مع تعدد خياراتها الالكترونية علاقات في عالم افتراضي .. وصداقات محكومة بالفشل

مع تعدد خياراتها الالكترونية علاقات في عالم افتراضي .. وصداقات محكومة بالفشل

شعوب وعادات

الجمعة، ١٧ يونيو ٢٠١٦

تعيش سهير حياتها مشدودة إلى جهاز كمبيوتر تترقب حبيبها المفترض في الطرف الآخر من الأرض كي يقول لها صباح الخير …اشتقت لك، وهي الفتاة الجميلة المتعلمة التي تعرف مدى نفاق هذه التكنولوجيا التي غزت حياتنا، خاصة في مجال العلاقات الإنسانية والعواطف، إلا أنها اليوم غارقة في مشاعر من صنع يديها تعوضها عن واقعها المر القاسي الناتج عن خيانة حبيبها لها وعدم الوفاء بوعده في الزواج منها، ورغم يقينها أن الحب الحقيقي لا يولد عبر الشبكات والآلات، إلا أنها انخرطت في تلك العلاقة ببداية الأمر من مبدأ الفضول والتعرف إلى شخصيات جديدة والخروج من حالة الاكتئاب التي رافقتها، وإيجاد نافذة خاصة بها للتواصل بعيدة عن رقابة المجتمع وأحكامه، ولكن سرعان ما تطورت الأمور إلى اهتمام وتعلق والانتظار ساعات أمام شاشة الكمبيوتر للتواصل معه، ولا تريد البحث في حقائق الأمور، فهي حسب تعبيرها سعيدة جداً بهذه الحالة، ولا تطلب أكثر من ذلك.
فراغ عاطفي
وفي أحدث الدراسات الأوروبية التي  اشترك فيها 2500 شخص، أكدت أن  30% من مستخدمي الانترنت يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي ومحركات البحث على الانترنت لاستقصاء أكبر قدر ممكن من المعلومات حول الأشخاص الذين يرغبون بإقامة علاقة معهم، كما اعترف أكثر من نصف المشاركين بأنهم يستخدمون جميع الوسائل المتاحة على الانترنت لإقامة علاقات عاطفية، إلا أن الفراغ العاطفي أساس أي علاقة غير جدية حسب رأي سونا الشاعر “طالبة جامعية”، وقالت إن وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت الفرصة للشباب للدخول إلى غمار المغامرات العاطفية عن طريق النت، والدوافع كثيرة منها الفراغ العاطفي والملل والروتين وحب الفضول والهروب من الواقع، أسباب عديدة تدفع بالشباب إلى الانترنت، وإقامة علاقات وهمية، لا تكلفهم أدنى شروط الارتباط الحقيقي وهو الالتزام والوفاء، والوصول إلى نتيجة تتمثل  بالزواج، بالرغم من أن الصداقة قد تقوم عن طريق النت لتبادل الثقافات والمعارف، إلا أن الحب شيء مختلف تماماً يحتاج إلى مشاعر وأحاسيس صادقة وحقيقية، ولا يمكن أن تتكون إلا في حال التعارف الواقعي فقط.
الشاب محمد الأطرش “إجازة في الأدب الإنكليزي” رأى أن الحب أحياناً يشوبه الكذب والنفاق من أحد الطرفين على أرض الواقع، والأمر ليس مقتصراً على العلاقات عبر الانترنت، لذلك أيد الحب عن طريق النت، لأن التعارف يقوم على الانسجام بين الطرفين، حسب رأيه، ولا داعي للكذب، والحب يعني الانسجام والتشابه والتكامل، فتتلاقى الأرواح دون قيود أو عوائق.

وللحب الإلكتروني أنواع
أكد الباحثون الاجتماعيون أن الحب عن طريق النت له عدة أنواع، والأكثر انتشاراً حب الفضول، ويكون هدفه بناء علاقات للتعرف على الآخر، صفاته وطريقة حياته، وغالباً ما ينتهي فجأة بملل أحد الطرفين دون سابق إنذار، أما الأطول مدة هو الإعجاب بشخصية معينة وملاحقته والتعرف إليه والتواصل معه، بجمل الحب والغرام، وهي حالة تشمل أحد الطرفين أو كليهما، وتبقى الحالة متوهجة إلى أن يصلوا إلى مرحلة الملل، والنوع الأخطر، حسب رأي الخبراء، هو الناتج عن الفراغ العاطفي، وفيه يبحث الداخل إلى شبكة النت عن العاطفة بأي طريقة، فيتعرف إلى أي شخص ترميه الأقدار في طريقه.

دون شروط
ورأت شادية الجبر، ماجستير علم اجتماع، أن الظروف المادية التي تمنع الشباب من الزواج والإخفاقات في حياتهم، منعتهم من تحقيق الرضا عن حياتهم، فجعلتهم يميلون إلى البحث عن نوافذ تسلية تخفف وطأة هذه الظروف، فأتاحت لهم وسائل التواصل الاجتماعي إقامة علاقة غير جدية وغير مكلفة، يتمتع فيها الشباب بمشاعر الطرف المقابل دون شروط والتزام، متحررين من أحكام المجتمع. ومن سؤالنا لفئات عمرية مختلفة ظهرت الفئة الأصغر سناً تنتهج هذه الطرق من باب الانفتاح والتمتع بوسائل التكنولوجيا الحديثة في المعرفة والصداقة والحب أيضاً، رغم إدراكهم أن الذي يتحدث عبر الإنترنت يختبئ وراء شاشة يستطيع من خلالها قول ما يريد دون أن يكشف صدقه من كذبه، ولكن الحب إحساس ويمكن أن تصلهم روح المحبوب قبل رؤية شكله.

قناعات بالحب
تبقى القناعة هي الأساس في هذه المواضيع، فالتاريخ مليء بالحب الحقيقي، وتغنى الشعراء بجمال المحبوب وروحه وصفاته، كما جسدوا حالات الحب وحالة العاشقين من الوله والهيام والإخلاص والوفاء إلى آخر العمر، وأحياناً المرض والموت على فراق المحبوب، لكن اليوم تغيرت المعايير، كما تغير العالم، وتغير معنى الحب ليكون بكبسة زر و “أون لاين”.

فاتن شنان