مع اختلاف معاييرها العلاقات الاجتماعية.. انحسار تحت ضغط الظروف.. وركود في التواصل المباشر

مع اختلاف معاييرها العلاقات الاجتماعية.. انحسار تحت ضغط الظروف.. وركود في التواصل المباشر

شعوب وعادات

الجمعة، ٢٠ أكتوبر ٢٠١٧

تعددت أشكال العلاقات الاجتماعية من جيل لجيل آخر، واختلفت مع الزمن المعايير التي تُبنى عليها تلك العلاقات، لتصبح اليوم العلاقات الاجتماعية قائمة على أساس وحيد وهو المصلحة، ففي ظل الوضع الذي يعيشه المواطن من ظرف سياسي هجّره من منزله، وظرف اقتصادي أثقل كاهله، باتت إقامة علاقات اجتماعية على أسس صحيحة غاية في الصعوبة، ولا نستطيع أن نغفل  عامل التكنولوجيا والاتصالات التي أثّرت بصورة مباشرة على علاقات الأفراد فيما بينهم، كل حسب تعاطيه مع هذا العامل، وما أحدثته وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها على شكل العلاقات الاجتماعية بين الناس، لتقتصر ما كان يسمى بالعلاقات الاجتماعية على ما يندرج تحت إطار ” الزمالة” في الدراسة، أو حتى في العمل.

مبررات

ويلقي البعض اللوم دائماً على متاعب الحياة والتي لم تعد سهلة كالسابق، وعلى نفوس الناس التي تبدلت مع تبدل العصر، حيث اكتفى الكثير منهم بالعيش بمعزل عن أي وسط اجتماعي لدرجة جعلت البعض يحد من علاقاته مع أقربائه أيضاً، بينما برر البعض قلة علاقاتهم الاجتماعية بوجود صعوبة في تكوين هذه العلاقات، وهذه الصعوبة سببها عدم إلمامهم بالطرق الصحيحة لتكوين علاقات اجتماعية ناجحة.

 

دراسة علمية

ولكي يكون الإنسان سوياً، يرى علماء النفس أنه لا بد من أن ينشأ في بيئة محاطة بالحب والاحترام والتقدير، أما الإنسان الذي ينشأ في بيئة تشعره بأنه غير مقبول أو محبوب، فسيتصرف بعدوانية وعزلة عن غيره، وبالتالي لن ينجح مستقبلاً في تكوين علاقات اجتماعية ناجحة، وهذا ما أثبتته الأبحاث، حيث توصل فريق بحثي أمريكي إلى أن مخاطر الموت المبكر تقل بنسبة 50% عند الأشخاص المحاطين بأشخاص محبين لهم والناجحين اجتماعياً في علاقاتهم، وصرح أعضاء الفريق بأن العلاقات الاجتماعية القوية مفيدة للصحة، مثل: التوقف عن التدخين، حيث إن ضعف العلاقات الاجتماعية يضاهي تدخين 15 سيجارة في اليوم، وتراجع الحياة الاجتماعية يعادل معاناة إدمان المشروب، وتزيد العلاقات الاجتماعية في صحة الإنسان أكثر من اللقاحات التي تمنع الإصابة بالمرض.

أسس ناجحة

من الأمور المتفق عليها أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، وأنه يحب التواصل والاجتماع مع من حوله من الناس، وتكوين العلاقات الاجتماعية الناجحة معهم، ومما لا شك به أن هذه العلاقات تمر اليوم بمرحلة من الركود، بدءاً من العلاقات داخل الأسرة، وانتهاء بالعلاقات الاجتماعية مع المحيط، سواء كانت علاقات الصداقة، أو زمالة العمل نتيجة ما أفرزته الأزمة، وما أفرزته التكنولوجيا اليوم، بالرغم من أن التواصل الاجتماعي أصبح ضرورة ملحة، ولعل أهم الأسباب التي تؤدي لفشل العلاقات الاجتماعية بنظر مضر سليمان”، ماجستير موارد بشرية”، اختلاف التوقعات التي ينتظرها كلا الطرفين من الآخر، فيحدث أحياناً أن يكون سلوك الطرف الآخر مخيباً لآمالنا وتوقعاتنا منه، وهنا يحدث الفشل في العلاقة الاجتماعية، لذا لخص لنا سليمان أسس العلاقات الاجتماعية الناجحة، والتي أهمها الأخلاق أولاً، ثم الاحترام المتبادل بين أطراف هذه العلاقة، فإن لم يكن هناك أخلاق ولا احترام، فمصير هذه العلاقة الفشل، لذا شدد سليمان على أن يكون أساس العلاقة الاجتماعية قوياً ومتيناً، كذلك لابد  لكلا الطرفين من إجادة التعامل والتواصل مع بعضهما، مضيفاً بأن ما أفرزته التكنولوجيا اليوم من وسائل اتصال حاولت إلغاء العلاقات الاجتماعية من خلال استبدال الزيارات وصيغ التواصل المتعارف عليها سابقاً بشيء أسرع، يؤدي المطلوب حسب ما يعتقد الأفراد من خلال الرسائل النصية، أو الشات، والتي يؤدي الإفراط في استخدامها إلى أن يعيش الفرد في عزلة، ما يؤدي إلى فتور العلاقات الاجتماعية بينه وبين الآخرين، موضحاً أن تلك الأجهزة لا تستطيع أن تكون بديلاً عن التواصل الاجتماعي الحقيقي، لذا يجب أن نكون حريصين في استخدامها قدر المستطاع.