التحرّش.. مجتمع لا يرحم وقانون لا يحمي.. أربـاب الأعمال.. إما علاقة وإما مضايقات وإقالة

التحرّش.. مجتمع لا يرحم وقانون لا يحمي.. أربـاب الأعمال.. إما علاقة وإما مضايقات وإقالة

شعوب وعادات

السبت، ١٢ مايو ٢٠١٨

ما إن طرحنا موضوع التحرش للاستطلاع، حتى انهالت علينا عشرات الرسائل التي تقطر قهراً، ورُويت لنا قصصٌ, أبطالها ضحاياها.. ومتى لم يكن البطل ضحية أخلاقه والتزامه؟
كثيرون تحدثوا بصراحة، وآخرون أخفوا خلف آرائهم غصة واضحة، وأكثر القصص إيلاماً هي تلك التي لم يُرد أبطالها أكثر من عملٍ يسترهم، فكان شرط الستر.. هتك الستر، فرفض البعض، ووافق البعض الآخر.. ومَنْ يلوم الجائع إن شبع؟ ومَنْ يلوم من فضّل البكاء ليلاً لقاءَ شبع أولاده؟
الموضوع أكبر من أن يُناقش في ملف واحد، فالتحرش مصطلح فضفاض، يحتمل أوجهاً كثيرة، بدءاً من التحرش اللفظي والتحرش الجسدي، إلى التحرش بالأطفال، والتحرش عبر الإنترنت، وانتهاء بالتحرش والابتزاز بقوة المنصب، لكن المشترك بين كل ما ذكرناه، هو صمت المُتَحَرش بهم خوفاً من المجتمع، مع شعور بعدم جدوى الحديث، مادام القانون لن ينصفهم.
 
الخوف من الفضيحة
نبيل الحموي (موظف) يقول: إن أغلب قصص التحرش التي سمعها هي تحرش رب العمل بالموظفات، وهو موجود ويكثر في القطاع الخاص فلا رقيب على المدير، وإن كانت الضحية لديها قابلية للصمت خوفاً من الفضيحة، سيتطور الأمر، وقد تساعده على غيرها حرصاً على موقعها في العمل، ورغبة منها في ألا تبقى الوحيدة التي تعرضت لهذا الأمر، وأغلب هذه الجرائم مردها إلى الفقر والحاجة للعمل.
ماجد ويس (حقوقي) قال: إن للتحرش أثراً نفسياً كبيراً في الأنثى، فهو يفقدها بعض الثقة بالمجتمع والمحيط، وهذه مشكلة في حد ذاتها.
ويضيف: (لكن علينا ألا ننسى المظهر الخارجي الذي يثير غريزة بعض الذكور، وأشدِّد على كلمة غريزة، لأن من لا يلتزم بالآداب العامة وضوابط المجتمع والأخلاق السوية هو كالحيوان، لا يستطيع التحكم بغريزته، وهذا يدفع ببعض الشباب والمراهقين وحتى كبار السن أحياناً للتحرش بهذه المرأة أو الفتاة، ظناً منهم بأنها ستتقبل هذا الموضوع بناءً على ما يوحي به لباسها، وبالطبع حتى المحجبات يتعرضن للتحرش.. المختصر هو أننا بحاجة لثقافة الآداب العامة والتعامل).
وبدأت بشرى يعقوب كلامها من حيث انتهى «ويس»، موضحة أن اللباس حرية شخصية للفتاة، ويجب ألا يعكس صورة سيئة عنها، وتالياً لا يمنح المتحرش حق التحرش بها لفظياً أو جسدياً كما يعتقد، ويجب ألا يقتصر علاج التحرش على الغرامة المالية والسجن للمتحرش، وأن يتجاوزه إلى الخضوع لعلاج نفسي، فالأنثى لها حريتها الكاملة، وهي كيان خاص يمنع المساس به.
الفضيحة أو الصمت.. أحلاهما مرُّ
قلة عدد قضايا التحرش المرفوعة، تشير إلى أن الصمت والاكتفاء بالابتعاد عن المتحرش هما سيدا الموقف، ولذلك عدة أسباب, أولها وآخرها المجتمع ونظرته وما قد ينتج عن افتضاح الأمر، والذي تكون نتائجه غالباً أسوأ من التحرش نفسه.
صفاء العاني (مدرسّة) تقول: إن مجتمعنا ذكوري، وسيلقي باللوم على الفتاة، متذرعاً إما بلباسها وإما بنوع ضحكتها وإما بمشيتها، وبأنها هي التي أعطت المتحرش سبباً للتحرش، وإن تحدثت، فما ستفصح عنه سيبقى وصمة عار ونقطة سوداء في سجل حياتها طوال عمرها، وإن كانت عازبة، فإن افتضاح أمر كهذا قد يحرمها الزواج.
كذلك إنانا محلوبي أرجعت الصمت إلى الخوف من نظرة المجتمع الذي يلوم الأنثى على كل شيء، كما أن التحرش لا يعود سببه إلى الكبت الجنسي، لأنه موجود كثيراً في المجتمعات الغربية التي فيها حرية جنسية وانفلات جنسي أيضاً، بل يأتي من خلفية عقد نفسية أكبر من الكبت، قد تكون لها علاقة بإثبات الذات، موضحة أن التحرش الجنسي لا ينحصر بالتحرش الجسدي فقط، وإنما يشمل التحرش اللفظي متل النكات الجنسية والشتائم، لأنه يتسبب بالتعدي على خصوصية الأنثى.
كذلك بيسان المحمد ردت صمت المُتَحَرَّش بها إلى المجتمع الذي سيدين الفتاة في النهاية، وفي حال وقع التحرش من قبل رب العمل، فإن أي محاولة من المتحرش بها لكشف الموضوع سيحولها إلى متهمة وسيعرِّضها إلى مضايقات كبيرة، لذا فإنها تفضل الصمت لأنها تعلم أن أحداً لن ينصفها.
أما دياب حوري، فقال: من الصعب معالجة التحرش في المجتمعات المتخلفة التي تطرح فيها نظرية (الحلوى المكشوفة والحلوى المغلفة) أي التي تفرق علناً بين أخلاق الفتيات حسب اللباس، وتالياً –ولو بشكل مبطن– تمنح الحق بالتحرش بالأنثى التي لا تتطابق مواصفاتها مع القاعدة المذكورة سابقاً.
ويرى حوري أن الحل يكون في تغريم المتحرش مبلغاً كبيراً من المال، لأنه يعتقد أن هذه هي العقوبة الأقسى، كما يعتقد أن الاختلاط بين الجنسين بطريقة مدروسة وبمراحل مبكرة سيمنع أو -على الأقل- سيخفف من حالات التحرش.
أما السيدة أم وسام، فأوضحت أن أول فئة عمرية يجب توعيتها بشأن موضوع التحرش هي الأطفال، ويبدأ ذلك عبر توعية الأهالي عن طريق المدارس باختيار يوم في الشهر يتم فيه طرح موضوعات للتوعية، أو في مراكز مختصة، ويجب تعزيز ثقة الطفل بنفسه وبأهله لكيلا يخاف من التنبيه عن أي تصرف غريب من قبل أي شخص تجاهه، ولاسيما في الظروف الحالية التي ولّدت أوبئة أخلاقية كثيرة.
قصص من الواقع
موظفة قطاع عام روت لـ«تشرين» ما حدث معها في مكان عملها، قالت:
«كنت معاونة مدير إنتاج في إحدى المؤسسات، وبعد انتشار الإرهابيين في المنطقة التي تقع فيها مؤسستي، اضطررنا للانتقال إلى فرع آخر من فروعها في دمشق، وبمجرد وصولنا، بدأت أشعر أن تصرفات المدير تجاهي من ناحية الترحيب وما إلى ذلك مبالغ بها، وهذا ما جعلني أكثر حذراً في التعامل معه.. مرت أيام قليلة، فطلبني إلى مكتبه، وبدأ يتحدث معي بطريقة لو سمعها أحد لظن أننا أصدقاء من سنين طويلة، وفي اليوم التالي طلبني أيضاً، فابتسم زملائي في المكتب، فلحقت بي إحدى الزميلات وأخبرتني أن هذا ما يفعله مع الموظفات الجدد، وبعدها إما أن تترقى وتصير من المميزات، أو من المغضوب عليهن.. حاولت اختصار الحديث معه، وأخبرته أن لا داعي لاستدعائي مرة أخرى، فأجابني بأنه سيمنحني وقتاً للتفكير، وبعد أيام طلبني مجدداً فرفضت الذهاب، وفي اليوم الذي يليه أيضاً رفضت، لأفاجأ بعد حوالي أسبوع بنقلي إلى قسم الصيانة، حيث كنت الأنثى الوحيدة فيه، وحتى اليوم أتابع عملي في القسم المذكور، ولم أطلب منه أن يعيدني إلى مركزي، لأن الثمن معروف».
وعند سؤالها عن سبب عدم تقديم شكوى، قالت إن القانون لن ينصفها، وكذلك المجتمع، والشكوى لن تنال منه، وستجعله أكثر عدائية، لذا فضلت البقاء بوضعها الجديد، موضحة أنها أخذت حقها بمجرد أن انتشر خبر نقلها، لأن الجميع حينها قد علم أنها لم توافق على ما أراده.
(س.و) طالبة جامعية- تقول إن جارها بدأ فجأة يلاحقها، فتوقعت أنه مجرد شاب معجب بها، لكن الأمر تطور عندما التقيا في مدخل البناء الذي يسكنون فيه، فبادر إلى لمسها وحاول أن يتمادى أكثر لولا أنها صرخت فهرب.
تتابع: اختفى يومين، حتى اطمأن وعلم بأنني لم أخبر أحداً، وظهر فجأة في المكان الذي أقف فيه لانتظار (السرفيس)، وركب معي، حاول أن يجلس بقربي، لكن سبقته صبية وجلست، ثم نزل معي عند باب الكلية، خطر في بالي أن أخبر حرس الكلية لكنني خجلت، وعند العودة للمنزل لمحته يقف بقرب باب المدخل، فاتصلت بوالدتي وقلت لها إنني متعبة وأريد أن ينزل أحد من إخوتي ليساعدني على الصعود، فنزل أخي الكبير، وعندما سمع صوته على السلم دخل إلى منزله، وظل يلاحقني إلى أن أخبرت أصدقائي في الكلية بالأمر، فانتظروه عند الباب وأمسكوا به وهددوه بتسليمه للشرطة.. لم أجرؤ على البوح بالأمر لأهلي لعدة أسباب، أولها أننا جيران ومعرفة إخوتي بالأمر ستؤدي إلى مشكلة كبيرة، وثانيها خوفي من أن يفتري عليّ وأن يصدقه أحد، فأخسر سمعتي.
قصة ثالثة أغرب من سابقاتها، حيث تقدمت بطلتها لوظيفة في قطاع خاص تم الإعلان عنها، وقدمت (CV) كما هو مطلوب، وفي اليوم نفسه، حادثها المدير على أحد برامج التواصل.
تقول: مذكور في الـ (CV) أنني أرملة، فسألني عن المدة التي مرت على وفاة زوجي، فاستفسرت عن سبب السؤال، فأجابني بأنني أعجبته، وأنه يفكر حقيقة في منحي الوظيفة وبراتب مرتفع، فأجبته أنني أملك مؤهلات الوظيفة ولست بحاجة لإعجابه، فلم يعجبه كلامي.
في اليوم التالي تم تهكير (سرقة) حسابي على موقع «فيس بوك»، لأفاجأ بصاحب العمل مساءً يحادثني ويقول لي بأنه هو الذي سرق الحساب، وهددني بأنه سينشر صوراً لي وجدها في رسائلي الخاصة كنت قد أرسلتها لأختي، فطلبت منه أن ينشرها لأنها لا تسيء لي، فبدأ يحادثني بألفاظ نابية، فقمت بحظره، ونسيت موضوع الوظيفة تماماً. كنت سأشتكي، لكنني تذكرت أنه ثري جداً.. والأثرياء لا يطولهم القانون.
المتحرش يشعر بتقدير منخفض لذاته
والتقت «تشرين» بالاختصاصي النفسي د.أيمن محمد الذي قال: إنه ومن الناحية العلمية، فإن مسألة التحرش ودراسة سلوك المتحرشين بشكل عام تعدّ مسألة معقدة يتداخل فيها العديد من الخبراء بدءاً من الطب النفسي والعلوم الجنائية، مروراً بعلوم الاجتماع وصولاً إلى علوم الدين.
وتعدّ الأمراض النفسية المختلفة من أكثر العوامل ارتباطاً بمسألة التحرش، لذا فإن التحرش يعبر عن خلل نفسي، وتشمل قائمة الأمراض النفسية المرتبطة بالاعتداءات الجسدية: أمراض الفصام والشيزوفرينيا– إدمان الكحول والمخدرات– صعوبات التعلم– اضطرابات الشخصية المختلفة– التغيرات المرضية في القشرة المخية.
وأضاف د.المحمد: إن التحرش والاعتداء ليس لهما علاقة بالمتعة، وكثير من الأشخاص الذين يقومون بهذا التصرف، يعانون تقديراً منخفضاً للذات، ما يدفعهم للتحرش، رغبة منهم في الشعور بالسيطرة والهيمنة على أشخاص أضعف، أي إن عدم قدرتهم على الشعور بأهميتهم وقيمتهم وقدرتهم على التحكم في حياتهم، يدفعهم إلى هذا السلوك المرضي.
تربية خاطئة ومفاهيم مشوّهة
وبيّن د.المحمد أنه نتيجة التربية الخاطئة والثقافة الفاسدة، يتكون لدى بعض الذكور اعتقاد خاطئ بأن كل النساء يمكن استدراجهن، من أي شخص، وفي أي وقت، وأنه حين يقوم بلمس جسد امرأة ما، أو إلقاء كلمات فجة على مسامعها، فإن ذلك يعجبها ويرضيها وإن أظهرت عكس ذلك.
لذا, فإن تكاتف المؤسسات التعليمية والإعلامية، يعد أمراً مهماً لإيصال صورة واضحة وصحيحة عن موضوع الجنس، لكونه أمراً شديد الخصوصية، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمشاعر والعواطف.
شعور الضحية بالذنب
وأوضح الاختصاصي محمد أن من أكثر المشكلات النفسية شيوعاً، التي تواجه ضحايا التحرش الجنسي، هو الإحساس بالمسؤولية والشعور بالذنب تجاه ما حدث، فتبدأ الضحية بجلد الذات، متسائلة: هل كان ما أرتديه ضيقاً أو مثيراً؟ هل كان يجب ألا أذهب إلى هذا المكان؟ هل قمت بتصرف ما دفعه إلى القيام بذلك؟
لذا لابد من أن تعرف الضحية أنها ليست مسؤولة بأي شكل عما حدث، ويجب ألا تشعر بالذنب، لأنها ضحية نفوس مريضة، ومعتقدات مشوهة، ولا علاقة لملابسها أو لتصرفاتها بالأمر، ويجب أن تدافع عن نفسها وألا تخشى نظرة المجتمع وكلام الناس.
وختم د. محمد حديثه بأنه وللأسف في مجتمعاتنا العربية، أغلب النساء تخشى من اتخاذ رد فعل حيال التحرش الجنسي، خوفاً من نظرة المجتمع ومن الفضيحة، ومن إلقاء اللوم عليهن، والأكثر أسفاً هو أن المتحرش يعلم ذلك جيداً.
موقف القانون
ولمعرفة موقف القانون من التحرش، التقت «تشرين» المحامي هاني رويلي الذي قال: إن ازدياد ظاهرة التحرش يعود لعدة أسباب, منها ضعف الرقابة من الجهات المختصة، إضافة إلى الدور السلبي الذي تقدمه التكنولوجيا، إذ تساعد المواقع الإباحية – التي بدأ حجبها مؤخراً – والمشاهد الساخنة في الأفلام على إثارة الغرائز لدى الكثير من الشبان الذين يتصرفون بشكل غريزي من دون النظر إلى العواقب.
ويوضح رويلي أن المشرِّع السوري لم يجرّم التحرش بشكل خاص، بل جمعه مع الأفعال المنافية للحشمة، حيث نصت المادة (505) من قانون العقوبات السوري، أن من لمس أو داعب بصورة منافية للحياء قاصراً لم تتم الخامسة عشرة ذكراً كان أم أنثى، أو فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من 15 سنة من دون رضاها، عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة ونصف السنة.
كما نصت المادة (506) من قانون العقوبات السوري: يعاقب من تلفظ بكلام مخلّ بالحشمة بالحبس التكديري، ولمن عرض على قاصر لم تتم الخامسة عشرة أو فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من 15 سنة عملاً منافياً للحياء أو وجه لهن كلاماً مخلاً بالحشمة، عوقب بالحبس التكديري ثلاثة أيام، أو بغرامة لا تزيد على 75 ليرة، أو بالعقوبتين معاً.
قانون العمل لم يلحظ تحرش العمل
وأضاف المحامي رويلي: إن قانون العمل السوري غفل أي ذكر للتحرش الجنسي في العمل، على الرغم من أن المرأة باتت تقف جنباً إلى جنب مع الرجل في أغلب ميادين العمل إن كان في القطاع العام أو الخاص، ولا يوجد في التشريع السوري أي مواد تجرم فعل التحرش اللفظي أو الإيحائي أو ما شابه، ولا يعاقب عليه سواء جرى في مكان العمل أو في مكان آخر.
كذلك لا توجد مادة جزائية تجرم تجريماً واضحاً وتعاقب على التحرش الجنسي عدا المادة (499) من قانون العقوبات التي تقول:
(كل موظف راود زوجة سجين أو موقوف أو شخص خاضع لمراقبته أو سلطته عن نفسها ، أو راود إحدى قريبات ذلك الشخص عوقب بالحبس من تسعة أشهر إلى ثلاث سنوات).
لكن الإحالة إلى قانون العقوبات تعني أن المتحرش بها بحاجة إلى شهود، وفي حالات تحرش العمل، من أين ستأتي الضحية بشهود؟ وفي حال وجود شهود، من سيجرؤ على الشهادة ضد المدير أو المدير العام أو غيره من أصحاب المناصب؟
دول صنفت التحرش كجريمة
وعرضَ المحامي رويلي لـ«تشرين» قوانين بعض الدول فيما يخص التحرش، وأولها القانون الفرنسي على اعتبار أن الكثير من قوانيننا مأخوذ منه، فقال: تعد فرنسا أول دولة أوروبية تقرر تجريم التحرش، ويقصد به التعسف في استعمال السلطة باستخدام الأوامر والتهديدات والإكراه بغرض الحصول على منفعة أو امتيازات أو ميزات ذات طبيعة جنسية، بيد أن هذه التصرفات ترمز فقط إلى الإغراء والأهواء.
وذلك مذكور في المادة 23/222 من قانون العقوبات الفرنسي لعام 1994، في نهاية الباب الخاص بالاعتداءات الجنسية.
وبذلك يكون المشرِّع الفرنسي قد وضع فعل التحرش جنباً إلى جنب بجوار جرائم الاغتصاب والإيذاء الجنسي المقترن بالعنف، وقد جُرّم التحرش إعمالاً بمبدأ المساواة بين الأجناس، مع الأخذ في الحسبان أن كلمة التحرش في اللغة الفرنسية تعني تكرار موقف، وجنائياً تكرار الاعتداء المستمر.
كما تناول المشرع الفرنسي جريمة التحرش الجنسي في قانون العمل، وسماها التمييز في الوظيفة على أساس التحرش في المادة 151 -1-1 من قانون العمل، وفرض على المتحرش عقوبة الحبس مدة عام وغرامة 520 فرنكاً أو إحدى العقوبتين.
وفي تونس، يتم الآن تشريع قانون تحرش في الفقرة الثالثة من الصحيفة الجزائية، الفقرتين 226 و227 الذي يقول:
(يعدّ تحرشاً جنسياً، كل اعتداء على الغير بأفعال أو بإشارات أو أقوال ذات طبيعة جنسية من شـأنها أن تنال من كرامة أو تخدش حياء، وذلك بغاية حملها للاستجابة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية، أو بممارسة ضغوط عليها من شأنها إضعاف إرادتها على التصدي لتك الأفعال).
تشرين