البخلاء... هكذا تتعرفون إليهم بثوان!

البخلاء... هكذا تتعرفون إليهم بثوان!

شعوب وعادات

الاثنين، ١١ يناير ٢٠١٦

 قد تعرفونه من حركات بسيطة نافرة تفضحه... فيما آخرون لا ندركهم إلا بعد معاشرة طويلة الأمد.
يتّفق الجميع، باستثناء المعنيين بالامر طبعا، على أن البخل من أسوأ الصفات التي يمكن ان ترتبط بأيّ كان، ومتى التصقت بشخص رافقته حتى الرمق الأخير.

عانت صديقتي رانيا الامرّين من رجل خرجت معه حوالى 5 مرات طوال 4 أشهر، في البداية كانت تظنّ انه كثير الانشغال، الا ان الايام كانت كفيلة بتبيان الواقع. في المرات الخمس، كان يتّهمها بأنها تأكل كثيرا، "اسمالله عليك، عندك شهيّة كبيرة عالأكل" ، كان يقول، كما انه متى خرجا كانا يذهبان إلى أقرب مطعم من منزلها، "لأن البنزين غليان هالإيام".

ربى عايشت هي الأخرى، شابا يتّصف بالبخل، تضحك كلما تذكّرت ما الذي كان يحصل معها، تروي "كان يحبّ كتير الفلافل حتى عالعشاء"، ومتى طالعته بأنها تفضّل مكانا معيّنا لتناول العشاء هذه الليلة، كان يقول لها "إنتي عازمتيني؟". لغبائها كانت غالبا ما تذعن، ولبخله لم يستحٍ يوما، حتى يوم أهداها في عيد الحبّ وردة تآكلها اليباس، وأصرّ على تأجيل العشاء من 14 شباط إلى الـ21 منه، لأنه يكره صخب الاحتفالات!!

قصص كثيرة نسمعها أو ربما نختبرها مع اناس يعيشون في قلق مستمر من خسارة المال رغم عدم اعترافهم بذلك، فما الذي يجعل منهم بخلاء؟ أهي التربية أم المحيط الذي يتربّون في كنفه أو محطات معيّنة في حياتهم؟

توضح المعالجة النفسية ألين حسيني أن البخل هو وليد العوامل الثلاث المذكورة، اذ إن الطفل يتأثر في المرحلة العمرية ما بين السنة والنصف والـ4 سنوات بعائلته، فمتى تمّ ربط أي حاجة يقوم بها بمكافأة مادية معيّنة على اختلاف أنواعها، بات ذلك مقدّمة لآثار سلبية على شخصيته. كما أن مشاهداته داخل منزله لها وقع كبير على طباعه، فإذا عايش الولد ضائقة مالية مع عائلته في فترة من الفترات أم أنه تربّى على أمثلة عن الادخار المبالغ به، استباح البخل شخصيته.

إلا أن البخيل، ليس فقط ذاك الذي لا يكفّ عن تعداد امواله، ويجعلها محور حياته، إنما البخل أيضا يتعدى ذلك إلى العواطف.

تشرح حسيني ان البخل نجده ايضا بأشكال مختلفة، منهم من هم بخلاء بعاطفتهم تجاه الشريك، كما بالنسبة للعلاقات الجنسية، فيما هناك آخرون بخلاء بإعطاء المعلومات.

غير ان مجتمعنا فرض أشكالا غريبة من البخل لن نجدها إلا بين جدران المنازل، إذ تجدون أناسا يقدّمون مساعدات لجمعيات ويسهرون ويركبون أفخم السيارات، فيما يبخلون على أولادهم بأبسط الحاجات.

من الحالات الغريبة التي صادفتها حسيني والتي تشكل بخلا مرضيا، هي امرأة عانت في طفلوتها جراء الفقر الذي رزحت تحته مع عائلتها، فتربّت على وجوب أن تأكل كلّ ما يُقدّم لها في الخارج، فتوفّر بالتالي مصروفا منزليا. إلا ان هذه العادة رافقت السيدة حتى يومنا هذا، فباتت تتنقل من غداء إلى عشاء، حتى باتت مشكلتها مضاعفة: بخل وسمنة مفرطة.

وكي لا نظلم الجميع، لا بدّ من الإشارة إلى انه ليس كلّ من يقتصد أو ينظّّم مصروفه بشكل عقلاني يكون بخيلا، فالفرق بين الاثنين شاسع، كما ان الكرم متى زاد عن حدّه وجبت معالجته أيضا. متى أفرطّتم بأي شيء، اعلموا انكم أصبحت في دائرة الخطر، غير أن الحقيقة تبقى واحدة: الهرب من البخيل واجب في بعض الأحيان، لا بل ضرورة!