها أعباء مضاعفة الآن، فاقترحت عليها أن تترك وظيفتها فكان جوابها بالرفض حاداً.
قلت لها: «يا بنت الحلال شو يللي غيرك ليش هيك عم تتصرفي، بدك تخربي البيت يللي عمرناه سوا، فكان جوابها الصادم: «حياتي عاجبتني هيك وإذا ما عاجبتك طلقني».. خرجت على الفور إلى منزل أحد أصدقائي الذي نصحني بالتروي قبل اتخاذ أي قرار، انتابني شك بأنه قد دخل حياة زوجتي رجل آخر، فقررت مراقبتها وتتبع خطواتها من المنزل إلى مكان عملها وبالعكس، وفي أحد الأيام دخلت زوجتي إلى المنزل عائدة من عملها، وما هي إلا لحظات حتى خرجت مسرعة مستقلة سيارتها تتبعتها بسيارة أجرة، وهنا كانت المفاجأة التي صعقتني بأن ركنت سيارتها أمام بناء فيه شقة أحد معارفنا وهو طبيب سوري يقطن في المنزل وحيداً بعد أن طلق زوجته.. بعد فترة كررت الحالة، لكن هذه المرة كان اللقاء مسائياً بعد أن أوهمتها أنني ذاهب إلى العمل، فاستقلت سيارتها وسلكت الطريق نفسه قاصدة البناء نفسه، وبعد حوالي الساعتين ونزلت برفقته، ما إن شاهدتهما معاً حتى وانهلت على الرجل ضرباً أما هي فلاذت بالفرار، لحقتها إلى المنزل طلبت منها تفسيراً لما رأيت فكان جوابها: «القصة ليست كما بدت إليك هو صديق أخي من أيام الجامعة» واجهتها بتسجيل لمكالمة غرامية بينهما قبل أن تنزل من سيارتها، هددتني إن تفوهت بكلمة أمام الأولاد ستحرمني رؤيتهم».
يتابع فادي حديثه بحرقة قلب: الأمر لم يعد متعلقاً بي فقط، ذكرتها بأن لديها بناتاً بعمر الزواج أخبرت أولادي بما جرى، ونيتي ترك المنزل، وتمنيت عليهم ألّا يؤثر الموضوع في علاقتهم بأمهم، فوجئت بأن لديهم علماً بكل ما جرى وتبنيهم لوجهة نظر أمهم، عشت في دوامة من الأفكار والتساؤلات التي شكلت لدي حالة من الإحباط والفشل وعدم الرغبة بالبقاء في بلد يجمع بيني وبين أسرة أفنيت عمري بالغربة لأجلها حسمت أمري ورتبت أمتعتي وأنهيت عملي ثم عدت إلى سورية لمنزلي في دمشق القديمة لأعيش فيه وحيداً. تزامن رجوعي للبلد مع بداية الحرب، مضت سنوات الحرب السبع بكل مآسيها وأنا أجلس قرب الهاتف مترقباً، حالماً باتصال من زوجتي أو أحد أبنائي ليطمئنوا به عن حالي، لكن حلم الانتظار كسر أخيراً بتبليغ من الشرطة لحضور جلسة دعوى طلاق رفعتها زوجتي ضدي.
بداية النهاية
ليس من الضروري أن يكون العنف وليد لحظة العلاقة بين الرجل والمرأة، بحسب الأستاذة إلهام محمد رئيسة دائرة البحوث في وزارة التربية ومدربة العنف النفسي الاجتماعي للفريق المركزي في وزارة التربية، وتتابع: فكل منهما يعيش مع الآخر، راصداً تصرفات ومواقف قد يقبلها كل منهما وقد يرفضها أحياناً أخرى،تمر الأيام والسنون وكل منهما يمرر هذه المواقف ويتنازل في مكان ما دونما نقاش أو حوار، مع مرور الوقت.. يشعر أحدهما أو كلاهما أن السنوات مرت وليس لديه قدرة على التحمل فتأتي مشاعر أو خبرات جديدة تشعر الفرد بالحاجة الأساسية التي قد تكون غيبت فعلياً من الطرف الآخر، ويبدأ الصراع ويشعر الرجل بتغيير زوجته وإهمالها له.
من أشكال العنف ضد الرجل
الخيانة الزوجية في حد ذاتها لا تعدّ عنفاً إنما السلوك الذي يرافقها أو يسبقها يعدّ عنفاً قائماً على النوع الاجتماعي، ويأخذ العنف الذي يتعرض له الرجل أشكالاً كثيرة منها:
العنف الجسدي: وهو الأقل انتشاراً والمتمثل بالضرب، وإهمال الرعاية الصحية للزوج، والأخطر أن بعض النساء يلجأن لممارسة أساليب الشعوذة لفرض السيطرة تصل حد إعطاء زوجها نوعاً من الخلطات التي قد تودي بحياته.
وهناك العنف اللفظي الذي يؤدي إلى الإقلال من هيبة الرجل والحط من شأنه داخل المنزل وخارجه وهو من أكثر أنواع العنف انتشاراً.
أما العنف النفسي: فيحدث نتيجة التهديد الذي تمارسه المرأة على الرجل وإرغامه على قطع علاقاته بأهله وأصدقائه وإكراهه على فعل أشياء لا يحبها، ناهيك بإقامة علاقات غير مناسبة مع غيره، وجميع أشكال العنف تؤدي للعنف النفسي وتهدد شخصية الرجل وقوته.
أما الأسباب المؤدية للعنف فكثيرة منها: ضعف شخصية الرجل وعدم تحمله المسؤولية، وعدم امتلاكه مهارات التواصل الجيد والاكتفاء بالصمت، والسلطوية عند بعض النساء، ووجود الفروق الطبقية بينهما…الخ،أيضاً قد يقابل العنف الممارس من الرجل مستقبلاً بعنف من المرأة، كما أن المرأة التي تنشأ وتترعرع وسط عائلة تمارس العنف بين أفرادها تكون عرضة لاكتساب العنف من البيئة المحيطة وممارسته تجاه الرجل.
تتعدد الأسباب والعنف واحد
الوقاية خير من قنطار علاج، لذلك لابد من تنظيم حملات توعية وتكثيف الأنشطة الإرشادية وندوات مع الاختصاصيين توضح مخاطر العنف وطرق معالجتها على أسس علمية ومنهجية، والتأكيد على ثقافة الحوار والتشاركية والاستماع، لكون هذه الصيغة تعمل على تخفيف الضغوط وتوصل للتفهم، وتشجيع المبادرات الشبابية وإحداث فرق جوالة تقدم خدمات الدعم النفسي الاجتماعي للأشخاص المعنفين ولاسيما في الأرياف التي لا تصلها الخدمات بالشكل المناسب، وأيضاً ضرورة وجود مراكز حماية لمناهضة العنف بكل أنواعه ضد، وتكثيف دور المرشد النفسي الاجتماعي في المدارس.
مخاطر العنف النفسي: ماذا يقول القانون؟!
لا يوجد في القانون السوري عقوبة على التعنيف النفسي – بحسب الأستاذ نبيل كنة- ووفقاً لأحكام القانون: لا عقوبة بلا نص، لكون القانون يعاقب على الأفعال المادية المتمثلة بالتعنيف المباشر من ضرب أو تهديد أو إيذاء بالقتل وهذا الأمر ينطبق على كلا الزوجين، أما العنف النفسي الذي تمارسه المرأة على الرجل فأخطره من وجهة نظري القانونية هو تحريض الأطفال ثمرة الزواج على الزوج أو منعه من مشاهدتهم أو السفر بهم إلى حيث لا يقيم الزوج.
وأيضاً من صور التعنيف الامتناع عن الإنجاب والعلاقة الزوجية أو ابتزاز الزوج بها، والأخطر أيضاً هو استثمار الجسد والجور من خلاله على رغبات الزوج والحصول على منافع مادية وحتى بناء علاقات مشبوهة خارج الإطار الزوجي يسبقه تعنيف اللارغبة بالعلاقة وينتهي بالخيانة وما بينهما من الإهمال والمعاملة السيئة، مما قد ينتج عنه الطلاق في أغلب الأحيان.