“ممنوع اللمس” عبارات غير أخلاقية تزيّن ألبسة الشباب.. المقدمات انحراف فكري والنتائج انغماس مرضٍ في ثقافة الآخرين..

“ممنوع اللمس” عبارات غير أخلاقية تزيّن ألبسة الشباب.. المقدمات انحراف فكري والنتائج انغماس مرضٍ في ثقافة الآخرين..

شعوب وعادات

الجمعة، ٢٢ يوليو ٢٠١٦

أعداد  لا بأس بها من فتياتنا، بتن يضعن شعارات وكلمات غريبة على الملابس ولأسباب مختلفة، فمنهم مثلاً من تضع أو يضع ” الأرنب ” رمز القناة الإباحية سيئة الذكر على صدورهن، وفي ذلك دعوة واضحة لانتشار الرذيلة وأخريات يرتدين قمصاناً أو سراويل كُتب عليها: “أنا أحب القبل.. اسرح بخيالك.. ممنوع اللمس..”، نعم غريب أمر شباب هذه الأيام، فالموضة أصبحت كالوباء تجتاح كل شيء. يمكن أن تلاحظ بوضوح كيف يرتدي الشباب، وخاصة في الصيف، كنزات مكتوب عليها بلغات أجنبية عبارات قد تعني أشياء كثيرة غير أخلاقية مثلاً أو غير مناسبة لعاداتنا وتقاليدنا.. أتمنى أن يتريث الشباب كثيراً، حيث يقومون بارتداء تلك الألبسة، فربما يكون ما هو مكتوب عليها مسيئاً جداً للكثير من المفاهيم التي نعتقد بها، وربما يكون الشيء الطريف في هذا الموضوع أن الجميع يعانون من ضعف اللغات الأجنبية بشكل عام، لذلك فهم يسلّمون سلفاً للعبارات المكتوبة، ويضعون فيها ثقتهم دون أي تفكير. إنها شكل من الغزو الثقافي الذي نتعرّض له، ولابد من توعية الجميع حيال هذا الموضوع.
لسبر هذه الظاهرة الغريبة الدخيلة التقت ” البعث ” بعض من يرتدون مثل هذه القمصان والبلوزات والبيجامات والسراويل والأحذية وبعض تجار هذه الألبسة، وسجلت الآتي:
لم أفسر التعابير
نعم أنا أحب البلوزات التي ينقش عليها كلمات أجنبية أو رسوم أجنبية، ولكن لم يخطر ببالي أن أفسر الكلام الأجنبي أو الكلمات الأجنبية ولم أطلب من أحد أن يترجمها لي، هذا ما باحت به لينا عبود ” سنة ثانية أدب عربي “.

أبحث عنها في البالة
بينما برر أحمد العكة “سنة رابعة أدب فرنسي بقوله:”نعم أفضّل الكلمات الأجنبية التي تُرسم على القمصان، بل وأبحث عنها، وبعض الأحيان أضطر أن أذهب إلى البالة لأجد مثل هذه الكنزات، وعندما سألناه عن رأيه في مثل هذه الكلمات غير الأخلاقية، قال: أعتبر أن الأمر طبيعي، وأقل من عادي ما دامت الفتاة تلبس هذه الكنزة أو غيرها دون قصد.

دفاع عقلاني
ليس عيباً أن نقلّد الأجانب، وليس عيباً أن نأخذ منهم، وليس عيباً أن نتأثر بهم، لأن العالم بات قرية كونية صغيرة، وفق دفاع ريم صبوح، “سنة رابعة قسم تاريخ”، ولكن العيب أن نأخذ القشور، ونترك اللب، أخذنا منهم، عفواً، أو نقلنا منهم الموسيقا الصاخبة، والرقصات الخلاعية، وتقليد لباسهم، وطريقة أكل طعامهم، وطريقة التعامل فيما بينهم، بحجة العصرية والتقدم والتطور، وتركنا القيم الشرقية من مروءة، وأخلاق، وشهامة، وتستر، وكبرياء، وعفة، وحياء، وأضافت: ليس العيب فيهم، بل فينا نحن لأننا نقلّد الآخرين تقليداً أعمى!.

تقليد أعمى
غير أن هيثم الصالح، “سنة ثالثة شريعة”، كان له رأي صارم عندما وصف الظاهرة بالمخزية والأشكال المقرفة، وللأسف إخواني الشباب يقلّدون الشباب الأجنبي في: «قص الشعر، وتطويل السوالف، والوشم، و”منكرة” الأظافر، وتمييش خصل الشعر، ولبس سراويل كتب عليها كتابات أجنبية سيئة وغير أخلاقية»، والمؤسف أكثر أن الأمر تعدى الشباب حتى وصل إلى أمهات المستقبل، فمن يلق نظرة على طالبات جامعيات مثلاً يشاهد عشرات بل مئات الصور والكلمات المأخوذة من التراث الأجنبي، والقيم الأجنبية التي لا تناسب عاداتنا، ولا أخلاقنا، ولا تربيتنا!.

دون قصد
أنا كشخص لم أقصد أن أضع هذه الكلمة أو تلك، ولم أروّج لا لثقافة أجنبية، ولا لرموز أجنبية، حسب تعبير التاجر الحاج أبي محمد جاسم لبابيدي، لم أقف عند تفسير هذه الكلمات، وأقسم لم يخطر ببالي يوماً أن هذه الكلمات التي شرحت ترجمتها تعني كذا وكذا، ولكن أن أسير وفق متطلبات السوق لا أكثر، وفق متطلبات السوق الخارجية العربية، فعندما يطلب مني أحد التجار نوعية ما، ولوناً ما، وموديلاً ما، أنا مضطر لتنفيذ طلبه، سواء كان الطلب “بلوزات”، أو “بناطيل”، أو أي شيء، لأن من مصلحتي كصناعي وتاجر أن ألبي رغبات زبائني.

هناك من يروّج لنا
بينما يعترف التاجر محمد فريد قوتلي بكل ثقة، وبسابق إصرار وترصد بأن هناك بعض العبارات، وكل ترجمتها معيبة وسيئة، ولكن هذا لا يعني أن تجار الأقمشة أو تجار الألبسة هم الذين يرجون لهذه الفلسفة أو لهذه الظاهرة، لا فهناك من يشتري البلوزات والسراويل ويرسم عليها أو ينقش عليها أو يزخرف ثم يصدرها، سواء إلى أقطار عربية أو حتى أجنبية لأنها مطلوبة في السوق العربية والأجنبية العربية وحتى في أوروبا الشرقية، وعندما سألنا الحاج “أبا محمد” ماذا يجري لو اعتذرتم عن تلبية مثل هذه الطلبات، قال، ببساطة نحن الخاسرون لأنهم سوف يجدونها في أي سوق عربي مجاور، بل وحتى في أي سوق أجنبي ثم تعود إلينا وبأسعار خيالية، وأضاف.. أقمشتنا وألبستنا الداخلية حتى الخارجية مطلوبة بكل أسواق العالم لأنها تتمتع بخاصتين الجودة والنوعية والسعر الرخيص.

ترويج موجه
ولعلم النفس التربوي رأي بما يجري، من خلال التوجيه نحو البوصلة الصحيحة، وفق تعبير الدكتور مأمون أفليس “كلية التربية .. جامعة دمشق”  قائلاً :إذا منعت هذه الظاهرة، سوف تكون هناك ردة فعل لدى الشباب والشابات، حتى إن البعض يستطيع أن يرسم على القميص الذي يحب في بيته وتستطيع الفتاة أن تنقش على بلوزتها العبارة التي تحب دون الرجوع إلى التجار أو مصممي الألبسة، ولكن نستطيع بطريقة غير مباشرة أن نوجه أبناءنا وأخواتنا وإخواننا إلى اختيار كلمات ورسوم تمثل رموزاً في بلد من تراث وأوابد .. وحتى عبارات أجنبية ذات بعد عربي تراثي أصيل، وبذلك أرضينا غرورهم من جهة، وروجنا داخلياً وخارجياً لما نريد.

“ع الماشي”
من يسبر ترجمة هذه العبارات المنقوشة على البلوزات أو السراويل يجد أن بعضها ليس له معنى، وبعضها الآخر يحمل معنى سيئاً جداً من حيث لا تدري من ترتدي هذه الكنزة، أو ما كتب على البنطال من الخلف، أو ما نقش من رسوم تدلل وتروج لمحطات خلاعية أو مواقع إباحية، ونحن إذ ننشر هذا المقال، ليس لقمع هذه الظاهرة من قبل الجهات المعنية، وإنما لتهذيبها وتوجيهها للاتجاه الصحيح، ونشر الثقافة التي نحب ونرضى، وليس الترديد كما يردد الببغاء، ونرتدي ألبسة حبكت ونقشت عليها عبارات تروج لثقافات معادية، هدفها الإساءة إلى تراثنا وأخلاقنا ومجتمعنا ورسالتنا، إذ ليس من العقل والمنطق أن نقلد الآخرين تقليداً أعمى.

عارف العلي