على دواليب الحظ .. تدور الأحلام وتتزاحم الأماني .. وفي لعبة الأرقام تتكاثر خيبات الأمل

على دواليب الحظ .. تدور الأحلام وتتزاحم الأماني .. وفي لعبة الأرقام تتكاثر خيبات الأمل

شعوب وعادات

الخميس، ١٢ يناير ٢٠١٧

“جرب حظك.. خذلك ورقة يمكن تغيّر حياتك”، هي دعوة يومية، تلاحقنا من بائعي اليانصيب، وتكثر بنهاية وبداية كل سنة، ومعها تبدأ الأحلام بالتدفق إلى مخيلتك الخصبة المتعطشة إلى مبلغ من المال، “قد يكون خيالياً”، تتغيّر معه حياتك فعلاً، وتنقلب رأساً على عقب، ليقوم الخيال برسم لحظة فوزك بالجائزة الكبرى، وتتوارد عليك خيالات وأوهام، كشراء منزل جميل، أو سيارة فخمة، أو حتى إيفاء ديونك الشهرية في أدنى الاحتمالات، أحلام وردية تحملك دون تردد إلى بائع اليانصيب لتحقق غايتك، ولكن غالباً ما تصحو من حلمك، وفي يديك ورقة خاسرة بعد سهرة انتظرت بها طويلاً دواليب الحظ، علها تقف على أرقامك، لكنها أبت أن تكون من نصيبك، وعلى الرغم من الخسارات المتلاحقة، تبقى جماهير الناس تترقب السحوبات الدورية والسنوية لتجرب حظها، فهل يتعامل الناس على أنها مجرد تجربة، أم أن هناك من يدمن عليها، ولا يستطيع الشفاء منها؟.

أرقام حظ
في محاولة عابثة يحاول وسام أن يبحث بين أوراق اليانصيب على أرقام معينة، يقول: إنها أرقام حظه، وسط مجموعة من الأشخاص تختار بشكل عشوائي، معتمدين على قوة حظهم لانتقاء ورقة رابحة، ولكن وسام يؤمن بجدوى أرقام معينة، ومدى قدرتها على تحقيق حلمه للفوز بالجائزة الكبرى، ورغم خيبته المتكررة، وخسارته لسحوبات سابقة، يصمم مع بداية كل شهر أن يخصص مبلغاً يشتري به ورقة اليانصيب، مؤكداً عدم قدرته مقاومة الفكرة البراقة للربح، ومدمن عليها، ويقول: ” لا بد أن تكون ورقتي رابحة هذه المرة، فأنا متفائل جداً هذه السنة”، معترفاً أنه استشار من يعرف في علم الأرقام، ليؤكد له وجود أرقام حظ لكل شخص يستطيع المراهنة عليها في ألعاب الحظ واليانصيب، في حين تؤكد سمر عدم انجرافها إلى تلك اللعبة، ولم تشتر ورقة في حياتها، معللة عدم رغبتها بأنها تعرف حظها جيداً، ولا داعي لاختباره، وتلك القناعة سمعناها من العديد من الناس مع اختلاف اعتقاداتهم حول اليانصيب، منهم من رآها تسلية فقط، وآخرون يرونها فرصة لتغيير أوضاعهم، رافقهم الحظ في ذلك، ولا مانع من تجربتها بعيداً عن الإدمان عليها.
تلاعب وغش
لعبة اليانصيب فكرة لطيفة براقة، قد تجذب البعض إلى عالم الأحلام، بينما يرى البعض الآخر بأنها فرصة للتلاعب بحياة الناس وأحلامهم، وسراب يركض وراءه ضعاف النفوس، وهناك من يجزم بتلاعب المسؤولين عنها بقولهم: إن الأوراق الرابحة معروفة ومنتقاة، والسيدة مها ممن استبعدن فكرة شراء ورقة يانصيب، مؤكدة أن العمل هو الفرصة الوحيدة للحصول على المال، ولن تسمح لنفسها بالانسياق وراء وهم مهما صعبت عليها الظروف المادية في حياتها، بل تقترح على مدمني سحب اليانصيب فكرة ادخار شهري يلتزمون به لنهاية السنة أفضل من التخبط بعالم الوهم، وصرف أموالهم، والانجراف وراء سراب لا يتحقق، ولكن إدمان البعض علله لنا الأستاذ طلال العلي، ماجستير علم نفس، بأن الفقر، وضعف الوضع المادي من الأسباب لتوجه الناس إلى ألعاب الحظ، وتجربة حظهم، وبناء آمال عريضة على فرصة قد تصيب أو تخيب، لكن الخسارة المتكررة تدفع بالشخص إلى تجربة حظه مراراً حتى يتحول الأمر إلى إدمان لا يستطيع السيطرة عليه، ومن هنا يؤكد العلي على أهمية الوعي، وعدم الانجرار وراء رغبات وأوهام، بل التحول إلى عمل مجد، ووضع خطط مالية لتحقيق الأهداف في الحياة، والوصول إلى مستوى معيشي جيد بعيداً عن ألعاب الحظ، أو المراهنة عليها.
فاتن شنان