هوس «السيلفي» يقتحم عالم الشباب … هل يدل على الإصابة باضطراب وخلل عقلي؟

هوس «السيلفي» يقتحم عالم الشباب … هل يدل على الإصابة باضطراب وخلل عقلي؟

شعوب وعادات

الاثنين، ٢٥ يناير ٢٠١٦

وائل العدس
من دون مقدمات وعلى نحو مفاجئ، اجتاحت صور «السيلفي» مواقع التواصل الاجتماعي ومازالت لتصبح ظاهرة رائجة تزين صفحات روادها.
و«السيلفي» عبارة عن صورة شخصية يقوم صاحبها بالتقاطها لنفسه ومن ثم يقوم بنشرها على الشبكات الاجتماعية لتسجيل حضوره في مكان مُعين أو إلى جانب أشخاص مُعينين، أو حتى للتعبير عن حالة نفسية مُعينة، وعادة ما تكون صوراً عفوية عبر الإمساك بآلة التصوير وتوجيه الكاميرا إلى الوجه.

أول صورة
صورة «السيلفي» لم تكن اكتشاف هذا القرن، بل سبقها بذلك صورة بالأبيض والأسود في عام 1926 التقطت لزوجين بريطانيين يمسكان بأداة مثل عصا «السيلفي»، ويصوران نفسيهما في شارع «وارويكشاير»، حيث كانا يعيشان بعد عام واحد فقط من الزواج.
الصورة عثر عليها في ألبوم عائلة الحفيد «آلان كليفر»، وقال: إنها تخص جده، الذي كان عازف بيانو في الأفلام الصامتة، وقال: «لقد كانت هذه الصورة دائماً المفضلة للأسرة».
وأضاف إنه كان يتمنى لو أن جدّه سجّل براءة استخدام هذه الطريقة في التصوير باسمه، لكان وقتها قد حقق ثروة طائلة، إلا أنه أعرب عن سعادته لكون الصورة انتشرت عالمياً، الأمر الذي كان سيسعد جدّه بالتأكيد، لو أنه كان على قيد الحياة.
ولايزال «آلان» حتى الآن لا يعرف كيف استطاع جدّه تركيب الكاميرا على العصاة بهذا الشكل، والتقاط هذه الصورة الفريدة، لأنها الصورة الوحيدة من هذا النوع التي تمتلكها العائلة.
في السياق نفسه، قدم معرض «ناشونال غاليري» في واشنطن صوراً ملتقطة في القرن التاسع عشر للفرنسي شارل مارفيل من بينها صورة التقطها لنفسه.
وفي لندن، وجهت «ناشونال بورتريت غاليري» نداء للحصول على صور «سيلفي» في إطار طاولة مستديرة مكرسة لهذه الظاهرة تقيمها في 16 كانون الثاني، ويقول المنظمون: إن الدوقة الكبيرة الروسية اناستازيا هي من أول المراهقين الذين التقطوا صوراً لأنفسهم، فقد حصل ذلك في عام 1914 وكانت يومها في الثالثة عشرة لكن لم تكن خدمات فيسبوك وتويتر متوافرة حينها لتشاطر الصورة.

هوس السيلفي
الصورة الملتقطة ذاتياً معروفة منذ قرون إلا أن التكنولوجيات الجديدة والكاميرات التي تجهز بها الهواتف ووصلها بشبكات التواصل الاجتماعي، أكسبتها شهرة وبعداً كبيراً جداً.
فمع اقتراب نهاية عام 2013، اعتبر قاموس أوكسفورد الإنكليزي المرجعي تعبيراً سيلفياً «كلمة العام» وأعطاها تعريفاً مفاده «صورة ملتقطة ذاتياً بوساطة هاتف ذكي أو ويب كام وتنشر على موقع للتواصل الاجتماعي».
ويعتبر محرك البحث «ياهو» أنه في عام 2015 ستلتقط نحو 880 مليار صورة أي 123 صورة لكل واحد من سكان الأرض. ويتوقع أن يكون الكثير منها من نوع «سيلفي».
وفي بريطانيا أشارت دراسة طلبتها شركة «سامسونغ» الكورية الجنوبية لصناعة الهواتف أن 17 بالمئة من الرجال و10 بالمئة من النساء يلتقطون صور «سيلفي»، لأنهم يرغبون في أن تكون لديهم صور جميلة لأنفسهم.
و«سيلفي» ساهمت في شهرة العديد من الأشخاص حسب الحالات التي قاموا بالتصوير فيها.
فهناك تلك الشابة التي التقطت لنفسها صورة على جسر بروكلين في نيويورك فلم تكن لتتصور أنها خلدت أيضاً محاولة انتحار في خلفية الصورة، وقد نشرت على الصفحة الأولى من مجلة «نيويورك بوست».

على نقيضين
يقول البعض: إن السيلفي عملية تتوسع في المجال الاجتماعي-الافتراضي، وفكرة أن يلتقط الشخص صورة لنفسه خلال رحلة إلى الخارج أو خلال حدث ليقول (لقد كنت هناك) أمر أناني مثل المرحلة التي نمر فيها.
وتشير دراسة إلى أن انتشار هذه الظاهرة بشكل واسع وحاد في صفوف بعض الشباب، قد يشير إلى الإصابة باضطراب عقلي لدى مدمنيها. عندما يتجاوز الأمر إلى أن تصبح حالة مزمنة، وهو ما قد يرتبط بنوع من النرجسية المرضية، والغريب لما أشارت إليه الدراسة أن نسبة مدمنيها تصل إلى 17% في صفوف الرجال في حين لا تتعدى 10% في صفوف النساء.
وأكدت الجمعية الأميركية للطب النفسي ما راود الكثيرين من شكوك عندما أعلنت أن التقاط الصور الذاتية ربما يعبر في الحقيقة عن خلل عقلي.
وأطلقت الجمعية على هذا الخلل «سيلفيتيس» وعرَفته بأنه «رغبة هوسية في التقاط الصور للذات ووضعها على مواقع التواصل الاجتماعي لتعويض نقص في تقدير الذات ولملء فراغ في مساحة العلاقات الحميمة لدى المريض.
بالوقت نفسه يؤكد آخرون أن هذه النوعية من الصور تفيدنا في ثلاثة أمور أولها أنها تعبر عن آرائنا، وثانيها أنها تزيد ثقتنا بأنفسنا، أما الثالثة فإن الصور لم تعد للذين يتأنقون (في كثير من الحالات، يرتدي الناس أحسن الملابس، ويتجملون، ليصورهم مصور).
لكنها بالنهاية تُؤخذ ببساطة ومن غير تكليف، وليست إلا محاولة لتجسيد حاضر سيغدو ذكرى جميلة بعد دقيقة من تحميل الصورة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى طابعها الكوميدي أحياناً، فكثيراً ما تتسم بالبساطة وحلاوة الروح، حيث إنها بلا تصنع أو تكلف أو حتى محاولة تحسين لها.
فهل نتحسر على يوم كنا نلتقط فيها صورة لصديق ونرسل له نسخة عنها مع إطار؟.

أهم الاختراعات
تنتشر عصا السيلفي بسرعة كبيرة في العالم، واكتسحت الأسواق مؤخراً وتحولت إلى أداة أساسية وضرورية لكل عشاق التقاط الصور، وتحديداً خلال الاحتفالات والتجمعات، وهي عبارة عن عصا إلكترونية ترتبط بالهاتف عن طريق البلوتوث وتلتقط صور «السيلفي» عن بُعد.
وكتبت مجلة «تايم» إن العصا تعتبر أحد أعظم اختراعات عام 2014، وقد نشأت فكرتها في آسيا، وتتمتع حالياً بشعبية كبيرة في الصين وكوريا الجنوبية.

دراسة أكاديمية
افتتحت كلية «سيتي ليت» تخصصاً جديداً يخص تعليم مهارات التقاط صور «السيلفي» حيث يتضمن دروساً ومحاضرات وندوات حول كيفية التقاط الصور الذاتية باحترافية.
كما تتم دراسة وتقييم الصور الذاتية «السيلفي» التي يلتقطها المشاهير وينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وسيكون على الطلاب المشاركين في البرنامج مشاهدة الصور الذاتية التي التقطوها من قبل، ومقارنتها بالصور التي سيتم التقاطها خلال الفترة التي سيستفيدون فيها من الدورة.