في سباق الموضة تعديلات لإصلاح العيوب الجسدية وتغيير الشكل واللون.. وحقن ونفخ وأوشام بمعايير المشاهير

في سباق الموضة تعديلات لإصلاح العيوب الجسدية وتغيير الشكل واللون.. وحقن ونفخ وأوشام بمعايير المشاهير

شعوب وعادات

الخميس، ١٤ يوليو ٢٠١٦

يبدو أن اللحاق بخطوات التجميل أصبح هاجساً يتوغل في نفوس فتياتنا،  فالاهتمام باللباس والشكل وآخر صيحات الموضة اخترق جميع الأعمار، وأصبح من أولويات الحياة لدى البعض، فمن التجميل والماكياج إلى التاتو بكافة أشكاله، وألوان الشعر المتماشية مع الموضة والخارجة عن المألوف، لنلاحظ انتشار ألوان غريبة ومستهجنة للشعر كالأخضر، والأزرق، والأحمر الناري أو الوردي، بالإضافة إلى قصات تحاكي نجوم السينما الغربية، إلى استنساخ صور وأجساد نجمات وفنانين ميزتهم الجمال الباهر، وكثرة عمليات التجميل، فصالونات تصفيف الشعر ومراكز التجميل مزدحمة دائماً بالنساء الحالمات بجمال خارق، وفتيات لا تزيد أعمارهن عن الثامنة عشرة، حلمهن الرسم على الوجه والجسم، أو تغيير ألوان الشعر، بالإضافة إلى الحقن والنفخ دون النظر إلى التكاليف المرتفعة، والشابة عبير واحدة من رواد الصالونات عبّرت عن رغبتها باتباع الموضة في كل شيء، فيما لايزال عمرها سبعة عشر عاماً، ومنار ترى أن وشم الحواجب من ضروريات الجمال، وتتابع أسعار “البوتكس والفلر” لتحظى بفرصة حقن، فتغتنم فرصة عمل يكون المؤهل الوحيد هو حضورها، وجمال طلتها البهية، فهل تسير المرأة في الاتجاه الصحيح، وتمارس حقها في الحفاظ على جمالها، أم أن معايير ثقافة استهلاك الشكل والجسد طغت على جميع المفاهيم والقيم المجتمعية؟!.

د. شعبان :  ثقافة التجميل السائدة تعتبر الإنسان سلعة أكثر منه حالة إنسانية، فيتحول الجسد الإنساني إلى مجرد شيء يتم التعديل عليه، أو تغييره وفق معايير مجتمع رأسمالي اقتصادي!

الاهتمام من حقها
هي إحدى الطرق التي تدعم الثقة بالنفس، وتحارب بها السيدات شقاء الأيام، وعلامات الزمن، ورأت في التجميل سبيلاً إلى إصلاح العيوب، وتحسين بعض المشكلات الجمالية التي تعيق المرأة، خاصة في ظل وجود العديد من الحلول التجميلية، بعيداً عن الجراحة التي قد تأتي بنتائج معاكسة، فالدكتورة جوزفين الجاسر “اختصاصية تجميل” ناقشت معنا أهمية استخدام آليات التجميل بطريقة علمية ومدروسة، الهدف منها الحصول على نتائج مرضية، إن كانت علاجاً لتشوهات خلقية، أو نتيجة حوادث، أو بآليات تجميلية آمنة كـ “البوتكس والمواد المالئة” لإزالة التجاعيد، وإعادة رونق البشرة لتعطي مظهراً شاباً ومحبباً للسيدات، ونوّهت الى استبعاد بعض الآليات كحقن الشحوم لحساسيتها، وإمكانية الإصابة بالالتهاب، وقد أكدت على أهمية العناية والاهتمام بالشكل والبشرة منذ الصغر، وهو حق من حقوق الفتاة أو السيدة، ولكن دون مبالغة تغير ملامح الوجه، أو تترك آثاراً سيئة يصعب علاجها، فتفقد المرأة هدفها من التجميل، وتغرق في متاهات العلاج!.

مدخل آخر إلى الجمال
وفي فترة ليست بعيدة دخل التاتو إلى عالم التجميل، فشاع رسم الحواجب أو الفم، ورسومات مختلفة على الجسم، وأصبح مقصد الكثير من الفتيات، ففي أحد المراكز تنتظر سلمى دورها لوشم حاجبيها رغم صغر سنها، وهي تحمل في يدها صورة للفنانة سيرين عبد النور، وتريد من أخصائي التاتو رسم نفس شكل الحاجبين على وجهها، ورغم تأكيد المختص بعدم ملائمة وجهها مع الشكل المطلوب، إلا أن إصرارها وضعها في ورطة من خلال ما حصلت عليه من نتيجة، وهنا يؤكد لنا أخصائي التاتو، علاء اسعيد، أن الوشم يضفي حالة جمالية بتحديد ملامح الوجه، ولكنها مهنة ككل المهن، حيث تتداخل بها الخبرة مع الفن، وتتطلب الكثير من الدقة والخبرة في اختيار نوعية الألوان والمواد المستخدمة، مشيراً إلى وجود مواد نباتية أو معدنية آمنة ليس لها مضاعفات جانبية، في ظل انتشار مواد حبرية تؤدي إلى تفاعلات مؤذية جداً، وفي إحصائية سريعة لعدد الفتيات، تجاوزت الخمس فتيات في اليوم الواحد، في إشارة إلى انتشارها الكبير بين أوساط الصبايا، رغم تفاوت تكاليفها بين تسعة إلى خمسة عشر ألف ليرة سورية، وتتجاوز تكاليفها 50 ألف ليرة في بعض المناطق الراقية، وبالرغم من تكاليفها المادية الغالية لا تزال مراكز التجميل تعج بالطالبات للجمال من كل الأعمار.

الربح السريع
في صالونات التجميل الأكثر ربحاً في هذه الظاهرة، حيث تكثر الطلبات على الألوان الغريبة من قبل جميع الفتيات وخصوصاً الأصغر عمراً اتباعاً للموضة وآخر صيحاتها، ويتفنن مصفف الشعر “الكوافير” في إبداء النصائح وخلط الألوان دون النظر إلى النتيجة، بل همه الأول هو استجرار أموال الزبونة إلى جيبه، وهي بدورها مستعدة لخوض تجربة التغيير مهما بلغت التكاليف، بمبالغ خيالية تتراوح بين 10 و 30 ألف ليرة سورية للصبغات وسحب اللون والقصات العصرية، ويبقى السؤال الأهم، كيف تستطيع الفتاة مجاراة تيار التجميل وتغطية تكاليفه، لاسيما في ظل الابتكار المتجدد واليومي لآليات وأساليب التجميل غالية الثمن؟.

معايير استهلاكية
باعتبار أن التجميل أصبح موضة في مجتمعنا، ويسوّق له إعلامياً على قنواتنا من منتجات وعمليات ساهمت في تفشي هذه الظاهرة، التقينا الدكتورة رشا شعبان، التي أكدت أن ثقافة التجميل هي ثقافة نابعة من الذات، واعتبار الإنسان سلعة أكثر منه حالة إنسانية فيتحول الجسد الإنساني إلى مجرد شيء يتم التعديل عليه أو تغييره، وفق معايير مجتمع رأسمالي اقتصادي، وأضافت د. شعبان بأن المشكلة ليست في جوهر التجميل عندما تنبع الحاجة إليه من تشوه أو حادث أو حالة قبيحة غير مقبولة، عندها يصبح التجميل له مبررات صحية واجتماعية منطقية، لكن التجميل للأسف تحول في مجتمعنا إلى حالة مرضية أو هوس الجمال، وتحولت المرأة إلى مجرد سلعة تفصّل شكلها وجسدها وفق ثقافة لها معايير استهلاكية لإنسانية المرأة وتصبح للعرض فقط، وغايته الاتجار والربح بعيداً عن القيم الإنسانية التي تجذر للإنسان إنسانية كاملة، كيف يفكر أو كيف يمشي، بينما الجمال هو صورة العقل والفكر وليس صورة الجسد فقط.
لذلك على المرأة أن تجعل المجتمع ينظر إليها بطريقة مختلفة، يلاحظ فكرها ووعيها وشخصيتها التي تصقلها الثقافة والعلم، مع المحافظة على الأناقة والجمال ، لتنمي الثقة بنفسها والشعور بالرضا عن ذاتها، بعيداً عن الأنماط التي تجعلها سلعة، وتحط من شأنها بالتركيز على الشكل فقط.
فاتن شنان